ماذا .. قبل رمضان ؟

أيام معدودات ويهل علينا شهر الصيام
ونحن نعبئ له شحنتنا الروحية ،
ونهيئ له زاداً من العبادات ..
نستخرج عيوبنا ، ونقائصنا
وما اقترفناه طوال شهور العام .. من أخطاء
نعد كشفاً بكل سلبياتنا ..
وبكل مآخذنا ، ومواقفنا غير المنصفة تجاه الآخرين ..
نجري عمليات جرد لمخزونات نفوسنا ..
حقائقنا التي أخفيناها طوال عام ..
أو تلك التي تراكم فوقها غبار النسيان ..
ننفض عنها الغبار ..
ونزيح عنها الستار ..
فأما إيجابياتنا ، وما كسبناه ..
فربما لن تحضى بجل اهتمامنا ..
فنحن منهمكون في فرز النقائص هذه الأيام .. !
نضع عندها علامات تحذير ونتركها لبداية رمضان ..
لنبدأ عمليات التطهير .. !
ننتظر ساعة الصفر لننطلق في سباق الخير ..!
آملين أن تذهب الحسنات السيئات ..
حتى إذا أهلّ رمضان علينا ..
شددنا المآزر .. وشحذنا أسنة الخير
وضاعفنا الاغتراف من كنوز الروح ..
وعلقنا ماتعودناه وألفنا اقترافه ..
من أمور أحببناها قد تكون غير مستحبة ..
أو تدخل في باب السلوكيات الخاطئة
على مشجبة النسيان ..
وبالنسبة للكثير هي تأجيل مؤقت ..
حتى ينتهي شهر رمضان ..!!
:
وما إن يهل العيد ..
حتى ينفلت العقال ، وتجمح خيول النفس ..
نغرف من المباح ، ومما نشتهيه حتى التخمة ..
طعام .. ترفيه .. تسلية .. سفر .. حفلات ..
إسراف في كل شيء..
وننسى دورنا تجاه المحرومين..
نعود لنعيش لأنفسنا فقط .. ندللها
ننتزع صمام الامان الذي كان يقيها طوال شهر ...
وننطلق إلى أقصى الحدود .. حدود الحلال ..
ولكن بالمبالغة ندخل في المكروه .. ..
:
ونتساءل :
لم الانتظار من رمضان إلى رمضان كل عام..
لنقوم بالجرد السنوي .. !! ..
ولنفتح على طاولة الحساب كتاب خسارتنا وارباحنا ..؟!!
ماكسبنا وما اكتسبنا ..؟!
لم لانعين على أنفسنا محاسباً دائماً منّا ..
يقف بنا كل زمن ساعة ..
يفتح كشف الحساب ..
ويرينا قائمة بما ابتعناه .. وبما بعناه
وما ربحناه .. وما خسرناه ..!
...
لئلا تأخذنا الغفلة طويلاً ..
فتثقلنا الديون .. ونحن عن هذا غافلون ..!
ولانفيق إلا على حافة الخسران ..!
وقد تكون خسارتنا مبينة .. لاسبيل لتلافيها ..
لأن الوقت قد ضاع ..
والأوان قد فات ..
والعودة إلى الوراء لاسبيل إليها ..
والفرصة التي أفلتناها لكسب قد لاتعود لنا ..
حينئذ يعترينا الندم ..
( ولات حين مندم ) ..!!
:
كم من أشياء لم ننتبه إليها فاتتنا ..
وأموراً تخطيناها، وتجاوزناها ..
دون أن نقف عندها
أو نلتفت إليها ..
أو نتعلم منها ...
كلها تضيع من أعمارنا ..
وتضيف أثقالاً تنوء تحت وطأتها أيامنا ..
كان من الممكن أن نتداركها ..!
...
والعجيب أن معظمنا .. يؤجل محاسبة نفسه إلى رمضان
لأنه شهر الغفران ..!!
يجتهد فيه ليتطهر من أدران العام ..
:
فلماذا لانقتبس من أنوار رمضان ..
مانضيء به مصابيح قلوبنا ..
طوال العام .. ؟!
حتى إذا أدركنا رمضان الآتي استقبلناه
وريح رمضان الماضي لاتزال عالقة بأنفاسنا..
ومصابيح قلوبنا غير مطفأة ..
ونفوسنا خفيفة من الأوزار ..
وأرواحنا عالية متجددة ..!
:
لنقتبس روح رمضان ..
لسائر أيامنا ..
حتى إذا توقفت أيامنا قبله ..
نكون قد عشنا معانيه ..
وكنا معه على الطاعة حتى آخر لحظة..!