أنتِ حتى لا تصلين الفجرَ على موعده !

اتفقت أمل مع صديقتها حنين بأن تلتقيا في الغد الساعة السابعة صباحا لتذهبا إلى الجامعة سويا شريطة أن لا تتأخر إحداهما عن الموعد المتفق عليه
و أن تصل باكرا ، تحمست حنين لذلك و نامت مبكرا لأجل أن لا تتأخر عن الموعد و لا تخيب آمال صديقتها و ها قد جاء الصباح
و دارت عقارب الساعة لتعلن أنها السابعة كانت حنين في مكانها تنتظر مجيء أمل ، تغدر عقارب الساعة فتزيد عشر دقائق عن الموعد
و حنين ما زالت تنتظر و أمل لم تأتي بعد ثم يصبح الوقت السابعة و الربع و أمل مازالت غائبة ، يأست حنين الانتظار و ذهبت إلى الجامعة
وحدها و اشتاطت غضبا من صديقتها ، و بعد انتهاء الدوام رآتها عند الباب فاعتذرت أمل كل الاعتذار و وعدتها بأنه خطأ لن يتكرر أبدا و اتفقت معها
على موعد جديد يكون في الغد و عند الساعة السابعة ، رق قلب حنين و قبلت الاعتذار و يجيء اليوم الثاني و تظل تنتظر كما في اليوم السابق
و لكن دون جدوى أمل لم تأتي ، غضبت حنين مجددا لعدم وفاء صديقتها ، ثم مضت ساخطة ثم ما لبث النهار أن ينتهي رآت أمل في طريقها
فبدت ملامح الغضب تعلو وجهها فاعتذرت أمل و أخبرتها بأنه حدث معها أمرا لم يكن بالحسبان و طلبت منها مجددا انتظارها في اليوم التالي
و في الساعة السابعة أيضا ، تفهمت حنين الأمر و انتظرتها في صبيحة اليوم التالي عند السابعة تماما ثم هو الحال كما في كل مرة لم تأتي حنين ،
فسخرت حنين من نفسها بأن كيف منحت أمل فرصة ثانية و قالت في قرارة نفسها " إنها لا تستحق أن أنتظرها بعد اليوم و لو جزء من الثانية " ،
بينما حنين في هذه اللحظات كانت تتثاءب متثاقلة في فراشها تزداد حبا للنوم و كسلاً على كسل ثم تتذكر أنها وعدت حنين بأن لا تتأخر فقالت في نفسها
: " لا يهم سأعتذر منها كما كل مرة و أخذ منها موعدا جديدا " و بعد جولة تفكير في ذاتها " أكمل نومي أم أذهب للجامعة " انتصر قرار الذهاب
الى الجامعة ذاك لأن والدها يغضب إن لم تذهب ، ثم ذهبت بخطى متثاقلة إلى جامعتها فوجدت حنين تنتظرها مكفهر وجهها ، فطوت أمل في ثنايا
ملامحها شيء من خجل و إحراج و حزن ، فصدتها أمل قائلة : " لا تعتذري و لا تجعليني أرى وجهك بعد اليوم ، إنما أنت فتاة سيئة أنانية لا تفي بوعدها
و ليس لديك أي احترام لثقافة الوقت و مدى أهميته ، لما كل هذا التأخير ربما أنكِ لا تصلين الفجر في موعده أيضا "
و هنا و كأن رصاصة اخترقت قلب حنين و كأن صديقتها عرفت أي جرح تضع عليه ملح الغضب ، ابتعدت حنين و هي صامتة باهتة و حتى دموع عينيها
باتت شحيحة لا تجود بالدمع ، مضت و هي تردد " أنتِ لا تصلين الفجر على موعده ، أنتِ لا تصلين الفجر على موعده "
صرخت بداخلها صراخا صامتا لربما انحدر شيء منه للخارج فرقت عيناها لذاك فأمطرت دموعا حارقات ..
هي بالفعل لا تصلي الفجر على موعده , حتى أصبحت عادةً لديها , تصليه بعد شروق الشمس , و تغافل قلبها لذلك و ربما مات الضمير
هذه صديقتها عبارة عن كائن بشري يغضب منها و يكاد يقطع علاقته بها لانها لم تفي بوعدها ثلاث مراتٍ و تأخرت عن موعدٍ حددوه سوياً


***
فماذا عن الله ؟! ماذا سنخبره ؟ ماذا سنقول له ؟ هل نبرر ذلك بأننها مرهقون من النوم ؟ أم نقول له يا رب لقد سهرنا طوال الليل
و إنك غفور رحيم ؟ صلاة الفجر تلك الصلاة الثقيلة على قلوب المنافقين , الصلاة المنسية التي يعلم المسلمون مدى اهميتها و لكن يمضون
متغافلون و كأنها ليست بفريضة , يغريهم النوم و يفضلونه عليها , ينظر إليهم الشيطان و هم نائمون بخبث و مكر و قد انتصر عليهم أخيراً !
كيف لإنسانٍ يبتدأ يومه بخيرٍ و هو لم يؤدي فريضته الأولى ! , كيف لقلبٍ ان ينال التوفيق و هو في تعداد المنافقين !؟
فقط تفكَّر في نفسك جيداً , و انظر إلى أي حدٍ انت متهاون متكاسل في أداء هذه الصلاة !
و تأمل في علاقاتك كيف أنك تحافظ على بقاء صديقك و تفعل له ما يحب لاجل ان تراه سعيداً
بينما الحبيب الاول " الله " تنساه و تتغافل عن عبادته مبرراً ذلك بقولك " إن الله غفور رحيم "
و لا تنسَ يا أخي بأن الغفور الرحيم هو نفسه شديد العقاب .. !