![]() |
" رواية الخيميائي " وقفات عابرة
هي وقفات متواضعة على بعض احداث الرواية / ومع استدلالهم واستلهامهم من ذلك الإرث العلمي والحضاري للعرب خاصة وللعجم عامة من المسلمين ، لا بد أن يحشروا بعض المغالطات ليلبسوها طهارة تلك الإنجازات التي فتحت أعين العالم لما يسمى العلم النظري والتجريبي ، ليضعوا أقدامهم على طريق العلم لتكون انطلاقتهم بذلك النفس الذي تنفسه القدماء من علماء العرب والعجم من بني الإسلام ، وإن كانت براءة الإكتشافات والإختراعات ادرجوها في قوائم انجازاتهم ! الرواية في مجملها تعرج على البحث عن الذات جاعلة صفحة الكون ناطقة لا يفهمها إلا من أصغى لهمهماته وفك شفرة أسراره ، ينطلق من فكره بديهية بسيطة ينطلق من محيطه الضيق ليلاقي الفضاء الفسيح الذي يضج بالأسرار ، يمر على مواقف وشخوص تبين له معالم الطريق ، من رؤيا قضت مضجعه إلى أمل يتبلور يرى فيه مستقبله ، يخرج من حيز الرعي ومناجاة الأغنام التي حوى وتعلم همسها وحركتها ، إلى أن تدرج في حمل واكتناز مخيلته من معلومات تقاصر عقله المنكفي على ذاته أن يستوعب كنهها ، يحدوه الفضول لتعلم المزيد حديث وجد في رصد المعرفة متعة تضفي لحياته طعم لم يذق حلاوته من قبل ، أناخ مطية بحثه في أول مراحله عند تلك المنجمة ليجد عندها ذلك التفسير لتلك الرؤيا التي تكررت في منامه مرتين ، ليستصحب معه تلك الفكرة التي غرست في مخيلته والفكرة عن أولئك الغجر الذين لا يعرفون معنى للحياة غير النصب والإحتيال ، ومع هذا وذاك ساقه الفضول لكشف المجهول متناسيا ذلك المخوف من النصب والإحتيال وما طلب المنجمة نصيبها من ذلك الكنز المدفون ، إلا إعادة الروح لجسده حيث جعلت من ذلك فرصة الهروب من استقطاع ما لديه من نقود ، لينتقل بعد ذلك بتجربة أخرى ليلتقي بذلك العجوز الذي كان له الأثر البالغ في فتح أفاق تفكيره بحيث رافقه بحديثه في غالب رحلته وكأنه ظله الذي لا يفارقه ، حيث بين له بعض الأمور وأرشده على بعض الإشارات ، وإن كان في تبيانها نوع من الغموض ليجعل له مساحة يعمل بها عقله ليصل بنفسه للمقصود . ما زلتُ أبحر في تلك الرواية التي تعج وتضج بالإشارات ، والرموز ، والإيحاءات : نجدُ في طياتها الحكمة ، العبرة ، التوجيه ، الدعوة ، المراجعة ، تنساب بين مساماتها بعض المصطلحات أو الأفكار التي تحتاج لتنقية والوقوف على أعتابها كونها تخالف المبادئ ، وما نؤمن به من ضوابط الشرع من حرمة ، وفي المحصلة : في طواف ذلك الشاب الباحث عن الكنز الذي " نتجّوز" وصف ذلك الكنز على أنه كنزا ماديا ومجازيا ، ليفتح الأبواب بسعيه الحثيث ليعرف حقيقة نفسه وذاته ، أخذ الخيط الموصل للحقيقة من ذلك الملك العجوز ، جميلة تلك اللفتة عندما ساق تلك التجربة مع ذلك الباحث عن الزمردة وبعد البحث وتحطيم تسعمائة وتسعا وتسعين حجرا ، كان الدرس أن الإنسان لا يستسلم فلربما يكون النجاح في المحاولة التالية ، نتوقف ليعاود أنفاسه ويعيد نشاطه ، لعل الواحد منا يسير في الحياة متخبط خبط عشواء ليس له هدف يعيش من أجله ، ولربما حالفنا الحظ حين يُساق لنا من ينبهنا ويوقفنا مع ذواتنا ، ولعل انفراجة وافقت ساعة راحة البال لتغير لنا نمط الحياة للنتقل من رتابتها إلى تجديدها ، يمر الساعي عن الجديد وما يجعله متناغما مع الكون باحثا عن إكسير هذه الحياة وبينما هو مجد في طلبه صادقا ومؤمنا بقضيته ، تعتريه الظروف وتغالبه حشرجات النفس حين يخفق القلب ويجذبه نحو ما يسكن به همه وتنعش روحه ، ولربما كان ذلك مثبطا قدم عزيمته ، فما كان حبه لتلك الفتاة إلا بابا من أبواب البلاء والإبتلاء لتقاس به درجة اليقين بهدفه ، تنحرف بوصلة المجد ولعل في ذلك زيادة وتبيانا بأن الرحلة لم ولن تكون مفروشة بالورود بل يتلفعها الشوك ، وكم هو جميل ذلك الإنسجام والتلاحم عندما يغوص الإنسان في ذاته ومكوناته يستمع لنبض قلبه وجوارحه ، لتكون لغة يتجاوزون المعاجم الشارحة لمعناها لوجود ذلك الرابط المتلازم الذي يكون القلب هو المستودع والبصر والبصيرة التي تقود ذلك الإنسان الذي يضفي عليه المصداقية ، ولكوننا نحن معاشر المسلمين لنا شريعتنا وما يضبط حركتنا وسكوننا هو البوصلة التي عليها نسير ، فقد كفانا الله مؤنة البحث عن المجمع والصانع الأول لكل الخلق ، ما ينقصنا هو تسخير تلك الحصيلة العقدية في عملية التأمل والتدبر في الكون ، أما فيما جاء في الرواية فهو بحث مضني يستحق العناء لبلوغ الحقيقة المطلقة ، التي تجمع شتات المبعثر في جنبات هذا الكون تلك الأسطورة : هي سر الحياة التي يحيا من أجل تحقيق غايتها ذلك الإنسان المدرك لحقيقتها ، تنشأ كحلم وأمنية يتبعه سعي وعمل يحصنها يقين وإيمان يظللها وينافح ويكافح عنها أمل ، واللبيب من يتدرج في الوصول للغاية الأسمى بحيث يجدد الأهداف، فالإنسان قد يصل لمبتغاه حينها تنطفي جذوة المبادرة والحراك ، ولعل هنالك مغالبة تحول بينه وبين الوصول لهدفه ، من هنا كان لزاما أن يخلق ويضع في الحسبان البدائل ، وما نراه اليوم تلك الأمنيات التي أودعت في مستودعات التسويف والإهمال ! ليكون المستحيل هو حقيقة الحالم والوسنان ، ولنا في بطل قصتنا خير مثال في ترحاله وانتقاله من حال إلى حال . نجد لتحركات بطل الرواية اشارات يجدها تُطل برأسها بين فينة وأخرى كنافخة لروح عزيمته إذا ما توارت عنه معالم الطريق ، فالإشارات قد تكون معالم ، وقد تكون مؤشرات ومنبهات، وقد تكون علامات وبراهين صدق لذاك المقال لذاك الناصح . توقفت كثيراَ عند ذلك العالم الانجليزي الذي افنى الكثير من عمره في مختبرات البحث ، ومع هذا عندما سمع عن ذلك الخيميائي الذي بلغَ من العمر عتيا وما اكتشفه ، حتى حزم حقائب السفر وقد نقل معه الغذاء الذي يستمريه ويتغذى عليه من كتب ، ما لفت نظري ذلك الحرص الشديد لنيل ما هو جديد من علم ومعارف ، متجردا عن كل المكتسبات العلمية والمعرفية لينزل بذلك منزلة الطالب الذي يلهث وراء الفائدة ، بذلك يكون الصدق في الطلب والذي تيقن بأن العلم لا ساحل له ، وأن العاقل من عقل بأنه لم يبلغ ذروة العلم بأنه ما يزال في بداية المشوار والبذل الصغير ، فبذلك يجني الخير الوفير ويستقي من العلم ماء نمير . حينها أرجع إلى الواقع الذي نعيش لحظاته لأعقد عليه المقارنة ، فكم من قريب عهد ما يزال يحبو في مهد التحصيل العلمي نراه رافعا هامة التقول والإدعاء بأنه نال علم الأولين والآخرين ، وأنه ليس له منافس وند ! ليقف عند ذلك الحد واهما نفسه بأنه لا كمثله أحد ! "من هنا تقتل تلك الروح التي بها يطير المرء نحو فضاء العلم ليفيد ويستفيد " . تعودنا الجلوس مع الأخوة في كل مساء من يوم الإثنين ، وقد قررنا أن يكون لتلك الجلسة ضوابط وشروط ، بحيث توزع المهام ومن ضمنها تحديد اشخاص كي يكون عليهم اختيار كتاب نتناوله بعد بسطه على مائدة الحوار ، وكان الموضوع يتحدث عن أحد الأعلام من الأدباء العمانيين الذين مزجوا وزاوجوا بين الواقع الأدبي المعاصر وذاك الماضي الغابر ، فكان السؤال يتحدث عن ذلك السر في ذلك التوفيق بين الحاضر والماضي ؟ وقد كان في قلبي بعض الملاحظات على بعض الاشخاص ، فوجدتها فرصة لأبدي ما اخفيته في صدري من باب التلميح والتعريض ، كي لا أقع في اتون الحزازات والحساسيات ، فقلت الجواب يكمن في ذلك الاستعداد من ذلك العّلم الذي هضم نفسه ، وعرفها قدرها فكانت عينه فيما عند غيره من علم ومعارف ليكون السعي للتجديد ، والتحديث والاطلاع فيما توصل اليه اقرانهم من المفكرين والادباء ، بعكس اولئك الذي ظنوا بأنهم بلغوا الثرياء لينظروا للناس من ابراجهم العاجية ، وقد شلوا وخثروا بذلك تلك الدماء التي حُبست واغلق عليها التجديد ، ليطوفهم ويتجاوزهم بذلك جني الفائدة من غيرهم ! "وليتهم بلغوا في ذلك معشار ما بلغ اضعفهم همة وفلاحا " ! واستحضرت حينها تلك القصة التي سردها القران عن موسى _ عليه السلام _ مع الخضر _ عليه السلام _ ، لنتعلم كيف يكون حال طالب العلم ومن أراد أن يتعلم ، بحيث يترك تلك اللألقاب والمسميات ليبقى مجردا منها ، فهو في حضرة العلم الذي لا يتصل بحسب ولا نسب ، وما على الطالب الانصياع والإتباع ، من هنا نرى ذلك الإنجليزي قد طبق تلك النظرية بعدما علم قدر العلم ، ومدى امتداد ساحله ، فهناك من يتجاوزون حصيلته ومخزونه المعرفي . " من هنا كان السعي ليجلي ويتخلص من ذلك الجهل الذي يحول بينه وبين اكتمال ما يعيش واقعه ، والعيش الذي يعيش من أجله لبلوغ هدفه وغايته . وفي ذاك الفصل والحديث عن تلكم الرحلة التي كانت وجهتها الصحراء القاحلة ، كنت بين الماضين والممتطين لتلك الركاب ، اتنقل بفكري اعيش المشهد ، وكم شدني ذاك النداء من قبل الدليل وقائد المسير ، حيث طلب منهم القسم كل بما يؤمن به ، أكان بالله رب العالمين ، أكان المسيح ، أكان بوذا ، أكانت الطبيعة وما تعدد من ذلك وما تنوعت الانتماءات والاعتمادات ، حينها رأيت في ذلك تجردا وتجريدا من كل الألقاب العلمية ، والألقاب الاجتماعية ليتساوى الجميع ، أخذت من ذلك عبرة بأن تلك المكتسبات ما هي إلا عارضة زائلة والأصل هو الباقي ، ليكون قوام الإنسان ما يؤمن بها من مبادىء ، وما يتبناها من أخلاق ، لتكون له خير زاد ، وفي الطريق وفي تلك الصحراء لا يسمع إلا صفير الريح ، ولا يشاهد إلا صحراء في مداها سراب ، انتقال من ضجيج وصباح اطفال ومزاح وشجار ما هي إلا لحظة عابرة وكانهم دخلوا حياة الموات والبرزخ فلا تسمع له همسا ! يترقبون ما ينتظرهم من أخطار ، وايديهم على صدورهم