صباح الخير
كثيراً ما يروق لي من كتابات مع قهوة الصباح .
سأقوم بإضافة بعضها هنا في زاوية خاصة بي :
*
*
اليوم لفت انتباهي هذا المقال الصغير كتبته صبية طموحة
تحاول ان تكون اماً وزوجة ناجحة وفي ذات الوقت
تخشى على طموحها من الموت خلف الجدران
اليكم ما كتبت ولامست من متاعب تواجه معظم " حواء "
*
*
***************************
كوني زوجة وأماً .. أو كوني عاملة !
تخرجت عام 2011 من الجامعة وقد كتب الله لي بعدها أن يكون لي تجربة جيدة في سوق العمل، فقد تدربت بمؤسستين وعملت في ثلاثة مؤسسات أخرى. تدربت في مؤسستي التعاون والغرفة التجارية، ثم عملت في مجلة "تكنولوجست" لمدة ثمانية أشهر، وبعد أن أغلقت أبوابها - قبل أن تعاود فتحها مجدداً - انتقلت للعمل في مركز التعليم المستمر - جامعة بيرزيت لمدة 8 أشهر (عقد - مشروع) ثم عملي الحالي ...كمعلمة في إحدى مدارس القدس ..
وقد كانت هذه الثلاث سنوات كفيلة لأصل إلى هذا الاستنتاج : "كوني زوجة وأماً أو كوني عاملة" ... !
خلال الثلاث سنوات كنت أراقب عن كثب حياة النساء العاملات، خاصة المتزوجات منهن، وقد كنت أراها وفي جميع المؤسسات، عملية "طحن" بجميع المقاييس !
يبدأ يوم الكثير منهن منذ ساعات الفجر الأولى .. حيث يقمن (بالطبخ) قبل الوصول إلى العمل! ثم ترتيب البيت ومساعدة الأطفال على ارتداء ملابسهم وإيصالهم إلى المدارس أو إلى الحضانة، ثم تبدأ ساعات العمل من 6-8 ساعات داخل المؤسسة، ولا شك بأن العمل لدينا وفي جميع المؤسسات يحتاج إلى مجهود جسدي وذهني كبير جداً ..
هل انتهى يومهن ؟
لا ! .. بعد ذلك تعود النساء لتحضير الطعام وتدريس الأبناء ورعاية أمور الزوج وإكمال بعض المتطلبات التي يحتاجها العمل أحياناً .. وهنا حديث عن يوم (اعتيادي) بعيداً عن مرض أحد الأطفال .. أو التزام اجتماعي .. أو مشكلة عائلية .. أو أو ..
كنت أتساءل هل يمكن خوض نقاش مع إحداهن من نوع : (كيف تكوني رومنسية مع زوجك ؟) أو (ما هي أهدافك في العام القادم؟) أو (كيف يمكن زيادة إبداع مولودك الجديد) أو (كيف تدربين أبنائك الصغار على القراءة) أو (كيف تكوني صديقة أبنائك الشباب في هذه المرحلة الحرجة) ؟ أو (ما هي رياضتك المفضلة؟)
سينتهي الحوار بجملة واحدة قبل أن يبدأ (اقعدي يا هند !) .. grin emoticon (بلا رومنسية بلا أهداف بلا إبداع .. بل بطيخ ) ..
في ريعان الشباب grin emoticon كنت أقاتل لأجل فكرة العمل .. ولكن ربما كانت ردة فعلي مصدرها أمر آخر .. وهي محاولة قولبة المرأة بمهمة أو مهنة محددة وهي أن تكون (ربة منزل) .. أو الاشتراط عليها بأن تترك عملها في حالة الزواج من قبل عدد كبير من الرجال .. وفي ذلك طمس للهوية والحرية الشخصية بنظري ! ..
لا زلت مع حرية المرأة في اختيار مسارها في الحياة تماماً كالرجل .. مسارها أياً كان .. ولكنني أصبحت أنظر إلى موضوع (العمل) بنظرة مختلفة ..
فالعمل بالشكل الحالي لم يعد وسيلة لتحقيق الذات .. كما أن الانحصار بالبيت له أثاره السلبية أيضاً !
الإشكال الحقيقي هو انحصارنا في الثنائيات وفي معالجة أعراض المرض بدل النظر إلى المشكلة الحقيقية ..
فالسؤال الذي يتم مناقشته مراراً وتكراراً (أيهما أفضل أن تعمل المرأة أو أن تكون زوجة وأماً؟)
أو الزج بالمرأة داخل بوتقة السؤال الذي يقوم على التهديد (يعني بدك تتركي ولادك وتروحي تشوفي حالك .. لي تصيري أم أصلاً !) ..
ما هو إلا نقل للمشكلة الحقيقة والمركزية واختزالها في سؤال مُحيّر يضع المرأة بين إما .. أو ! ( إما فطرتك أو طموحك) ..
ما هو إلا حصر المشكلة في المرأة المسكينة بدل مناقشة (المشكلة الجوهرية) ألا وهي (طريقة عمل المؤسسات) ذات نفسها !
(طريقة .. عمل .. المؤسسات) ضعوا ثلاثة أسطر !
أستغرب ..
- كيف يضع البشر قوالب .. يخضعون أنفسهم لها حتى لو كانت على حساب أنفسهم وطاقتهم الجسدية والنفسية ..
- كيف تقوم مجتمعات تقدّس مفهوم (الأسرة) بنقل نفس طريقة وأسلوب العمل في المؤسسات الأوروبية إلى مجتمعاتها وربما بطريقة أسوء !
- كيف قمنا بتبني مفهوم المساواة (الغربي) الذي يعامل المرأة بنفس الكيفية التي يعامل بها الرجل ولم نتبنى مفهوم (العدالة) الذي يعطي لكل حق حقه بما يتناسب مع طبيعة مهامه في الحياة ..
- كيف نتقن سياسة (الكوبي) (بيست) في هيكلية وطريقة عمل مؤسساتنا.. دون أن نفكر ولو للحظة بـ :
(كيف يمكننا استثمار طاقات النساء ببناء هذا المجتمع الهزيل الذي يحتاج إلى كل ساعد وقلب حي .. دون حرمانهن من نعمة الاستمتاع بأن يكن زوجات وأمهات؟)
- كيف تنفق آلاف الدولرات على ديكور المؤسسات دون التفكير بعمل (حضانة) للأطفال داخلها لأجل أن تكون العاملات مطمئات على أبنائهن خلال فترة العمل ..
- كيف لا يفكر أرباب الأمول .. بأن ابنها هو ابني وابن المجتمع .. بعيداً عن الجشع المادي .. الذي يهدف إلى امتصاص دم العامل إلى آخر رمق .. بعيداً عن حياته الشخصية وأدواره الأخرى في الحياة ؟
- أي شريعة التي فرضت أن يكون نظام العمل بـ (8) ساعات واعتبارها كمسلمة سنكمل عليها حياتنا حتى زوال هذه الأرض ومن عليها ؟
لا أدعي بأن هذه المشكلة هي مشكلة المرأة فقط .. بل مشكلة يواجهها الرجل أيضاً .. مشكلة يواجهها مجتمع مقهور بأكمله ..
ولكن كل مقالي السابق ما هو إلا محاولة ..
للخروج من ثنائية (أيهما أفضل أن تعمل المرأة أو أن تبقى في البيت ؟) ..
إلى سؤال كيف يمكن للمرأة أن تكمل طموحها دون أن تحرم من أن تكون زوجة وأم أيضاً .. وكيف للمجتمع أن يساعدها على ذلك ؟
ما هو إلا محاولة للفت الانتباه بأن المشكلة ليست مشكلة عمل المرأة أو طموح المرأة.. بل مشكلة النظام والطريقة التي تعمل به مؤسساتنا العظيمة المستنسخة !
ما هي إلا دعوة لترك المرأة المسكينة (بحالها ).. والالتفات إلى المرض الحقيقي .. والبدء بالتفكير بحل يجعلنا نستثمر كل إبداع وكل طاقة صادقة ..
آلاء سامي
16-12-2014
مما تصفحت ..