هل كان حباً
08-14-2018, 10:30 AM
قبل يومين ..
عدتُ من العملِ متأخراً ، فوجدتُ حبيبتي نائمةً على بلاطِ البيت ، في الفناءِ المطلّ على بابه ، وفي يديها كتابٌ مكتوبٌ على غلافه ، لا تتزوجي من حبيبِك ، وأصابعُ يدِها قد توقَّفَت على صفحةٍ مكتوبٍ فيها :
"في ليالي الثلاثةِ الأشهرِ الأولى سيفترسُكِ إليه ، سيطبعُ على كل شبرٍ في جسدك قبلة ، سيحضنك حدَّ الجنون ، سيخبرُك أنَّه قد نالَ أقصى ما كانَ يحلمُ به ، وفي ليالي الثلاثةِ الأشهرِ الثانية ، سيكتفي بمناداتكِ يا حبيبتي ، وطبعِ بعضِ القبل على وجنتيك ، في الثلاثةِ اللاحقات ، سيخبركِ عن هديتكِ التي ستهديها إليه ، عن وليّ عهدِه الذي لن يختلفَ عنه كثيراً ، حتى تغاري عليهِ من ابنك الذي تحملينه وهناً على وهن ، ستنجبينَ أنتِ المولود ، وسينجبُ هو اهتمامه الذي قد كانَ نصيبَكِ من ذي قبل ، مفارقاً جسدكِ العاطلِ عن العمل مؤقتاً ، ملازماً لرفقته وأصدقائه ، والسهرِ خارجَ البيت ، ستشعرينَ بحينها بخيبةٍ كبيرة ، كشعورِ الآلةِ التي قُطِعتْ عنها الكهرباء .
كبُرَ الطفل ، فأصبحَ حبيبُك الأمسِ ، الذي كان يموتُ فيكِ شوقاً ، يكتفي بمناداتِك : يا مرأة !
وهربَ الدفءُ من حضنه ، وحضرَ مكانَه اللامبالاةُ .
ستكونينَ قد عشتِ أجملَ عامٍ بالتمام ، لتنسيَكِ إياه أربعونَ عامٍ ، أو خمسون ، أو ستون أخرى ، من الكآبةِ والتعاسةِ ، والصراعاتِ الأزلية ، بين ما يريدُ هواه ، وبين ما تريدين .
أتعلمينَ ما المضحكَ بالأمر ؟
أنك ستحاولينَ التمرَّد في بدايةِ الأمر ، وستذهبينَ إلى بيت أبيك ، في محاولةٍ منك لتغيير الواقع الذي تعيشينه ، وستتأرجحينَ بين عيون العائلة المليئةِ بالحنقِ عليكِ ، وعيونِ زوجك اللامبالية ، حتى تختاري الأقلَّ مرارةً ، وتعتادي على البؤس .
أنهيتُ الصفحة ، وأخذتُ الكتابَ من يديها ، بخفَّةِ السارق ، وبحنوّ الأم حملتُها وذراعيَّ تحت جسدها الخفيف ، ووضعتُها على السرير ، وأخفيتُ الكتابَ حتى أعطيَه لبائعِ الذرةِ فينتفعَ منه ، ومن حينها ، وأنا أنادي :
حبيبتي ، أعطني الماء .
حبيبتي ، تعاليْ نجهزِ الفطور .
حبيبتي ، متى تريدين النوم ؟
حبيبتي ، حبيبتي ، حبيبتي !
حتى ملَّتْ حبيبتي من كلمةِ حبيبتي ، وصرختْ في وجهي : ما قصتكَ أنت ؟!
فأخبرتُها بالقصة ، وقلتُ لها : لستُ من أولئك الرجالِ يا حبيبتي ، مهما كبُرتِ تظلينَ فتاتي التي سأظلُّ أحبها ، حتى وإن أصبحتِ عجوزاً بعظامٍ يابسة .
فطفقتْ تضحك بصوتٍ مستفزٍ ، حتى صرختُ في وجهها ، ما المضحك بالأمر ؟!
فأجابت : كانَ الأمرُ مجردَ مسرحيةٍ يا حبيبي ، في الآونةِ الأخيرة ، أحسستُ أنَّ العملَ قد سرقَك مني ، فقلتُ في نفسي : أهرجُ عليه قليلاً ، وأجُسَّ نبضه ، فكنتَ المُحبَّ الذي لا ينفدُ حبُّه ، وكنت الصديقَ الصادقَ الصدوقَ ، المحافظَ على العهد ، الصابرَ على زوجته المجنونة ، أدامَك الله لي ، وأدامني بك .
المسكينة ، حتى هذه اللحظة ، ترى عصافيراً تحومُ حول رأسِها من أثرِ الصفعة ، لكن لا بأس ، فقد اطمأننْتُ أنا واطمأنَّتْ هي أننا لبعضينا ، ولن يُفرقنا مفرّق ، ولا حتى عقد زواج ، أو فكرة كتاب سخيف !
#نبيل_سليمان .
