عندما أُحرّر خيالي من أقفاص الواقعية الكئيبة، ليحلّق عاليًا في فضاء النعيم الذي أتمنّاه، لا أستطيع أن أتخيّل نعيمًا أكثر من أن أغفو متوسّدةً كتاب.
.
لا أبالغ إن أخبرتُك أني أشعر بالخوف من المكوث في بيتٍ بلا مكتبة، في حين لا تزعجني صالات الانتظار مادمتُ أحمل في حقيبتي كتاب.
.
تستطيع أن تستدرجني إلى أيّ ركنٍ بحجة أن ثمّة مكتبة، وتستطيع أن تنساني هناك.
.
أتذكّر جيدًا ذلك اليوم الذي جلستُ فيه على أريكةٍ متهالكةٍ ومدفونةٍ بالغبار، ولا شيء في الحجرة سوى سريرٍ صدئٍ عارٍ، نُزِعَتْ عنه ملّاءاته بعدوانية مدروسة، ومصباحٌ واحدٌ معطوب، وساعة حائطٍ متوقّفة عند التاسعة وسبع دقائق منذ أعوام، كانت أقرب ما تكون إلى زنزانةٍ منها إلى حجرة نوم. بيقينٍ مطلق أني سأفقد فيها عقلي وأعود إلى يدٍ تعمّدت إفلاتي.
.
أنا الآن أعيش في ذات الحجرة منذ عشرة أعوام، لكنها تحوّلت إلى جنتي الصغيرة منذ أثّثتُها بالكتب والزهور ولوحاتي، إلى الحد الذي صار الخروج منها يرعبني!
.
.
ندى ناصر ،

.{ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين }