03-21-2023
|
|
غريب الأطوار!
غريبُ الأطوار!! قصة قصيرة (ق.ق)
.
.
صاح جاره الذي يسكن في الشقة المجاورة مستنكرًا: "أخفِضْ صوت المسجل يا غريب الأطوار!"
لم تلتقط أذناه من صراخ الجار إلا "الكلمة الأخيرة"..
ابتسم حين تجسدت أمامه صورتها على الفور، بعينيها الضيقتين، ونظارتها السميكة المدوّرة، وأنفها الحاد، وفمها الصغير الذي وصفه بغريب الأطوار لأول مرة، قبل أن تصبح صفة ملازمة له لا يُنادى إلا بها!
حدث ذلك قبل وقت طويل.... كانت تجلس في المكتبة العامة، مُنكبّةً على قراءة رواية بين يديها بنَهَم، حين فاجأها ذلك الغريب بتعليقٍ على الرواية لم يتجاوز الثلاثين ثانية، لكنه كان كفيلًا بإفساد متعتها، وحرق النهاية التي كانت تقفز فوق الصفحات شوقًا لمعرفتها..
أفاقت من صدمتها من فعله المفاجئ الغريب!
وركضت خلفه وهي تكتم رغبتها في البكاء، وتصرخ بغضب، واصفةً إياه ب(غريب الأطوار) ومُهددةً بصفعه إن لمحت وجهه مجددًا في المكان.
لكن لقاءهما تكرر صدفة بعد ذلك، وكان في كل مرة يُصدر تصرفاتٍ غريبةً تجعلها تتأكد من صحة اختيارها لما لَقّبته به، وكان بدوره مستمتعًا باندهاشها واستغرابها المتجدد من تصرفاته في كل مرة.
أفاق من سرحانه على صراخ المزيد من الجيران معترضين على صوت المسجل، وكلما تناهى إلى مسامعه صوت أحدهم يصفه ب(غريب الأطوار)، يبتسم، ويرفع صوت المسجل أكثر! 
|