علاء فلسطين
06-06-2025, 04:01 AM
الصمت العربي: حين يصبح الوجع صوتاً بلا صدى: "علاء النيص"
الصمتُ ليس غيابٍ للكلمات، هو موقفٌ، هو اختيارٌ، هو فعلٌ بحد ذاته. أن تصمتَ أمام الألم ليس حياداً، بل انحيازٌ إلى الفراغ الذي يتركه الصوتُ الغائبُ في مشهدِ القسوة.
غزة تصرخ، لكن صرختها لا تجدُ غير الجدران لترددها، كأنَ الصوتَ فقدَ طريقه إلى القلوب التي اعتادت أن تَمرَ أمام المشاهد دون أن تُحركها. قسوةُ الصمت العربي ليست تجاهلٍ، بل هي شكلٌ آخرُ من الخذلان، هو غيابُ الفعلِ حين يكونُ الفعلُ ضرورةً، هو التراجعُ حين يكون التقدمُ واجباً، هو الانحناءُ حين يكون الوقوفُ هو الحدُ الفاصلُ بين الحياة والموت.
لم يكن هذا الصمتُ وليدَ اللحظة، ولكن هو امتدادٌ لتاريخٍ طويلٍ من العجزِ المتراكم، حيث تحولت المواقفُ إلى بياناتٍ جوفاء، والتنديدُ إلى طقسٍ متكررٍ يُمارسُ دونَ أثر، والمآسي إلى مجردِ أخبارٍ تُستهلكُ كما تُستهلكُ عناوينُ الصحفِ ثم تُنسى.
كيف يصبحُ الصمتُ خيانةً؟
حين يكونُ الألمُ حقيقةً واضحةً كالشمس، وحين تكونُ الدماءُ نداءً لا يحتاجُ إلى ترجمة، وحين تُصبحُ الكلماتُ عبئاً يُستبدلُ بعباراتٍ خاويةٍ من المعنى: "نستنكر، نشجب، نتابع بقلق"، كأنَ هذه الكلمات باتت رموزاً لزيفِ المواقف التي لا تحملُ في طياتها سوى خواءٍ يُضاعفُ الجرح.
غزةُ ليست مدينةٍ تعاني، هي رمزٌ لكلَ وطنٍ تُركَ وحيداً في مواجهةِ العاصفة، لكلَ حُلمٍ تحطمَ تحتَ وطأةِ التجاهل، لكلَ قضيةٍ أصبحت رقمٍ في الأخبار يتكررُ حتى يعتادهُ السامعون فلا يُحرك فيهم شيئاً.
في قلب المشهد المُر، هناك أطفالٌ يحملون حجارتهم كما لو كانت دروعاً، وهناك نساءٌ يكتبن قصصَ الصمود على جدران المنازل التي لم تعد تعرف الأمان، وهناك رجالٌ يقفونَ أمامَ الغضب دونَ أن يُخيفَهم الموت القريب. هم وحدهم لا يصمتون. هم وحدهم يدركونَ أنَ الصوتَ، حتى لو كانَ ضعيفاً، قادرٌ على زلزلة العجز الراسخ في العقول المتعبة من الوعود الكاذبة
الصمتُ العربي اليوم ليس وقوفٍ على الحياد فقط، بل تحول إلى جدارٍ عازلٍ يمنعُ الألم من الوصول، إلى لغةٍ بلا روحٍ تُقالُ في المحافل ثم تُنسى، إلى ذاكرةٍ مثقوبةٍ تُلقي بالأحداث في غياهب الماضي قبل أن تُدرك عمقها الحقيقي.
ولكن، السؤالُ الأكثرُ قسوةً: هل هذا الصمتُ قد أصبحَ عادةً؟ هل فقدَ العرب إحساسهم بما يجري لأنَ الألم أصبح مشهداً يومياً لا يستدعي رد الفعل؟
إذا كان الصمتُ هو اللغةُ الوحيدةُ التي بقيت، فلا بدَّ أن تُكسَر، أن يُكسرَ هذا الجمودُ الذي يحولُ القضايا إلى ذكرى، والأوطانَ إلى أطلالٍ، والوجعَ إلى روتينٍ يُستهلكُ دون أن يُحرك ساكناً.
غزة تحتاجُ إلى صوتٍ يحملُ في طياتهِ غضباً صادقاً، غضباً مُخيفاً، يحملُ موقفاً شُجاعاً، يحملُ حياةً، لأنَ الصمتَ حين يُطولُ يُصبحُ قسوةً أشد من سقوط القذائف..!