راقت لي فنقلتها لكم
عدتُ من العملِ متأخراً ، فوجدتُ حبيبتي نائمةً على بلاطِ البيت ، في الفناءِ المطلّ على بابه ، وفي يديها كتابٌ مكتوبٌ على غلافه ، لا تتزوجي من حبيبِك ، وأصابعُ يدِها قد توقَّفَت على صفحةٍ مكتوبٍ فيها :
"في ليالي الثلاثةِ الأشهرِ الأولى سيفترسُكِ إليه ، سيطبعُ على كل شبرٍ في جسدك قبلة ، سيحضنك حدَّ الجنون ، سيخبرُك أنَّه قد نالَ أقصى ما كانَ يحلمُ به ، وفي ليالي الثلاثةِ الأشهرِ الثانية ، سيكتفي بمناداتكِ يا حبيبتي ، وطبعِ بعضِ القبل على وجنتيك ، في الثلاثةِ اللاحقات ، سيخبركِ عن هديتكِ التي ستهديها إليه ، عن وليّ عهدِه الذي لن يختلفَ عنه كثيراً ، حتى تغاري عليهِ من ابنك الذي تحملينه وهناً على وهن ، ستنجبينَ أنتِ المولود ، وسينجبُ هو اهتمامه الذي قد كانَ نصيبَكِ من ذي قبل ، مفارقاً جسدكِ العاطلِ عن العمل مؤقتاً ، ملازماً لرفقته وأصدقائه ، والسهرِ خارجَ البيت ، ستشعرينَ بحينها بخيبةٍ كبيرة ، كشعورِ الآلةِ التي قُطِعتْ عنها الكهرباء .
كبُرَ الطفل ، فأصبحَ حبيبُك الأمسِ ، الذي كان يموتُ فيكِ شوقاً ، يكتفي بمناداتِك : يا مرأة !
وهربَ الدفءُ من حضنه ، وحضرَ مكانَه اللامبالاةُ .
ستكونينَ قد عشتِ أجملَ عامٍ بالتمام ، لتنسيَكِ إياه أربعونَ عامٍ ، أو خمسون ، أو ستون أخرى ، من الكآبةِ والتعاسةِ ، والصراعاتِ الأزلية ، بين ما يريدُ هواه ، وبين ما تريدين .
أتعلمينَ ما المضحكَ بالأمر ؟
أنك ستحاولينَ التمرَّد في بدايةِ الأمر ، وستذهبينَ إلى بيت أبيك ، في محاولةٍ منك لتغيير الواقع الذي تعيشينه ، وستتأرجحينَ بين عيون العائلة المليئةِ بالحنقِ عليكِ ، وعيونِ زوجك اللامبالية ، حتى تختاري الأقلَّ مرارةً ، وتعتادي على البؤس .
أنهيتُ الصفحة ، وأخذتُ الكتابَ من يديها ، بخفَّةِ السارق ، وبحنوّ الأم حملتُها وذراعيَّ تحت جسدها الخفيف ، ووضعتُها على السرير ، وأخفيتُ الكتابَ حتى أعطيَه لبائعِ الذرةِ فينتفعَ منه ، ومن حينها ، وأنا أنادي :
حبيبتي ، أعطني الماء .
حبيبتي ، تعاليْ نجهزِ الفطور .
حبيبتي ، متى تريدين النوم ؟
حبيبتي ، حبيبتي ، حبيبتي !
حتى ملَّتْ حبيبتي من كلمةِ حبيبتي ، وصرختْ في وجهي : ما قصتكَ أنت ؟!
فأخبرتُها بالقصة ، وقلتُ لها : لستُ من أولئك الرجالِ يا حبيبتي ، مهما كبُرتِ تظلينَ فتاتي التي سأظلُّ أحبها ، حتى وإن أصبحتِ عجوزاً بعظامٍ يابسة .
فطفقتْ تضحك بصوتٍ مستفزٍ ، حتى صرختُ في وجهها ، ما المضحك بالأمر ؟!
فأجابت : كانَ الأمرُ مجردَ مسرحيةٍ يا حبيبي ، في الآونةِ الأخيرة ، أحسستُ أنَّ العملَ قد سرقَك مني ، فقلتُ في نفسي : أهرجُ عليه قليلاً ، وأجُسَّ نبضه ، فكنتَ المُحبَّ الذي لا ينفدُ حبُّه ، وكنت الصديقَ الصادقَ الصدوقَ ، المحافظَ على العهد ، الصابرَ على زوجته المجنونة ، أدامَك الله لي ، وأدامني بك .
المسكينة ، حتى هذه اللحظة ، ترى عصافيراً تحومُ حول رأسِها من أثرِ الصفعة ، لكن لا بأس ، فقد اطمأننْتُ أنا واطمأنَّتْ هي أننا لبعضينا ، ولن يُفرقنا مفرّق ، ولا حتى عقد زواج ، أو فكرة كتاب سخيف !
#نبيل_سليمان .
راقت لي فنقلتها لكم