ما بين الكلمة الطيبة والخبيثة !

ما بين الكلمة الطيبة والخبيثة!

الكلمة الطيبة لها سحر عظيم على القلوب، كما أن الكلمة الخبيثة لها أثر بغيض على النفوس، وأخص بالذكر كلمة "شكرًا" تلك الكلمة التي فيها من الأدب والأخلاق ما لم تبلغها كلمة من قبل، فهي تهون عليك، وتشجعك للأفضل، وتمنحك الكثير من الطاقة، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله! لذا فلنجعل ألسنتنا عامرة بها، واحرصوا إذا ما احتجتم إلى حاجةٍ ما بأن يكون طلبكم مؤدَّبًا، زينوه بكلمات لطيفة أمثال: "لو سمحت، من فضلك، إذا تكرمت، كل الاحترام، وغيرها".
أما في شأن الكلمة الخبيثة فيطول الحديث، ولنا به وقفة مسترسلة، ولنورد في بدايته العديد من الأمثلة، والحث على تفاديها، والنصح الطيب في شأنها:

عندما ترى فتاة بدينة الجسم، فإنها لا تحتاج على الإطلاق بأن تخبرها بذلك، لأنك حتمًا ستكسر بخاطرها، فمن الأفضل أن تخبرها بأنها تمتلك جسمًا جميلًا مناسبًا لوجهها، وأنَّها هكذا تبدو أجمل وأبهى.

عندما يسألك أحد ما عن رأيك فيما يلبسه، ليس هناك مبررًا لأن تجيبه بأنه قبيح للغاية، فما علمك أنت بظروفه وإمكانياته المادية، وحتى وإن كانت ظروفه جيدة، لكن هذا ذوقه في اللبس، فليس هناك مبرر لأن تقلل من شأنه على الإطلاق، لذا فمن الأفضل أن تعطي رأيك بإيجابيةٍ بحتة، حتى لو كان يتنافى مع ذوقك، فهذا ليس فيه نفاق أو خداع، إنما هو جبر خاطر.

عندما ترى أحدًا قد ابتلاه الله بالصم أو البكم أو العمى أو العرج أو الشلل أو ابتلاه بعيبٍ خلقي في مظهره، فلا تسخر منه، ولا تمازحه بشأن هذا الخصوص، ولا تعيره بذلك قطعًا، لذا فمن الأفضل أن تدعو له، وتمتدحه، وتخبره أن الله يحبه لولا ذلك لما ابتلاه.

عندما ترى أحدًا قد رسب في امتحانٍ ما، فلا تستهزأ به، وتنعته بالغبي المقصر الذي لا يفهم، فحتى لو كان كسولًا مقصرًا، فما شأنك أنت بذلك؟ والله خلقنا وقد جعل بيننا فروقًا فردية، فربما هذا كان تحصيله، ثم إنك لا تدري ما الظروف التي لعبت دورًا كبيرًا لتحول بينه وبين رسوبه، لذا فمن الأفضل أن تواسيه بذلك، وتخبره أنه في المرات القادمة مع المثابرة ومزيدًا من الاجتهاد سينجح بلا شك.

عندما ترى أحدًا ما قد ارتكب معصية، وكنت على علم كبير بما فعله، فلا تبتزَّه ممسكًا عليه ذلك الممسك، ولا تعيره بها قطعًا، لأنك من المحتمل أن تفتن وتفعل ما هو أمرّ من ذلك وأشد، لذا فمن الأفضل أن تكون له ناصحًا، وأعنه على التوبة والخلاص.

لذا فانتقوا كلماتكم بعناية، وتعاملوا مع الناس بأسلوب لين، وتفادوا الأسلوب السيء الذي ينفر الآخرين منكم، واحذروا أن تقللوا من قيمة الناس، ولا أن تمسوهم بكلمة سوء تؤذي قلوبهم، يقول الرحيم الله: "وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" وذلك لما للكلمة وقع وتأثير على النفس وتأثيرها الذي لا يقل عن تأثير السحر على الروح، يقول الحكيم الله: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" فالكلمة الطيبة صدقة، وجبر الخواطر عبادة نتقرب بها إلى الله، ونذكر ما قاله حبيبنا محمد - عليه الصلاة والسلام - حين قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجاتٍ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة مِن سخَط الله لا يُلقي لها بالًا يهوي به في جهنم سبعين خريفًا".

من كتابي "إنَّها تذكرة".