رسالة تأخرت أربعين عامًا ،!! - منتديات قلب فلسطين
 
آخر 10 مواضيع
الرد على مقال ما هو الإفساد الأول والثاني لبني اسرائيل الذي ذكر في القرآن
الكاتـب : -
الهجر فى الإسلام
الكاتـب : -
الأشهر الحرام فى الإسلام
الكاتـب : -
الشَفَةٌ في الإسلام
الكاتـب : -
الشؤم فى الإسلام
الكاتـب : -
التحية في الإسلام
الكاتـب : -
الغد فى الإسلام
الكاتـب : -
القضاء في القرآن
الكاتـب : -
روعات الكون تتتألق بكلام😊
الكاتـب : -
الرد على مقال هل الجن والشياطين يسكنون البحار ؟
الكاتـب : -


 
 
العودة   منتديات قلب فلسطين > الأقسام الأدبية > الروايات والقصص القصيرة
 
 

الروايات والقصص القصيرة بين الحقيقة والخيال مشاهد، نسجتها يد قاص، تحكي لنا تفاصيل الحكاية

 
 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
#1  
قديم 12-27-2017
غمرة غير متواجد حالياً
Algeria     Female
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 292
 تاريخ التسجيل : Oct 2016
 فترة الأقامة : 3276 يوم
 أخر زيارة : 08-12-2024 (03:13 PM)
 الإقامة : سيدي بلعباس
 المشاركات : 20,803 [ + ]
 التقييم : 4974
 معدل التقييم : غمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond reputeغمرة has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
رسالة تأخرت أربعين عامًا ،!!



