أمّي !

تحرص أمي على تغطية كافة جسدها في المنزل
إدعاءا بالخجل من التعري
وحين الخروج
تزيد عدد طبقات ردائها
كلما ثَقُل جلبابها.. كلما شعرَت بالخفة

واليوم تكشّف لي جسدها
حين أسندتها زحفا إلى حوض الاستحمام
حيث خارت قواها في مچابهة
المرضِ المؤقت والقلق الدائم

رأيت آثار قبضة أبي حول عنقها
وآثار أصابعه أعلى ذراعيها إثر لكماته المتكررة
هذه الخدوش في كل أنحاء صدرها
هي كلماته القاسية
أما عن هؤلاء في ظهرها
فحديثه السيء عنها أمام الغرباء

لديها ندبتين في ثديها الأيسر إثر استئصال أورامٍ عادت تنهش مجدداً
وحروقاً أعلى ظهرها تسببت فيهم جدتي
وانعدام رحمتها
في قلبها رتوقاً لم أنته من عدهم
بعضهم يقرب عمره من عمر أمي
يحكي ما آسته في صغرها

هذا خرقٌ في قلبها صنعته أنا
يوم كتبت في مذكرتي أني أبغضها
هذا الجرح فوق رحمها
عمره خمس وعشرون عاما
تجدد ست مراتٍ
وترك فجوة في منتصف قلبها
حين وفاة أخي الأصغر
وذاك الجرح لم ينضب منذ موت أبيها

حول قدميها يلتف حبلان
أحدهم موصولٌ بيد أبي
والآخر بقبر أبيها
تكشف لي جسد أمي اليوم
وتكشفت جراحها
وأسباب خجلها من التعري.