مقتبس من روايتي بعنوانها الجديد " شِباك العنكبوت "
مرت أكثر من ربع ساعة، وكل رسائلي بقيت معلقة في الفراغ بلا إجابة. نظرت إلى الشاشة، وكأنني أنتظر أن ينبض الضوء من جديد، أن يظهر اسمها ليؤكد أنها لا تزال هنا. قلت لنفسي ربما انقطع اتصالها، ربما ستعود الآن، ولكن شيئاً في داخلي لم يكن مطمئناً تماماً.
نزلت صفحة المحادثة، أحاول ترتيب أفكاري وسط ذلك الصمت. بدأت أفكر كيف وصلت سكون إلى هذه المشكلة؟ كيف يمكن حلها؟ كلما تأملت حجم الأمر، أدركت أنه ليس شيئاً يمكن تجاوزه بسهولة، يحتاج إلى وقت، إلى تخطيط دقيق، وربما إلى تدخل أشخاص أكثر خبرة.
بعد عشر دقائق عدت إلى الشات، أبحث عنها، لكن الصدمة كانت أن المحادثة الخاصة بيننا اختفت. للحظة، شعرت وكأن كل شيء تبخر، كأن الحديث نفسه لم يكن هنا. هل غادرت سكون بإرادتها؟ أم أن هناك شيئاً آخر أجبرها على ذلك ؟
رغم كل شيء، قررت أن أنتظرها. لم يكن خياراً واعياً بقدر ما كان ضرورة داخلية، رغبة في معرفة بقية القصة، في فهم ما حدث، وربما في محاولة تقديم أي مساعدة. لكن الانتظار لم يكن سهلاً،
في الحقيقة لم أنم تلك الليلة بسببها، حتى إنني ذهبت إلى العمل وأنا منهك تماماً، إذ بقيت طوال الليل أترقبها في الشات حتى الساعة الثامنة والنصف صباحاً، ثم خرجت إلى عملي دون أن أظفر بلحظة نوم، كنت مرهقاً، ليس فقط لأنني لم أنم، ولكن لأن أفكاري بقيت عالقة بين الكلمات التي لم تُكملها سكون، وبين الفراغ الذي تركته خلفها، لم أستطع منع نفسي من الدخول إلى الشات حتى أثناء العمل، كنت أتحقق كل ربع ساعة أو نصف ساعة، أبحث عن اسم سكون في قائمة المتصلين، كأن وجودها هناك سيمنحني يقيناً بأنها بخير.
وبعد أذان العصر، عدت إلى الشات لأجد نفسي خارجاً منه تلقائياً. سجلت دخولاً جديداً بسرعة، ثم ضغطت فوراً على الزر الذي يخرجني من الرومات العامة، وبدأت أبحث عنها بعجلة. وحين رأيت اسمها، لم أتردد لحظة، أرسلت لها لايك ورسالة تنبيه:
- سكون، مساء الخير، أنتِ هنا ؟
لم تمر سوى ثوانٍ حتى ظهر إشعار بردها، لايك ورسالة خاصة قصيرة: