مُهاجر
10-25-2022, 09:59 PM
هي وقفات متواضعة على بعض احداث الرواية /
ومع استدلالهم واستلهامهم من ذلك الإرث العلمي والحضاري للعرب خاصة وللعجم عامة من المسلمين ،
لا بد أن يحشروا بعض المغالطات ليلبسوها طهارة تلك الإنجازات التي فتحت أعين العالم لما يسمى العلم النظري والتجريبي ،
ليضعوا أقدامهم على طريق العلم لتكون انطلاقتهم بذلك النفس الذي تنفسه القدماء من علماء العرب والعجم من بني الإسلام ،
وإن كانت براءة الإكتشافات والإختراعات ادرجوها في قوائم انجازاتهم !
الرواية في مجملها تعرج على البحث عن الذات جاعلة صفحة الكون ناطقة لا يفهمها إلا من أصغى لهمهماته وفك شفرة أسراره ،
ينطلق من فكره بديهية بسيطة ينطلق من محيطه الضيق ليلاقي الفضاء الفسيح الذي يضج بالأسرار ، يمر على مواقف وشخوص تبين له معالم الطريق ،
من رؤيا قضت مضجعه إلى أمل يتبلور يرى فيه مستقبله ، يخرج من حيز الرعي ومناجاة الأغنام التي حوى وتعلم همسها وحركتها ،
إلى أن تدرج في حمل واكتناز مخيلته من معلومات تقاصر عقله المنكفي على ذاته أن يستوعب كنهها ، يحدوه الفضول لتعلم المزيد حديث
وجد في رصد المعرفة متعة تضفي لحياته طعم لم يذق حلاوته من قبل ، أناخ مطية بحثه في أول مراحله عند تلك المنجمة ليجد عندها ذلك التفسير
لتلك الرؤيا التي تكررت في منامه مرتين ، ليستصحب معه تلك الفكرة التي غرست في مخيلته والفكرة عن أولئك الغجر الذين لا يعرفون معنى للحياة
غير النصب والإحتيال ، ومع هذا وذاك ساقه الفضول لكشف المجهول متناسيا ذلك المخوف من النصب والإحتيال وما طلب المنجمة نصيبها من ذلك الكنز المدفون ،
إلا إعادة الروح لجسده حيث جعلت من ذلك فرصة الهروب من استقطاع ما لديه من نقود ، لينتقل بعد ذلك بتجربة أخرى ليلتقي بذلك العجوز الذي كان له الأثر البالغ
في فتح أفاق تفكيره بحيث رافقه بحديثه في غالب رحلته وكأنه ظله الذي لا يفارقه ، حيث بين له بعض الأمور وأرشده على بعض الإشارات ،
وإن كان في تبيانها نوع من الغموض ليجعل له مساحة يعمل بها عقله ليصل بنفسه للمقصود .
ما زلتُ أبحر في تلك الرواية التي تعج وتضج بالإشارات ، والرموز ، والإيحاءات :
نجدُ في طياتها الحكمة ، العبرة ، التوجيه ، الدعوة ، المراجعة ،
تنساب بين مساماتها بعض المصطلحات أو الأفكار التي تحتاج لتنقية والوقوف على أعتابها كونها تخالف المبادئ ،
وما نؤمن به من ضوابط الشرع من حرمة ، وفي المحصلة :
في طواف ذلك الشاب الباحث عن الكنز الذي " نتجّوز" وصف ذلك الكنز على أنه كنزا ماديا ومجازيا ،
ليفتح الأبواب بسعيه الحثيث ليعرف حقيقة نفسه وذاته ، أخذ الخيط الموصل للحقيقة من ذلك الملك العجوز ،
جميلة تلك اللفتة عندما ساق تلك التجربة مع ذلك الباحث عن الزمردة وبعد البحث وتحطيم تسعمائة وتسعا وتسعين حجرا ،
كان الدرس أن الإنسان لا يستسلم فلربما يكون النجاح في المحاولة التالية ، نتوقف ليعاود أنفاسه ويعيد نشاطه ،
لعل الواحد منا يسير في الحياة متخبط خبط عشواء ليس له هدف يعيش من أجله ، ولربما حالفنا الحظ حين يُساق لنا من ينبهنا
ويوقفنا مع ذواتنا ، ولعل انفراجة وافقت ساعة راحة البال لتغير لنا نمط الحياة للنتقل من رتابتها إلى تجديدها ،
يمر الساعي عن الجديد وما يجعله متناغما مع الكون باحثا عن إكسير هذه الحياة وبينما هو مجد في طلبه صادقا ومؤمنا بقضيته ،
تعتريه الظروف وتغالبه حشرجات النفس حين يخفق القلب ويجذبه نحو ما يسكن به همه وتنعش روحه ، ولربما كان ذلك مثبطا قدم عزيمته ،
فما كان حبه لتلك الفتاة إلا بابا من أبواب البلاء والإبتلاء لتقاس به درجة اليقين بهدفه ، تنحرف بوصلة المجد ولعل في ذلك زيادة وتبيانا بأن الرحلة
لم ولن تكون مفروشة بالورود بل يتلفعها الشوك ، وكم هو جميل ذلك الإنسجام والتلاحم عندما يغوص الإنسان في ذاته ومكوناته يستمع لنبض قلبه وجوارحه ،
لتكون لغة يتجاوزون المعاجم الشارحة لمعناها لوجود ذلك الرابط المتلازم الذي يكون القلب هو المستودع والبصر والبصيرة التي تقود ذلك الإنسان الذي يضفي عليه المصداقية ،
ولكوننا نحن معاشر المسلمين لنا شريعتنا وما يضبط حركتنا وسكوننا هو البوصلة التي عليها نسير ، فقد كفانا الله مؤنة البحث عن المجمع والصانع الأول لكل الخلق ،
ما ينقصنا هو تسخير تلك الحصيلة العقدية في عملية التأمل والتدبر في الكون ، أما فيما جاء في الرواية فهو بحث مضني يستحق العناء لبلوغ الحقيقة المطلقة ،
التي تجمع شتات المبعثر في جنبات هذا الكون
تلك الأسطورة :
هي سر الحياة التي يحيا من أجل تحقيق غايتها ذلك الإنسان المدرك لحقيقتها ، تنشأ كحلم وأمنية يتبعه سعي وعمل يحصنها يقين
وإيمان يظللها وينافح ويكافح عنها أمل ، واللبيب من يتدرج في الوصول للغاية الأسمى بحيث يجدد الأهداف،
فالإنسان قد يصل لمبتغاه حينها تنطفي جذوة المبادرة والحراك ، ولعل هنالك مغالبة تحول بينه وبين الوصول لهدفه ،
من هنا كان لزاما أن يخلق ويضع في الحسبان البدائل ، وما نراه اليوم تلك الأمنيات التي أودعت في مستودعات التسويف والإهمال !
ليكون المستحيل هو حقيقة الحالم والوسنان ، ولنا في بطل قصتنا خير مثال في ترحاله وانتقاله من حال إلى حال .
نجد لتحركات بطل الرواية اشارات يجدها تُطل برأسها بين فينة وأخرى كنافخة لروح عزيمته إذا ما توارت عنه معالم الطريق ،
فالإشارات قد تكون معالم ، وقد تكون مؤشرات ومنبهات، وقد تكون علامات وبراهين صدق لذاك المقال لذاك الناصح .
توقفت كثيراَ عند ذلك العالم الانجليزي الذي افنى الكثير من عمره في مختبرات البحث ،
ومع هذا عندما سمع عن ذلك الخيميائي الذي بلغَ من العمر عتيا وما اكتشفه ،
حتى حزم حقائب السفر وقد نقل معه الغذاء الذي يستمريه ويتغذى عليه من كتب ،
ما لفت نظري ذلك الحرص الشديد لنيل ما هو جديد من علم ومعارف ،
متجردا عن كل المكتسبات العلمية والمعرفية لينزل بذلك منزلة الطالب الذي يلهث وراء الفائدة ،
بذلك يكون الصدق في الطلب والذي تيقن بأن العلم لا ساحل له ،
وأن العاقل من عقل بأنه لم يبلغ ذروة العلم بأنه ما يزال في بداية المشوار والبذل الصغير ،
فبذلك يجني الخير الوفير ويستقي من العلم ماء نمير .
حينها أرجع إلى الواقع الذي نعيش لحظاته لأعقد عليه المقارنة ،
فكم من قريب عهد ما يزال يحبو في مهد التحصيل العلمي نراه رافعا هامة التقول والإدعاء بأنه نال علم الأولين والآخرين ،
وأنه ليس له منافس وند ! ليقف عند ذلك الحد واهما نفسه بأنه لا كمثله أحد !
"من هنا تقتل تلك الروح التي بها يطير المرء نحو فضاء العلم ليفيد ويستفيد " .
تعودنا الجلوس مع الأخوة في كل مساء من يوم الإثنين ، وقد قررنا أن يكون لتلك الجلسة ضوابط وشروط ،
بحيث توزع المهام ومن ضمنها تحديد اشخاص كي يكون عليهم اختيار كتاب نتناوله بعد بسطه على مائدة الحوار ،
وكان الموضوع يتحدث عن أحد الأعلام من الأدباء العمانيين الذين مزجوا وزاوجوا بين الواقع الأدبي المعاصر وذاك الماضي الغابر ،
فكان السؤال يتحدث عن ذلك السر في ذلك التوفيق بين الحاضر والماضي ؟
وقد كان في قلبي بعض الملاحظات على بعض الاشخاص ،
فوجدتها فرصة لأبدي ما اخفيته في صدري من باب التلميح والتعريض ،
كي لا أقع في اتون الحزازات والحساسيات ،
فقلت الجواب يكمن في ذلك الاستعداد من ذلك العّلم الذي هضم نفسه ،
وعرفها قدرها فكانت عينه فيما عند غيره من علم ومعارف ليكون السعي للتجديد ،
والتحديث والاطلاع فيما توصل اليه اقرانهم من المفكرين والادباء ،
بعكس اولئك الذي ظنوا بأنهم بلغوا الثرياء لينظروا للناس من ابراجهم العاجية ،
وقد شلوا وخثروا بذلك تلك الدماء التي حُبست واغلق عليها التجديد ،
ليطوفهم ويتجاوزهم بذلك جني الفائدة من غيرهم !
"وليتهم بلغوا في ذلك معشار ما بلغ اضعفهم همة وفلاحا " !
واستحضرت حينها تلك القصة التي سردها القران عن موسى _ عليه السلام _ مع الخضر _ عليه السلام _ ،
لنتعلم كيف يكون حال طالب العلم ومن أراد أن يتعلم ، بحيث يترك تلك اللألقاب والمسميات ليبقى مجردا منها ،
فهو في حضرة العلم الذي لا يتصل بحسب ولا نسب ، وما على الطالب الانصياع والإتباع ،
من هنا نرى ذلك الإنجليزي قد طبق تلك النظرية بعدما علم قدر العلم ، ومدى امتداد ساحله ،
فهناك من يتجاوزون حصيلته ومخزونه المعرفي .
" من هنا كان السعي ليجلي ويتخلص من ذلك الجهل الذي يحول بينه وبين اكتمال ما يعيش واقعه ،
والعيش الذي يعيش من أجله لبلوغ هدفه وغايته .
وفي ذاك الفصل والحديث عن تلكم الرحلة التي كانت وجهتها الصحراء القاحلة ،
كنت بين الماضين والممتطين لتلك الركاب ،
اتنقل بفكري اعيش المشهد ،
وكم شدني ذاك النداء من قبل الدليل وقائد المسير ،
حيث طلب منهم القسم كل بما يؤمن به ،
أكان بالله رب العالمين ، أكان المسيح ،
أكان بوذا ، أكانت الطبيعة وما تعدد من ذلك وما تنوعت الانتماءات والاعتمادات ،
حينها رأيت في ذلك تجردا وتجريدا
من كل الألقاب العلمية ،
والألقاب الاجتماعية ليتساوى الجميع ،
أخذت من ذلك عبرة بأن تلك المكتسبات ما هي إلا عارضة زائلة والأصل هو الباقي ،
ليكون قوام الإنسان ما يؤمن بها من مبادىء ، وما يتبناها من أخلاق ، لتكون له خير زاد ،
وفي الطريق وفي تلك الصحراء لا يسمع إلا صفير الريح ، ولا يشاهد إلا صحراء في مداها سراب ،
انتقال من ضجيج وصباح اطفال ومزاح وشجار ما هي إلا لحظة عابرة وكانهم دخلوا حياة الموات والبرزخ فلا تسمع له همسا !
يترقبون ما ينتظرهم من أخطار ، وايديهم على صدورهم يتمتمون ويلهجون بالدعاء ، وما أن وصلوا لتلك الواحة إلا وقد
خرجوا من عالم الأرواح ليعبروا عالم الأشهاد ، حينها تنفسوا الصعداء ،
" من هنا علينا تذكر ذلك اليوم الذي نفرد فيه ، وتنتزع منا الالقاب والمسميات ،
ويتخلى عنا أقرب الناس لنا ، ولا يكون لنا شفيع وانيس غير صالح الأعمال " .
