كيف كان يتنزل الشعر على محمود درويش؟

عندما سُئل محمود درويش كيف يتنزّل عليه الشعر، قال: ’’سأضرب مثلا عن حالة الكتابة في موضوع تاريخي. لنقل، خروج العرب من الأندلس، أو الهنود الحمر.. عندما كتبت قصيدة عن الهنود الحمر، اضطررت لقراءة ما يفوق 20 كتابًا عن الهنود الحمر، عن نشأة أمريكا، استمعت إلى أغانيهم وموسيقاهم، وأشعارهم، عن نسيجهم الثقافي، وعلاقتهم بالطبيعة، وآلهتهم وبعد أن أجريت هذه الدراسة.."طبعاً هذا لا يكفي لكي يخرج الشعر" -إنني أنتظر اختمار إيقاع موسيقي ما- بعد هذا كله، أنتظر تلك الشرارة، واختمار مستويات البناء، وتحول كل هذه الصور الذهنية في داخلي إلى إيقاع موسيقي. عندئذ فقط، أستطيع كتابة النص الشعري. وأنا لا أستطيع أبدًا الكتابة إلا في ساعات الصباح الأولى، لست من الشعراء الذين يسهرون طيلة الليل، بعكس التصور البوهيمي الرائج عن الشاعر. شخص يسهر طيلة الليل، مصاب بداء السل، ثيابه رثة. لا أستطيع أن أكون هكذا. ذلك أنني لا أعرف، إلى أين قد يمتد بي الانتظار في الليل، وقد ينتهي دون أن أكتب كلمة واحدة".

الشعر بهذا المعنى ليس موهبة وحسب، لكنه مراكمة معرفية ونبوغ في إدراك المشابهات وخلق التناصّ داخل النص الشعري.