الصمتُ ليس غيابٍ للكلمات، هو موقفٌ، هو اختيارٌ، هو فعلٌ بحد ذاته. أن تصمتَ أمام الألم ليس حياداً، بل انحيازٌ إلى الفراغ الذي يتركه الصوتُ الغائبُ في مشهدِ القسوة.
غزة تصرخ، لكن صرختها لا تجدُ غير الجدران لترددها، كأنَ الصوتَ فقدَ طريقه إلى القلوب التي اعتادت أن تَمرَ أمام المشاهد دون أن تُحركها. قسوةُ الصمت العربي ليست تجاهلٍ، بل هي شكلٌ آخرُ من الخذلان، هو غيابُ الفعلِ حين يكونُ الفعلُ ضرورةً، هو التراجعُ حين يكون التقدمُ واجباً، هو الانحناءُ حين يكون الوقوفُ هو الحدُ الفاصلُ بين الحياة والموت.
لم يكن هذا الصمتُ وليدَ اللحظة، ولكن هو امتدادٌ لتاريخٍ طويلٍ من العجزِ المتراكم، حيث تحولت المواقفُ إلى بياناتٍ جوفاء، والتنديدُ إلى طقسٍ متكررٍ يُمارسُ دونَ أثر، والمآسي إلى مجردِ أخبارٍ تُستهلكُ كما تُستهلكُ عناوينُ الصحفِ ثم تُنسى.
كيف يصبحُ الصمتُ خيانةً؟
حين يكونُ الألمُ حقيقةً واضحةً كالشمس، وحين تكونُ الدماءُ نداءً لا يحتاجُ إلى ترجمة، وحين تُصبحُ الكلماتُ عبئاً يُستبدلُ بعباراتٍ خاويةٍ من المعنى: "نستنكر، نشجب، نتابع بقلق"، كأنَ هذه الكلمات باتت رموزاً لزيفِ المواقف التي لا تحملُ في طياتها سوى خواءٍ يُضاعفُ الجرح.
غزةُ ليست مدينةٍ تعاني، هي رمزٌ لكلَ وطنٍ تُركَ وحيداً في مواجهةِ العاصفة، لكلَ حُلمٍ تحطمَ تحتَ وطأةِ التجاهل، لكلَ قضيةٍ أصبحت رقمٍ في الأخبار يتكررُ حتى يعتادهُ السامعون فلا يُحرك فيهم شيئاً.
في قلب المشهد المُر، هناك أطفالٌ يحملون حجارتهم كما لو كانت دروعاً، وهناك نساءٌ يكتبن قصصَ الصمود على جدران المنازل التي لم تعد تعرف الأمان، وهناك رجالٌ يقفونَ أمامَ الغضب دونَ أن يُخيفَهم الموت القريب. هم وحدهم لا يصمتون. هم وحدهم يدركونَ أنَ الصوتَ، حتى لو كانَ ضعيفاً، قادرٌ على زلزلة العجز الراسخ في العقول المتعبة من الوعود الكاذبة
الصمتُ العربي اليوم ليس وقوفٍ على الحياد فقط، بل تحول إلى جدارٍ عازلٍ يمنعُ الألم من الوصول، إلى لغةٍ بلا روحٍ تُقالُ في المحافل ثم تُنسى، إلى ذاكرةٍ مثقوبةٍ تُلقي بالأحداث في غياهب الماضي قبل أن تُدرك عمقها الحقيقي.
ولكن، السؤالُ الأكثرُ قسوةً: هل هذا الصمتُ قد أصبحَ عادةً؟ هل فقدَ العرب إحساسهم بما يجري لأنَ الألم أصبح مشهداً يومياً لا يستدعي رد الفعل؟
إذا كان الصمتُ هو اللغةُ الوحيدةُ التي بقيت، فلا بدَّ أن تُكسَر، أن يُكسرَ هذا الجمودُ الذي يحولُ القضايا إلى ذكرى، والأوطانَ إلى أطلالٍ، والوجعَ إلى روتينٍ يُستهلكُ دون أن يُحرك ساكناً.
غزة تحتاجُ إلى صوتٍ يحملُ في طياتهِ غضباً صادقاً، غضباً مُخيفاً، يحملُ موقفاً شُجاعاً، يحملُ حياةً، لأنَ الصمتَ حين يُطولُ يُصبحُ قسوةً أشد من سقوط القذائف..!