من تلك الصحراء القاحلة وذلك الصمت الرهيب الذي يشبه صمت اصحاب القبور ،
إلى الرجوع لعالم الشهود حيث اللقاء الهادر الذي سّكنَ تلك الهواجس ،
وبدد تلك المخاوف من فاجعات المفاجآت في وسط تلك الرمال ،
حينها كان الفضول يحرك كوامن ذلك الانجليزي الذي يمني نفسه بلقاء ذلك الخيميائي لينهل منه العلوم ،
كل اشتغل بما جاء من اجله منه من تّبضع ، ومنهم من لاقى اهله واصحابه ، وصاحبنا اكتفى بالبحث مع ذلك الانجليزي عن طريدته ومبتغاه ،
ولنا أن نعيش مع ذلك الوصف الذي وصف به النسوة من جلباب وتلك العادات والتقاليد والمعاملات ،
وعرج على وجوب احترام ما يؤمنون بها من عادات ، ومع هذا عندما اجتمع بطل القصة بفاطمة ،
جرى على لسانها ذلك التذمر والضيق من تلك العادات التي اتعبت كواهلهم ليجعل من تلك العادات نوع من الكبت ،
والتسلط والاكراه الذي فرض عليهم عنوة !
بعيدا عن الخوض في الاحتمالات ونبش ما تخفيه وتواريه الكلمات ، نجد ذلك اللقاء لقاء بطل القصة مع تلك الفتاة ،
الذي انساه مبتغاه وهدفه ، وذلك الحب الذي تجاهل الدين ، وتسور حدود المحظورات من الفوارق الطبقية ،
والمجتمعية ، ليكون الحب هو العنوان والصخرة التي تحطم كل التباينات والاختلافات ،
بصرف النظر عن كون ذلك من المحرمات وما يدخل في تفاصيل الشرع ،
لكوننا نعرج على الرواية ، ولا يفوتنا ذلك الوقوف عند ذلك الخضوع ،
وذلك الاسترخاء والركون إلى إلقاء عصا الترحال للوصول لذلك المنشود من الكنوز والغنى الموعود ،
فقد خمدت جذوة الحماسة والإصرار بعدما شاهد واجتمع مع الحبيب ،
وكأن تلك المعاني المادية تضائل وخفت بريقها أمام تلك المشاعر الجياشة التي تّملكت العقل والقلب وكل جارحة في ذلك المرء .
ولنا أن نتأمل في ردت فعل تلك الفتاة التي داست على قلبها لتّغلبَ مصلحة ذلك المجد الذي قطع الأميال والفيافي والقفار من اجل ادراك المأمول ،
لتكون له سنداً ، ورافداً ، ومغذياَ ، ونافخاَ في عزائمه الروح ، من ذلك نستخلص بأن ذلك الحب الذي تجرد من جاذبية العاطفة الآنية الحدوث ،
التي لا ترى مستقبل الأمور هو المرشح والمؤهل ليكون جذوره في أرض الحب ليكون سرمدياَ ما بقت في الجسد الروح ،
وما كان من ذلك الشاب إلا تجهيز متاع سفره بعد أن أخذ تلك الجرعات والمحفزات ليشق طريقه بأمل وتفائل ،
فهنالك من ينتظر نجاحه ورجوعه .
مُهاجر
ومع استدلالهم واستلهامهم من ذلك الإرث العلمي والحضاري للعرب خاصة وللعجم عامة من المسلمين ،
لا بد أن يحشروا بعض المغالطات ليلبسوها طهارة تلك الإنجازات التي فتحت أعين العالم لما يسمى العلم النظري والتجريبي ،
ليضعوا أقدامهم على طريق العلم لتكون انطلاقتهم بذلك النفس الذي تنفسه القدماء من علماء العرب والعجم من بني الإسلام ،
وإن كانت براءة الإكتشافات والإختراعات ادرجوها في قوائم انجازاتهم !
