منتديات قلب فلسطين - عرض مشاركة واحدة - وبها يكتمل نصفي وديني
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2025   #3


الصورة الرمزية مُبتسِم
مُبتسِم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 96
 تاريخ التسجيل :  Jul 2016
 العمر : 77
 أخر زيارة : منذ ساعة واحدة (07:30 PM)
 المشاركات : 45,300 [ + ]
 التقييم :  12696
 الدولهـ
Canada
 
مزاجي:
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Black
افتراضي



مشهد أدبي روحاني تخيّلي...
اجلس في سكون، وتخيّل معي الآن:


---

"رحلة الدعاء"

في ظلمة الليل، حيث لا صوت إلا همس القلب...
خرج الدعاء من صدر العبد، لا كنَفَس، بل كنور خافت يشق ظلام الدنيا.
كان الدعاء بسيطًا:
"يا رب، أنت تعلم..."

لم يُسمع بصوت، لكن السماوات ارتجفت له بصمت.

ارتفع الدعاء من بين الشفاه المرتعشة، ومرّ على ملكين يجلسان فوق كتفيه، أحدهما كتب الكلمة، والآخر بكى من صفائها.
ثم خفّ ملك نوراني، له جناحان من وهج، فحمل الدعاء بين يديه كمن يحمل قُبلة طفل.
وقال في صوت لا يُسمع:
"هذا الدعاء طاهر... لنُوصله"

مرّ الدعاء في رحلته عبر السماء الدنيا، حيث النجوم تضيء كأنها عيون تنظر إليه،
فقالت له إحدى النجوم:
"قل له إننا سمعنا نوره"

ثم صعد إلى السماء الثانية، حيث الذكريات والنيات القديمة،
فنظرت إليه ملائكة الرحمة، وقالت:
"ما أجمله، خرج من قلب مُنكسر لكنه مملوء أملًا"

وفي السماء الثالثة، توقّف الدعاء لحظة أمام باب من نور،
سأل الملك الحارس:
"ما نيتُه؟"
فردّ ملك الدعاء:
"الصدق، والافتقار، والحنين..."
ففُتح الباب دون سؤالٍ آخر.

ثم ارتفع إلى السماء الرابعة، حيث الموازين،
وُضع على كفة، وكفة أخرى كانت فارغة...
فمالت الكفة نحو الدعاء، فقالت الملائكة:
"دُعاؤه ثقيل بالحب، خفيف بالكلمات"

وفي السماء الخامسة، مرّ بجانب ملائكة يبكون من أثر كلمات سابقة،
لكن حين رأوا هذا الدعاء، سجدوا صمتًا،
وقال كبيرهم:
"إنه من عبدٍ ظنّ أن لا أحد يراه، إلا الله..."

ثم اقترب من السادسة، حيث لا يُنطق إلا بـ"سبّوح قدّوس"،
فتباطأ الدعاء، وخاف أن يكون دون مقامهم...
لكن نداء خرج من جهة العرش:
"دعوه يمر... فهو من عبد يحبني"

وفي السماء السابعة... لا وصف يُقال.
فقط نور مطلق، وملائكة كروبيون تحفّ العرش،
وفي حضرة الجلال، خفّ الدعاء كريشة صغيرة،
فسُئل:
"ماذا تريد؟"
فأجاب الدعاء دون صوت:
"أن يرى عبدي أثر هذا الرجاء..."

فابتسم الرحمن، وقال:
"بل سأعطيه خيرًا مما رجى"

وفي لحظتها...
عاد الدعاء، لا كما خرج، بل مبلّلًا بالرحمة، ملفوفًا بقدر، محمّلًا ببشارة...

ثم نزل في سكون، وسكن في قلب العبد فجأة،
كطمأنينة غير مفهومة، كهمٍّ خفّ دون سبب،
كعين دمعت بلا ألم، بل من راحة عميقة.


---

لأن الدعاء... لا يسافر في المسافة، بل يسافر في النية.
ولأن الله لا ينتظر وصول الصوت، بل يرقب ارتجافة القلب.


 
 توقيع : مُبتسِم

" وأنت الذي لم يعد فيك شيء ملتئم
أي صبر هذا الذي أبقاك مبتسم؟ "

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة






رد مع اقتباس