09-19-2018
|
|
|
|
غزة حزينة لكن ليس بهذا الوهل ..
في غزّة لا أجد لي متنفّسًا إلا شاطئ البحر ، أجلس على " الكورنيش " ليلًا بعد العاشرة مساءً سواء مع زوجتي أو مع أصدقائي حتى منتصف الليل أو قريبًا من الفجر ..
لا تروق لي المطاعم الفارهة ولا الأماكن ذات السيط المعتبر ، لا أحبّ " الديرة "ولا الـ " ليڤل آب " ولا الـ " لايت هاوس" و لا " الرووت " و لا ولا .. إلخ ؛
ليس الأمر ماديًّا أبدًا لكن أحبّ الحريّة في المجلس ، أستمتع جدًّا بالبساطة ، على المقعد الإسمنتي أجلس بعد أن أخلع حذائي الرياضي ؛
أتربّع وأطلب من صاحب البسطة الذي بجانبي فنجان القهوة الذي ثمنه 1 شيكل ؛
وأخرج قطعة الشوكولاته من جيبي و أجلس لساعات تحت عتمة الليل التي لا تنيرها الكهرباء المقطوعة ..
هناك بعد العاشرة مساءً - عدا يومي الخميس والجمعة المزدحمين - أقرأ غزًة بكلّ حروفها ،
شاطئٌ معتمٌ وبحرٌ هدّار ، فسهلٌ رمليّ مزدحمٌ جدًّا بالكافتيريات ؛ فساحة خالية فتلٌ مرتفعٌ مكدّس بالمقاعد الإسمنتيّة
التي تكتظّ حولها بسطات " كارات أو أكشاك " المشروبات الساخنة ، أغلب العاملين بهذه البسطات خريجين و متعلّمين ينشدون طيلة اليوم 15 شيكلًا " 4 دولار "
لعلّ وعسى تقيهم من قهر الفقر و مذلة الحصار وظلم ذوي القربى!!
يُحزنني أن أقرأ على هذه البسطات جملًا كـ " مش شغلتنا لكن أحسن من قعدتنا "
لتجد من يعتاش منها أحد خريجي الحقوق أو التمريض أو الكليات الساميّة !!
كما وأتأمّل بائع " الذرة المسلوقة " على الحطب وهو يحاول إقناعي أن حبّة الذرة " كوز الذرة " نوعان : واحد بـ 1 شيكل والثاني بـ 2 شيكل!!
ويجتهد ليقنعني أنّ هناك فرقًا بينهما بالحجم رغم عدم وجوده!! يجتهدون للرزق كلّ إجتهاد ..
نجلس أنا وأصدقائي هناك حتى الثانية صباحًا ! وتبدأ حكايا العيادات والمرضى حديثنا ،
وننتهي بآلام مجتمعنا و غزّتنا المتذبذبة بين عمالة هؤلاء و بين سذاجة هؤلاء من ولاة أمورنا !!
بعض الجلسات نجلس فيها مدّة قصيرة فقط لا تتجاوز الساعة فنطرد بعضنا البعض بقولة " قوموا انقلعوا شكلكم ما عندكم شيء جديد " !
نعم فلا جديد في حياتنا ؛ مجتمع منهك وإنسان مقهور وكرامة مهدورة و طبقيّة مقيتة ..
لا تكلفنا " شمّة الهواء " هذه سوى بضع شواكل! لكن بها نخضّ الرّوح التي تنهكها الطاقة السلبية المنبعثة من هذا المجتمع المقهور ؛
ومع ذلك نشكر الله على كلّ شيء ..
حزينٌ جدًا على بائع القهوة المتعلّم الذي مكانه الحقيقي مكتبٌ مكيّف وراتب محترم ،
وحزينٌ جدّا على بائع الذرة الذي ينافسه العشرات من أجل التقاط " خشاش " المال وفتات النقود من أجل أن يحاول العيش بعيدًا عن المهانة ،
حزينٌ جدّا على غزة ..
غزة الآن بوضع استثنائي أكثر من أيّ وقت آخر ،
لذلك على الحكومة أن تترك الناس يأكلوا من خشاش الأرض ولا تضيّق عليهم بحجّة المظهر الحضاري للشاطئ أو بحجة القانون ،
وعلينا أن نرحم بعضنا ولا ننهش لحوم الناس التي تنام وتصحو مقهورة مغلولة أيدها ..
لأبقى أردد " الأرض لا يحررها إنسانٌ غير مُحرر " .. والسلام
من أجمل ما قرأت
منقول
آنـاْ رَجُل ذُو ذِقنْ مُهمَلْ يَسكُنْ كوخاً مهجوراً مختبئ بينَ اوجاعهِ أخرسْ وضرير وَلكِنْ عِندَمآ يَكُتبْ قَلمهُ تَصمِتْ العُقولْ
فوق الارض موقتًا .. Oـَسآلَة وَقــتْ ,!
عندما أرى أحداث الدنيا في هذا الزمان ،،
أتخلى عن كثير من الأحلام ، الأمنيات ،، وأتمسك بـِ أمنية وآحد .. ؟
" الجهاد والاستشهاد " : ..
|