الرواية في مجملها تعرج على البحث عن الذات جاعلة صفحة الكون ناطقة لا يفهمها إلا من أصغى لهمهماته وفك شفرة أسراره ،
ينطلق من فكره بديهية بسيطة ينطلق من محيطه الضيق ليلاقي الفضاء الفسيح الذي يضج بالأسرار ، يمر على مواقف وشخوص تبين له معالم الطريق ،
من رؤيا قضت مضجعه إلى أمل يتبلور يرى فيه مستقبله ، يخرج من حيز الرعي ومناجاة الأغنام التي حوى وتعلم همسها وحركتها ،
إلى أن تدرج في حمل واكتناز مخيلته من معلومات تقاصر عقله المنكفي على ذاته أن يستوعب كنهها ، يحدوه الفضول لتعلم المزيد حديث
وجد في رصد المعرفة متعة تضفي لحياته طعم لم يذق حلاوته من قبل ، أناخ مطية بحثه في أول مراحله عند تلك المنجمة ليجد عندها ذلك التفسير
لتلك الرؤيا التي تكررت في منامه مرتين ، ليستصحب معه تلك الفكرة التي غرست في مخيلته والفكرة عن أولئك الغجر الذين لا يعرفون معنى للحياة
غير النصب والإحتيال ، ومع هذا وذاك ساقه الفضول لكشف المجهول متناسيا ذلك المخوف من النصب والإحتيال وما طلب المنجمة نصيبها من ذلك الكنز المدفون ،
إلا إعادة الروح لجسده حيث جعلت من ذلك فرصة الهروب من استقطاع ما لديه من نقود ، لينتقل بعد ذلك بتجربة أخرى ليلتقي بذلك العجوز الذي كان له الأثر البالغ
في فتح أفاق تفكيره بحيث رافقه بحديثه في غالب رحلته وكأنه ظله الذي لا يفارقه ، حيث بين له بعض الأمور وأرشده على بعض الإشارات ،
وإن كان في تبيانها نوع من الغموض ليجعل له مساحة يعمل بها عقله ليصل بنفسه للمقصود .
ما زلتُ أبحر في تلك الرواية التي تعج وتضج بالإشارات ، والرموز ، والإيحاءات :
نجدُ في طياتها الحكمة ، العبرة ، التوجيه ، الدعوة ، المراجعة ،
تنساب بين مساماتها بعض المصطلحات أو الأفكار التي تحتاج لتنقية والوقوف على أعتابها كونها تخالف المبادئ ،
وما نؤمن به من ضوابط الشرع من حرمة ، وفي المحصلة :
في طواف ذلك الشاب الباحث عن الكنز الذي " نتجّوز" وصف ذلك الكنز على أنه كنزا ماديا ومجازيا ،
ليفتح الأبواب بسعيه الحثيث ليعرف حقيقة نفسه وذاته ، أخذ الخيط الموصل للحقيقة من ذلك الملك العجوز ،
جميلة تلك اللفتة عندما ساق تلك التجربة مع ذلك الباحث عن الزمردة وبعد البحث وتحطيم تسعمائة وتسعا وتسعين حجرا ،
كان الدرس أن الإنسان لا يستسلم فلربما يكون النجاح في المحاولة التالية ، نتوقف ليعاود أنفاسه ويعيد نشاطه ،
لعل الواحد منا يسير في الحياة متخبط خبط عشواء ليس له هدف يعيش من أجله ، ولربما حالفنا الحظ حين يُساق لنا من ينبهنا
ويوقفنا مع ذواتنا ، ولعل انفراجة وافقت ساعة راحة البال لتغير لنا نمط الحياة للنتقل من رتابتها إلى تجديدها ،
يمر الساعي عن الجديد وما يجعله متناغما مع الكون باحثا عن إكسير هذه الحياة وبينما هو مجد في طلبه صادقا ومؤمنا بقضيته ،
تعتريه الظروف وتغالبه حشرجات النفس حين يخفق القلب ويجذبه نحو ما يسكن به همه وتنعش روحه ، ولربما كان ذلك مثبطا قدم عزيمته ،
فما كان حبه لتلك الفتاة إلا بابا من أبواب البلاء والإبتلاء لتقاس به درجة اليقين بهدفه ، تنحرف بوصلة المجد ولعل في ذلك زيادة وتبيانا بأن الرحلة
لم ولن تكون مفروشة بالورود بل يتلفعها الشوك ، وكم هو جميل ذلك الإنسجام والتلاحم عندما يغوص الإنسان في ذاته ومكوناته يستمع لنبض قلبه وجوارحه ،
