تاج النور
وهذا التاج من نصيب والدي حافظ القرآن، نعم إنها كرامة وحفاوة لولدهما الذي حفظ كلام الله وعمل به، وتكريما لهما لأنهما دفعا ولدهما لحفظ كتاب الله، وقد يكونا جاهلين أميين، ولكن فضل الله تعالى ليس له حد، فعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَتَعَلَّمَهُ وَعَمِلَ بِهِ أُلْبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجًا مِنْ نُور ضَوْءُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَيُكْسَى وَالِدَيْهِ حُلَّتَانِ لَا يَقُومُ بِهِمَا الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَا كُسِينَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ» ) ([1]). تأمل رحمك الله في عبارات الحديث حين قال الوالدان: (بما كسينا هذا)؟ فهما لم يستطيعا كتم فرحتهما وبهجتهما بهذا التاج المبهج، فاستفسرا بما كسينا هذا؟ لعلمهما أنهما لا يستحقان هذا الثواب العظيم، وأنهما ليسا من حفظة كتاب الله، فكان الجواب (بأخذ ولدكما القرآن)، ما أعظمها فرحة، وما أجزله من ثواب، فما شعورك إذا رأيت والديك يلبسان هذا التاج يوم القيامة وهما فرحان أشد الفرح؟ فكيف سيكون فرحك؟ وكم ستبلغ سعادتك إذا كنت أنت سبب فرحهما؟ فإن استطعت أيها الابن البار أن تُلبس أبويك تاج النور وتكسيهما حلتين يوم القيامة لا يقوم لهما الدنيا فافعل، فمِن أعظم البر لوالديك وأفضل هدية تقدمها لأبويك أن تحرص على أن تلبسهما هذا التاج،
تيجان الشيطان
أما الصنف الثاني من التيجان فإني أعيذك بالله منها، لأنها تيجان شيطانية، يمنحها الشيطان لبعض أوليائه، فيتشرف لها كل شيطان أوقع مسلما في كبيرة من كبائر الذنوب، ولكن من الذي سيحظى منهم بذلك التاج؟ دعونا نسمع ما قاله الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن مخطط إجرامي شيطاني يحدث يوميا ضد المسلمين بالذات. فعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إ «ذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول: من أخذل اليوم مسلما ألبسته التاج، قال: فيجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته، فيقول: يوشك أن يتزوج، ويجيء لهذا، فيقول: لم أزل به حتى عق والديه، فيقول: يوشك أن يبرهما، ويجيء هذا: فيقول لم أزل به حتى أشرك، فيقول: أنت أنت، ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل، فيقول: أنت أنت، ويلبسه التاج» ) ([2]). وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( «إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ. قَالَ: فَيَخْرُجُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَيَجِيءُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَوْشَكَ أَنْ يَبَرَّ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيَجِيءُ هَذَا، فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ» ) ([3]). وتأمل في الحديث تجد أن للشيطان تاجا واحدا فقط، أو نوعا واحد من التيجان، فالحديث يقول: (ألبسته التاج) فهو مُعرف بالألف واللام.