قُدَّ قميصُ أشواقي من دُبُرْ ..

إلى من جاء قبل الأوان بأوان وجاء بعد فوات الأوان بأوان
إلى من أودعته قلبي ومهجتي وكياني وجميع ذكرياتي
إلى من كان لقاءه أمنيتي
إلى الوتر الذي عزفت عليه ذات يوم الآمي
إلى السنوات المريرة في البعد واللحظيات القليلة في القرب
إلى الرياح التي لا تعرف معنى أن أرجوها ألا تجرف أحلامي
إلى الخطيئة التي لم أقترفها بعد والتي لن أتبرأ منها أبدا ..

من أصعب ما يمر به إنسان
أن تنبت ثمار اليأس في أرض كان حريص أن يرويها بالأمل
ويطعمها بالرجاء ويكسوها بخضار الأمنيات
وأن تسقط مبادئه وتهوى روحه المتعبة
وتندثر أحلامه دفعة واحدة ..!!
فلا يبقى منه غير قدمين هاشتين تحملانه على طبقة رقيقة
ظاهرها أرض وباطنها مياه ويُطلب منه الثبات !!

قد قميص أشواقي من دبر
وتمزعت أزرار حنيني من قُـبُل
وبقيت عارية إلا من قلبٍ مرتعش
لولا أنك تسكنه لتجمد ..

أحبك حين ألمح في عينيك حزناً مصحوباً بحيرة من لحظات خوف تصيبني أو ضعف يعتريني .
أحبك حين يتساقط القلق من كلامك وتعلو نبضاتك عندما تشم رائحة الحزن في صوتي وأنا أتحدث معك .
أحبك عندما أستيقظ صباحاً على صوتك الدافىء كدفء القهوة في صباح شتاء بارد .
أحبك عندما تتظاهر بالغباء الذي لا ينتقص من ذكائك ولا رجولتك شيئاً كي تثبت لي أنني تفوقت عليك في شيئٍ ما .
أحبك حين أخاصم نفسي وأعاقب ذاتي وأصالحك أنت .
أحبك حين تغضب وتعلو نبرة صوتك بجنون وتنعتني بالبرود لمجرد انشغالي عنك .

أكره ملامحي لأنها لا تشبهك وأكره اسمي لأنه لا ينتمي إليك
فقط أحب قلبي لأنه لك .

أنت دعائي النقي الخاشع الذي يهلل ويسبح ويُكبر في صدري ولا يسمعه غير الرب .

ومازال النبض الناطق باسمك مستمر بلا توقف
سوى وقفة عند الحنين ووقفة عند تفاصيل بيننا
ووقفة عند ميلاد نطفة من الاشتياق لك
تنام بهدوء في داخلي

وبعض ذكرياتي التي احملها في قلبي وعقلي
كقطعةِ أنيقة متروكة من الماس أو الذهب
تفاجئني بقيمتها يوم بعد يوم
وليس بالضرورة أن تختص الذكريات بحبيب رحل أو أو صديقة جمعتني بها تفاصيل
أو عائلة مشتتة في أنحاء الأرض .. ربما تكون لأغنية سمعتها أو عتابا
ومن الممكن أن تكون ... لوجه رجل بسيط ممتلىء بتجاعيد
وعلامات الشقاء وخصلات شعره البيضاء وصوته الذي كان يجوب الأزقة والحارات بليالي رمضان
( اصحى يا نايم العمر مو دايم ) ....
هو لا يعرف من الآلات الموسيقية غير الطبلة العتيقة التي ينقر عليها بعصا صغيرة
ولكن كان صوته بدون قصد يملأ فضاء الروح بلحنٍ ايماني ياسميني العبق
قد تكون مثل هذه الذكريات جزء من الماضي ونوعاً من الحب العميق
الذي لا يراهن إلا على البقاء .

" اختلفنا من يحب التاني اكثر واتفقنا أنا أكثر وانت أكثر " ....
ثم غادرنا السباق بأناقة ليكتب كل منّا أحزانه وحيداً بالشكل الذي اختاره
وبالحروف التي تتراقص فوقها النقاط رقصات الوداع الأخير ..

لكَ ثورة صامتة ثوارها أنفاسي
شعارها عشقي وولهي واحساسي
فخذني إليك وقيدني بعينيكَ
فهم منفايا وأسواري وحراسي
وإن جاءني عيدٌ .. فهم نزقي
وغسقي وخمري وقداسي