بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الحبيبة بحة جنونية ... نحن دائما حينما نسكن ذات المحيط،
وحينما نكتشف بأننا في مكان واحد، في ذات النقاط المشتركة مع الكيان الإنساني
الذي يتفاعل، ينمو، يكبر من خلال ما نؤمن به، وما نتصوره في الحياة،
نتفاعل مع بعضنا وتتشكل ملامح تقاسيم المشي نحو الطرقات الأكثر احتداماً في الوجود،
في مفهوم الخطأ ومفهوم الصواب، في ما نضع عليه الخطوط العريضة،
وما يمكن أن نعتبره شيئا هامشيا، في البقع التي نتردد أن نخطوها
كلما تقدم بنا الوقت ونظن بأننا قادرون على تجاوز مخاوفنا،
حينما نتجنب الآخر، ولكننا نكتشف أننا متورطون في علاقات إنسانية شائكة،
بالغة التعقيد، معقدة حد الضبابية أحياناً،
فنعيش التشابك مع الآخر، نختلف، نضج بالخلافات،
نتحول إلى كائن مأسور بإثبات ما يراه صحيحا،
نتقاطع مع بعضنا البعض، وربما نصل إلى ذروة التشابك
الذي يوقع بنا رهائن عند الرغبة الدائمة بحساب الآخر،
وبنزاعه على ما يمكن أن يكون قد خدش ما بداخلنا، تلك هي حبكة الحكاية!.
حينما يخطىء معك الآخر وتشعر أنك ترغب في إعطائه فرصة لتغيير قد لا يوجد إلاّ في ذهنك،
لكنك برغم كل شيء تسامح،
الفرصة التي تمنحها لمن أخطأ كثيراً معك ليس لأنك الأضعف
والأكثر هشاشة من سطوة الانتقام أو الثأر لأوجاعك،
بل لأنك فقط وببساطة إنسان مختلف،
أجدني دائما أتساءل ..هل يمكن لفرصنا المتتالية أن تعيد للآخر صوابه في استعادة رؤيته للأشياء؟،
وهل يمكن للفرصة الثانية التي نمنحها للآخر أن تغيّر لديه مفهوم السماح؟،
أم أننا لابد دائما أن نفكر في فرصنا التي نمنحها للأشخاص الذين نلتقيهم في الطريق،
فيتحولوا بإرادة منا وربما بدون إرادة إلى أجزاء متفاوتة الحجم من حياتنا؟،
هل حقا يستحق البعض الفرص حتى يتحول من كثير الأخطاء،
كثير الظلم، كثير الطغيان، كثير الوجع، كثير التجرد، إلى كائن متسع؟،
متناهٍ؟، حقيقي دون تزيف عادل؟.
اننا حينما تشعل فينا التجارب مقاييس الغضب من مواقف الآخرين السلبية،
التي تنتزع منا السلام الذي يعيش بأمان بداخلنا،
نتحول إلى أُناس تشبهنا، لكنها ليست نحن،
نتحول بفعل الشعور بالظلم أو الخذلان إلى أناس ذواتهم مسكونة بفكرة واحدة:
لماذا حدث ذلك؟، أو لماذا فعل ذلك؟، أو لماذا لم يفعل ذلك؟،
تساؤلات كثيرة منكسرة تثيربدواخلنا غضبا من نوع خاص
يسحب معه كل التجارب المؤلمة التي عشناها في عمر مر بذاكرة مترنحة،
لكنها تأتي في أكثر المواقف غضبا هائجة، باكية، متوعدة، مُهددة بأن تكسر كل الأواني الزجاجية
التي تزين علاقاتنا بالآخرين، تهدد أن تشعل النيران في أكواخ البائسين،
تهدد أن تتوقف وتقطع وتخاصم وتستعيد كل أشيائها الثمينة من أناس لم يفهموا معنى
أن تعطي بكل ذلك السخاء، تفعل ذلك حينما لا تتوقف عند مكان قدميك لتتأمل بعمق وبصدق وبرحمة،
هل حقا أستطيع فعل ذلك وأنا الذي لطالما سامحت كثيرا حتى من ظلمني؟،
إننا لا نُفكر كثيرا في الشخص الذي يستحق الفرصة الأخرى من السماح،
بقدر ما نفكر بمخاوفنا من نتائج عدم المغفرة وتقديم الفرصة الثانية،
ليس لأننا نخشى خسارة الآخر،
بل لأننا نخشى خسارة أنفسنا حينما لا نرتقي على أوجاعنا بشجاعة
ونغفر ونعطي تلك الفرصة.
علينا أن نتغير مع أخطاء الآخرين حينما لا يغتنمون الصفح ويعاودون الجرح والظلم
فحينما نعطي الفرصة الثانية لمن أخطأ في حقنا،
نحن لا ننتظر منه شيئا على الإطلاق، نحن نسامح لأننا لابد أن نسامح
وندفع الآخر للتحرر من كوارثه، حتى لا يعيش مُشوّه الوجه والمبدأ،
إننا لا ننتظر ممن نعطيه الفرصة الثانية في الحياة أن يقدر لنا قوتنا في تجاوز تعاسته معنا،
بل إننا نرغب أن نسهم في إعادة تشكيل إنسان نأمل أن يتحول ليكون جديدا،
جديدا في كل شيء، كيف يفكر؟، كيف يتصرف؟، كيف يكون إنسانا
حتى حينما يفعل ما يؤمن به، لن يحدث ذلك التحول إلا حينما توجد الفرصة الثانية التي نمنحها،
لكن بالشكل المتوازن الذي يساعد على تغيره، ويساعدنا على تجاوز حزننا على ذواتنا.
وكم نعاني كثيرا حينما نفاجأ بشخص غير قابل أبدا للتحول،
كائن لا يفهم معنى أن تسامح وتعطي الفرصة الثانية،
نقترف الظلم بحق أنفسنا حينما نعاود ممارسة عاداتنا الساذجة في تقديم الفرص لمن لا يستحقها،
فبقدر ما يمكن أن تقدم من الفرص المتتالية لخطأ بليد، تنكسر أنت لتعيش حالة المرارة التي تؤذيك كثيراً،
وتأخذ منك كل شيء حتى طعم السعادة بالغفران،
إننا نمارس الخطأ الكبير حينما نستمر دائما في تقديم الفرص لمن لم يصل لكرم الوفاء والعطاء الذي تحمله.
علينا دائما أن نتغير مع أخطاء الآخرين معنا،
خاصة حينما لا يغتنمون فرصة الصفح عن كوارثهم،
ويعاودون جرحنا أو ظلمنا أو إيذاءنا بذات الطريقة في كل مرة،
إن شخصا غير قادر على أن يفهم كرمك معه لا يمكن إلا أن يكون شخصا لئيما جدا،
خسيسا وسافلا ..وأقل بكثير من أن يصل إلى نُبلك في الحياة،
في تلك المواقف المخجلة علينا دائما أن نتحرر من فرصنا الغبية،
بأن نكبر على نبلنا الكبير، وأن نقرر أن نصحح الخطأ ليس في الآخر،
بل في أنفسنا التي ترفض أن تتعلم من تجاربها،
تنسى حينما يكون التذكر متعلقا بالأمور الداخلية
التي تتقاطع كثيراً مع الروح والقلب والرحمة.
معلش حبيبتي * بحة *
أنا نسيت نفسي واسترسلت في الكلام
شكرا ليكي يا قمر على اختيارك وانتقاءك للطرح
هو موضوع جد حساس ويستحق التعمق فيه
دمتي متألقة وراقية ومميزة
اعجابي وجل تقديري واحترامي لشخصك عزيزتي
أكرر أسفي عن الاطالة.