قصة طريفة لأديب أصبح معلما /علي الطنطاوي - منتديات قلب فلسطين
 
آخر 10 مواضيع
الرد على مقال ما هو الإفساد الأول والثاني لبني اسرائيل الذي ذكر في القرآن
الكاتـب : -
الهجر فى الإسلام
الكاتـب : -
الأشهر الحرام فى الإسلام
الكاتـب : -
الشَفَةٌ في الإسلام
الكاتـب : -
الشؤم فى الإسلام
الكاتـب : -
التحية في الإسلام
الكاتـب : -
الغد فى الإسلام
الكاتـب : -
القضاء في القرآن
الكاتـب : -
روعات الكون تتتألق بكلام😊
الكاتـب : -
الرد على مقال هل الجن والشياطين يسكنون البحار ؟
الكاتـب : -


 
 
العودة   منتديات قلب فلسطين > الأقسام الأدبية > الروايات والقصص القصيرة
 
 

الروايات والقصص القصيرة بين الحقيقة والخيال مشاهد، نسجتها يد قاص، تحكي لنا تفاصيل الحكاية

 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
#1  
قديم 02-04-2021
قطر الندى غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Female
اوسمتي
21 
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 1589
 تاريخ التسجيل : Dec 2020
 فترة الأقامة : 1747 يوم
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (07:49 PM)
 المشاركات : 20,346 [ + ]
 التقييم : 3941
 معدل التقييم : قطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond reputeقطر الندى has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
images/icons/21s.gif قصة طريفة لأديب أصبح معلما /علي الطنطاوي



قلت لصديق لي أديب: إني لأقرأ لك منذ عشر سنوات، فما رأيتك أسففت إسفافك في هذه الأيام،

وإني لأشك أأنت تكتب ما تكتبه، أم يجري به قلمك وأنت نائم، فتأخذه فتضع عليه اسمك؟

فماذا عراك أيها الصديق فأضاع بلاغتك ومحا آيتك؟

قال: دعني يا فلان دعني… فإن سراج حياتي يخبو، وشمعتي تذوب،

وما أخالني إلا ميتا عما قريب، أو دائرا في الأسواق مجنونا… انتهيت…

بعت رأسي وقلبي برغيف من الخبز.

قلت: أربع عليك أيها الرجل وأخبرني ما بك، فلقد والله أرعبتني.

قال: وماذا بي إلا أني معلم. إني معلم في مدرسة ابتدائية..

نهاري نهار المجانين، وليلي ليل القتلى،

فمتى أفكر، ومتى أكتب، وأنا أروح العشية إلى البيت مهدود الجسم، مصدوع الرأس، جاف الحلق،

فلا أستطيع أن أنام حتى أقرأ مئة حماقة، وأصحح مئة كراسة،



فأعمي عيني بقراءتها، والإشارة إلى خطئها، وبيان صوابها، وتقدير درجاتها،



فإذا انتهيت من هذا كله –ولا يقرأ تلميذ من كل هذا شيئا، ولا ينظر فيه- عمدت إلى دفتر تحضير الدروس، وهو الموت الأحمر، والبلاء الأزرق، الذي صبَّ علينا هذا العام صبا،

فكتبت فيه ماذا أنا فاعل غدا في الفصل، دقيقة دقيقة، ولحظة لحظة…

وماذا أنا قائل من كلمة، أو مقرر من قاعدة، أو ضارب من مثل،

حتى إذا بلغت آخر كلمة فيه، استنفدت آخر قطرة من ماء حياتي، فسقطت في مكاني قتيلا،

فحملت إلى السرير حملا.. فنمت نوما مضطربا تملؤه الأحلام المزعجة، والصور المرعبة،

فأحسُّ كأن أمامي ركام الدفاتر التي سأصححها غدا، فلا أنجو منها حتى أبصر المفتش يتكلم من فوق المآذن،

فلا يدع قاعدة من قواعد التربية، ولا نظرية من نظريات التعليم، ظهرت في فرنسا أو إنكلترا، إلا أرادني على تطبيقها، في فصل فيه سبعون تلميذا

قد حشيت بهم المقاعد حشوا، وصفوا على الشبابيك، ووضعوا على الرفوف،

مما لا يرضى عنه منهج من مناهج التربية، ولا قانون من قوانين الصحة،

فإذا انمحت هذه الصورة، رأيت كأني أفهم تلميذا وهو يصغي إليّ ولا يفهم،

فأكرر وأعيد فلا يفهم،

فأقوم إليه أنظر ما يصنع، فإذا هو منصرف إلى دبيرة (زلقطة) يربط رجلها بخيط.

فإذا شتمته أو أخرجته من الفصل، ذهب يستنجد القانون فينجده القانون الذي حرم العقوبات كلها، وكفّ يد المعلم، وشدّ لسانه بنسعة…



ولا أزال في هذه الأحلام تنوء بي، فأتقلب من جنب إلى جنب،



أحس كأن رأسي من الصداع بثقل أُحُد، حتى يصبح الله بالصباح، فأفيق مذعورا أخشى أن يسبقني الوقت،

فلا أدري كم ركعت وكم سجدت، ولا كيف أكلت ولبست،

وأهرول إلى المدرسة لا أستطيع التأخر ولو طحنتني الأوجاع، أو أحرقتني الحمّى،

لأن المعلم لا يسمح له القانون أن يمرض في أيام المدرسة، وعنده أربعة أشهر ((عطلة الصيف)) يستطيع أن يمرض فيها،

فإذا خالف ومرض، حرم الراتب ومنع العطاء (كان هذا قانون تلك الأيام)!

أغدو إلى المدرسة، فأدخل على تلاميذ السنة الثالثة الأولية، وهؤلاء هم تلاميذي، لم يجدوني أهلا لأكبر منهم…

فلا أنفك أقطع من عقلي لأكمل عقولهم، وأمزّق نفسي لأرقّع نفوسهم، ثم لا أفلح في تعليمهم ولا أنجح في تفهيمهم،

ولا أدري من أين السبيل إلى مداركهم، فأنفق ساعة كاملة، أقلِّب أوجه القول، وأستقري عبارات اللغة، لأفهمهم كيف يكون (الاسم هو الكلمة التي تدل على معنى مستقل في الفهم وليس الزمن جزءا منه)

فلا يفهمون من ذلك شيئا، ولا أقدر أن أطرح هذا التعريف السخيف أو أستبدل به،

فأهذي ساعة ثم أقول: من فهم؟

فيرفع ولد أصبعه. فأحمد الله على أن واحد قد فهم، وأقول:

قم يا بني بارك الله فيك، فأخبرني عن معنى هذا التعريف.

فيقول: يا أستاذ هذا داس قدمي.

فأصيح به: ويحك أيها الخبيث! إني أسألك عن تعريف الاسم، فلماذا تضع فيه قدمك؟

ألم أقل لكم أن هذه الشكاوى ممنوعة أثناء الدرس؟

فيقول: ولماذا يدوس هو على رجلي!؟

فأصيح بالآخر: لم دست على رجله يا شيطان؟

فيقول: والله لقد كذب، ما دست على رجله ولكن هو الذي عضُّني في أذني.

فأغضب وأصرخ في وجهه: وكيف يعضّك وأنا قاعد هنا؟

فيقول: ليس الآن، ولكنه عضّني أمس.

ويتطوع العفاريت الصغار للشهادة للمدعي والمدعى عليه، ويزلزل الفصل،

فأضرب المنصة بالعصا، وأسكتهم جميعا مهددا من يتكلم بأقسى العقوبات،

ولا أدري أنا ما أقسى العقوبات هذه؟…

فيخنسون ويُبْلسون فأعود إلى الدرس فإذا هو قد طار من رؤوسهم، على أنه ما استقر فيها قط!

وينفخ في الصور، فتقوم القيامة، ويخرج الأولاد إلى الفرصة، ثم ترجع إلى درس القرآن. فأقول:

من يحفظ سورة الفاتحة؟

فيتصايحون: أنا… أنا… أنا.

سكوت! واحد فقط… اقرأ أنت.

الحمد لله رب العالمين… إياك نعبِد.

فأقول: إياك نعبُد.

فيقول: نعبِد.

ويحك: نَعْ بُ د.

فيقول: نَعْ بِ د.

انتبه يا بني: نَعْ بود.

فيقولها.

حسن. قل نعبُد.

فيقول: نعبِد.

فلا نزال في نعبُد ونعبِد حتى ينتهي الدرس.

ولا يلفظونها إلا بالكسر لأنهم حفظوها من السنة الأولى خطأ.

* * * * * * * * * *

ولا أزال في هذا البلاء بياض نهاري، ولا يأتي المساء وفيَّ بقية عقل، أو أثر من قوة،

ثم لا أنا أرضيت الوزارة، ولا أنا نفعت أبناء المسلمين، ولا أنا انصرفت إلى مطالعاتي وكتاباتي.

وهذه مكتبتي لم أدخلها منذ أول العام الدراسي،

وهذه مشروعات المقالات والبحوث التي أكتبها،

وهذه مسوَّدات الكتاب الجديد الذي أؤلفه مبثوثة في جوانب الغرفة، ضائعة مهملة.

أفتلومني بعد، على أني لا أجوِّد في هذه الأيام؟

قلت: هذه والله حالي فلست ألومك، فرَّج الله عني وعنك!





من كتاب من حديث النفس
علي الطنطاوي





آخر تعديل قطر الندى يوم 02-04-2021 في 10:09 AM.
رد مع اقتباس
 
 
 



جديد مواضيع قسم الروايات والقصص القصيرة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اعتقال 14 معلما في تركيا بسبب مباراة كرة "ترفيهية"! مُبتسِم عجائب وغرائب 7 08-16-2022 05:13 AM
[ مملآكك آلححب سسجينةة ققلب فلسسطينن ] بنت أبوي النقاش والحوار 20 07-20-2019 07:52 PM
من اروع ما كتبه الطنطاوي👍 نقاء مقتطفآت عآمة 15 04-09-2019 09:49 AM
صور لأحدث تصاميم أثاث غرف النوم نبض لمسات منزلية 18 10-11-2016 08:16 PM
صور طريفة لحيوانات تبتسم دفء عالم الحيوان والنـبات 10 07-26-2016 09:29 PM


الساعة الآن 07:50 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.