يتمتمون ويلهجون بالدعاء ، وما أن وصلوا لتلك الواحة إلا وقد خرجوا من عالم الأرواح ليعبروا عالم الأشهاد ، حينها تنفسوا الصعداء ، " من هنا علينا تذكر ذلك اليوم الذي نفرد فيه ، وتنتزع منا الالقاب والمسميات ، ويتخلى عنا أقرب الناس لنا ، ولا يكون لنا شفيع وانيس غير صالح الأعمال " . من تلك الصحراء القاحلة وذلك الصمت الرهيب الذي يشبه صمت اصحاب القبور ، إلى الرجوع لعالم الشهود حيث اللقاء الهادر الذي سّكنَ تلك الهواجس ، وبدد تلك المخاوف من فاجعات المفاجآت في وسط تلك الرمال ، حينها كان الفضول يحرك كوامن ذلك الانجليزي الذي يمني نفسه بلقاء ذلك الخيميائي لينهل منه العلوم ، كل اشتغل بما جاء من اجله منه من تّبضع ، ومنهم من لاقى اهله واصحابه ، وصاحبنا اكتفى بالبحث مع ذلك الانجليزي عن طريدته ومبتغاه ، ولنا أن نعيش مع ذلك الوصف الذي وصف به النسوة من جلباب وتلك العادات والتقاليد والمعاملات ، وعرج على وجوب احترام ما يؤمنون بها من عادات ، ومع هذا عندما اجتمع بطل القصة بفاطمة ، جرى على لسانها ذلك التذمر والضيق من تلك العادات التي اتعبت كواهلهم ليجعل من تلك العادات نوع من الكبت ، والتسلط والاكراه الذي فرض عليهم عنوة ! بعيدا عن الخوض في الاحتمالات ونبش ما تخفيه وتواريه الكلمات ، نجد ذلك اللقاء لقاء بطل القصة مع تلك الفتاة ، الذي انساه مبتغاه وهدفه ، وذلك الحب الذي تجاهل الدين ، وتسور حدود المحظورات من الفوارق الطبقية ، والمجتمعية ، ليكون الحب هو العنوان والصخرة التي تحطم كل التباينات والاختلافات ، بصرف النظر عن كون ذلك من المحرمات وما يدخل في تفاصيل الشرع ، لكوننا نعرج على الرواية ، ولا يفوتنا ذلك الوقوف عند ذلك الخضوع ، وذلك الاسترخاء والركون إلى إلقاء عصا الترحال للوصول لذلك المنشود من الكنوز والغنى الموعود ، فقد خمدت جذوة الحماسة والإصرار بعدما شاهد واجتمع مع الحبيب ، وكأن تلك المعاني المادية تضائل وخفت بريقها أمام تلك المشاعر الجياشة التي تّملكت العقل والقلب وكل جارحة في ذلك المرء . ولنا أن نتأمل في ردت فعل تلك الفتاة التي داست على قلبها لتّغلبَ مصلحة ذلك المجد الذي قطع الأميال والفيافي والقفار من اجل ادراك المأمول ، لتكون له سنداً ، ورافداً ، ومغذياَ ، ونافخاَ في عزائمه الروح ، من ذلك نستخلص بأن ذلك الحب الذي تجرد من جاذبية العاطفة الآنية الحدوث ، التي لا ترى مستقبل الأمور هو المرشح والمؤهل ليكون جذوره في أرض الحب ليكون سرمدياَ ما بقت في الجسد الروح ، وما كان من ذلك الشاب إلا تجهيز متاع سفره بعد أن أخذ تلك الجرعات والمحفزات ليشق طريقه بأمل وتفائل ، فهنالك من ينتظر نجاحه ورجوعه . مُهاجر |
قرأت رؤوس الفقرات بسس
لأن الموضوع طوييل جداً لكن اسم الرواية لفت نظري و هي المشرحة لأقرأها بالأوقات الجاية تقديري |
كل الشكر و التقدير
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسلموووووا ع الطرح القيم والمفيد يعطيك الف عافية بانتظار جديدك دائما https://3.top4top.net/p_1423g48g70.gif |
الساعة الآن 12:08 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.