رسالة تأخرت أربعين عاماً
الآن، الآن فحسب، يستحيل عليّ أن أصم أذني عن نداءاتك، بعد أن بلغ الصوت منكم مشارق الأرض ومغاربها. دوّى فدخل، بلا استئذان، كل بيت. واقتحم كلّ ضمير فهزّه من غفوته. ومزقت حجارتكم حُجب الصمت واللامبالاة.
اليوم، يا بن عميّ، تعيد حجارتكم العاشقة رسم خريطة فلسطين على كلّ الصدور، تحفرها في كلّ قلب، تكتبها قصيدة، موجة على بحر عكا، قمراً في سماء بيسان، زهرة على بيارات يافا، قبلة على جبين مريم الناصرة. تكشف القناع عن وجه يهوذا، يتربّص بدم صاحبه، ليبيعه، قبل صياح الديك، بثلاثين من الفضة. اليوم، يابن عميّ، يضبط العالم زمنه على دقّات ساعاتكم، يفتتح شهوته للحقيقة، فتخفق في المدى الكوفية التي تجللّ رؤوس أطفالكم. يتلمس قلبه الحبّ، فتزغرد شوارع غزّة ونابلس ورام الله، تزف شهيداً أو شهيدة. يفتقد الوفاء، فإذا أنتم نخلة يهزها الحب فتسّاقط أطفالاً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجّيل. يدلهمّ عليه الليل، فتشتعل بدروب المخيّمات الحرائق. يقبل النهار فيرتفع الدخان ليلاً يلفح وجه الشمس في الخليل وفي الجليل.
أجل يابن عميّ! ها أنا ذا أصل، بعد أربعين سنة، مالم ينقطع بيننا من حديث؛ فقد كان الحديث متصلاً على شكل أو على آخر. أعود إلى حديث بدأناه حين كنّا في السادسة. نجري مع الأولاد في حقول شقائق النعمان، نجمع الباقات، نبدع منها أحزمة وتيجاناً وقلائد. نجري، والأفق رحب، نحو ما لا ندري، لا نلوي على شيء. نغفو عائديْن من الحقول الشماليّة، والعربة تهدهدنا فوق أكوام السمسم الأخضر. نختبئ بين القش على البيادر قبل أن يقبل الليل، فينثر على الأشياء الندى.
الآن يابن عمي، الآن فحسب، أصل ما لم ينقطع منا. أذكرك، حين أجبرنا على الرحيل من قريتنا، في اليوم الثالث، أو الرابع بعد ليلة القصف الوحشيّ، عند الضحى، أو في العصر، لم أعد أذكر تماماً، كنتَ ممسكاً بإصرار -وأنت الشعر الطويل المشعّث، والقدم الحافية، والعين الكسيرة- كنت متشبثاً بثوب أمك السابغ. وأبوك قد ركب رأسه، وهو يجادل إخوته الثلاثة، ويقرر العودة إلى القرية المحتلّة، وتابعنا نحن الرحيل نحو مجهولنا، الذي أصبح معلوماً، فارتفع بيننا حاجز. ارتفع حتى بلغ، اليوم، أربعين عاماً. أنا لم أستطع تجاوزه، لا في الإذاعة، وهي تنقل رسائل اللاجئين إلى ذويهم، ولا في الرسائل، التي يحملها الصليب الأحمر، منا إليكم. كنتُ أحسُّ، بعد أن بلغني شيء من الوعي، أن رسائل الإذاعة لن تقول إلا ما يقوله كل الناس:«نحن بخير طمئنونا واطمئنوا»، وأن رسائل الصليب الأحمر مباحة، تقرؤها مئات العيون المتفحصة، الجارحة، المنتهكة أسرارها.
وحين كنتُ في باريس، كان لدي عنوانك، حصلت عليه من أختك التي اختارها الرحيل وزوجها معنا. كنت أستطيع أن أكتب إليك من هناك. راودتني الفكرة، لكني لم أحاول. ففي أعماقي، في كل كياني، يرتفع ذلك الجدار العالي، فآثرت حوار صمتنا الطويل. أشهد أني كنت أغالب فيكم شوقاً سريّاً، فأنتم من رائحة قريتنا التي لا تفارقني أينما حللت. كانت تتآكلني رغبة جارفة؛ لأقف على صورتك بعد أربعين سنة، لأسمع صوتك، لأعرف أخبارك: من تزوجت، ومن أنجبتَ، لأرى إخوتك: أولاد عميّ، لأتعرّف إلى أختيك الصغيرتين اللتين ولدتا في أسر الاحتلال، لأعزيك بموت عمي: أبيك، وبموت أّمك: زوجة عميّ، ولو بعد سنين طويلة، وأقول لك: سلامة رأسك يابن عمي! لأعبّر لك عن «حسدي» لأنك تستطيع أن تزور، مشياً على الأقدام، قريتنا، فردوسنا، وإن أصبحت أطلالاً، كما قيل لي، واستطالت فيها الغابات، وتتجوّل في أماكن لعبنا، ولهونا، وركضنا، وأحلامنا، ولعل صوراً من الماضي البعيد، القريب، تهمي على روحك فتدمع منك العينان. كانت رغبتي جامحة أن أطلب صورتك، وصورة زوجتك، وأولادك، لأتملاك، وأتملاّهم، فأنت مازلت تتفلت من بين أصابعي وذكرياتي فلا يتبقى منك سوى ابن السادسة، ذي الشعر الكستنائي الناعم الطويل، والملامح الدقيقة، والقنباز المخطط الضافي. وأما هم فمن أين لي أن ابتعث في نفسي لهم صوراً؟. ولكنيّ لم أفعل. كان لدي رفض صريح، قاطع، للكتابة إليك؛ لأن هذه الأشواق الحارقة،ذات الأربعين سنة، كانت تصطدم بشيء كبير، هائل، عصيّ على الذوبان. كانت تشدني سنوات التشرد، والبحث عن قرار. تشدني دماء فهد ابن جارنا هل تذكره؟ـ فهد الذي قتلته شظيّة طائراتهم على أبواب القرية. تشدني سبحة جدّي، المعلقة على الجدار، جدّي الذي مات قهراً في العام الأول للمنفى. يشدني الشهداء، والمجازر، ومنع التجول، والتفتيش عند الحدود، وفي المطارات والموانىء. تشدّني لهفة أولادي للوطن الحاضر الغائب. أشياء أخرى كثيرة تشدني ألا أفعل، حتى لا أكتب على غلاف الرسالة اسماً آخر لفلسطين. كان ذلك فوق طاقتي، فوق حياتي وحياتكم.
الآن.. الآن فحسب، أستطيع أن أكتب إليك على رؤوس الأشهاد، فمئات سيحملون إليك صوتي، وإن جاء متأخراً أربعين سنة.
تقبل يابن عميّ، إذاً، أشواق ابن عمك التي عتقّها الزمن فاختلطت بالبيوت والدروب والوجوه، وسلامي إلى كلّ زهرة ونبتة وشجرة ورائحة بقيت حيّة تشتعل في الذاكرة، ولم يغيّرها كرّ السنين وإن طالت!.
ملحوظة: أخشى ياابن عميّ أن نكون قد التقينا في شارع من شوارع مدينة ما قذفتنا إليها أقدارنا، فلم يعرف أحدنا الآخر. فهل فكرت أنت أيضاً في هذا؟!
\
/
من كتاب سخريات الظِلال للكاتب محمود موعد
.
أثرت في وبشدةة



 توقيع : غمرة

.{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين }

رد مع اقتباس
 
 
 



جديد مواضيع قسم الروايات والقصص القصيرة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عمرها 37 عامًا ولديها 38 طفلًا m0m3n عجائب وغرائب 9 08-08-2022 01:17 PM
رسالة من ... قدم مُنْية الشعر والشعرآء 10 11-21-2020 09:23 AM
يآ جمآلآ ليس له أربعين 😍💔 غمرة عالم حواء 12 05-15-2020 04:46 PM
كثافة جدار النار مسافة أربعين سنة m0m3n رحيق الإسلام 6 02-21-2017 09:00 AM
يخلق من الشبه أربعين 😀 خَمْر أيلول النكت والطرائف 7 11-09-2016 10:54 PM


الساعة الآن 11:58 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.