لتكون لغة يتجاوزون المعاجم الشارحة لمعناها لوجود ذلك الرابط المتلازم الذي يكون القلب هو المستودع والبصر والبصيرة التي تقود ذلك الإنسان الذي يضفي عليه المصداقية ،
ولكوننا نحن معاشر المسلمين لنا شريعتنا وما يضبط حركتنا وسكوننا هو البوصلة التي عليها نسير ، فقد كفانا الله مؤنة البحث عن المجمع والصانع الأول لكل الخلق ،
ما ينقصنا هو تسخير تلك الحصيلة العقدية في عملية التأمل والتدبر في الكون ، أما فيما جاء في الرواية فهو بحث مضني يستحق العناء لبلوغ الحقيقة المطلقة ،
التي تجمع شتات المبعثر في جنبات هذا الكون
تلك الأسطورة :
هي سر الحياة التي يحيا من أجل تحقيق غايتها ذلك الإنسان المدرك لحقيقتها ، تنشأ كحلم وأمنية يتبعه سعي وعمل يحصنها يقين
وإيمان يظللها وينافح ويكافح عنها أمل ، واللبيب من يتدرج في الوصول للغاية الأسمى بحيث يجدد الأهداف،
فالإنسان قد يصل لمبتغاه حينها تنطفي جذوة المبادرة والحراك ، ولعل هنالك مغالبة تحول بينه وبين الوصول لهدفه ،
من هنا كان لزاما أن يخلق ويضع في الحسبان البدائل ، وما نراه اليوم تلك الأمنيات التي أودعت في مستودعات التسويف والإهمال !
ليكون المستحيل هو حقيقة الحالم والوسنان ، ولنا في بطل قصتنا خير مثال في ترحاله وانتقاله من حال إلى حال .
نجد لتحركات بطل الرواية اشارات يجدها تُطل برأسها بين فينة وأخرى كنافخة لروح عزيمته إذا ما توارت عنه معالم الطريق ،
فالإشارات قد تكون معالم ، وقد تكون مؤشرات ومنبهات، وقد تكون علامات وبراهين صدق لذاك المقال لذاك الناصح .
توقفت كثيراَ عند ذلك العالم الانجليزي الذي افنى الكثير من عمره في مختبرات البحث ،
ومع هذا عندما سمع عن ذلك الخيميائي الذي بلغَ من العمر عتيا وما اكتشفه ،
حتى حزم حقائب السفر وقد نقل معه الغذاء الذي يستمريه ويتغذى عليه من كتب ،
ما لفت نظري ذلك الحرص الشديد لنيل ما هو جديد من علم ومعارف ،
متجردا عن كل المكتسبات العلمية والمعرفية لينزل بذلك منزلة الطالب الذي يلهث وراء الفائدة ،
بذلك يكون الصدق في الطلب والذي تيقن بأن العلم لا ساحل له ،
وأن العاقل من عقل بأنه لم يبلغ ذروة العلم بأنه ما يزال في بداية المشوار والبذل الصغير ،
فبذلك يجني الخير الوفير ويستقي من العلم ماء نمير .
حينها أرجع إلى الواقع الذي نعيش لحظاته لأعقد عليه المقارنة ،
فكم من قريب عهد ما يزال يحبو في مهد التحصيل العلمي نراه رافعا هامة التقول والإدعاء بأنه نال علم الأولين والآخرين ،
وأنه ليس له منافس وند ! ليقف عند ذلك الحد واهما نفسه بأنه لا كمثله أحد !
"من هنا تقتل تلك الروح التي بها يطير المرء نحو فضاء العلم ليفيد ويستفيد " .
تعودنا الجلوس مع الأخوة في كل مساء من يوم الإثنين ، وقد قررنا أن يكون لتلك الجلسة ضوابط وشروط ،
بحيث توزع المهام ومن ضمنها تحديد اشخاص كي يكون عليهم اختيار كتاب نتناوله بعد بسطه على مائدة الحوار ،
وكان الموضوع يتحدث عن أحد الأعلام من الأدباء العمانيين الذين مزجوا وزاوجوا بين الواقع الأدبي المعاصر وذاك الماضي الغابر ،
فكان السؤال يتحدث عن ذلك السر في ذلك التوفيق بين الحاضر والماضي ؟
وقد كان في قلبي بعض الملاحظات على بعض الاشخاص ،
فوجدتها فرصة لأبدي ما اخفيته في صدري من باب التلميح والتعريض ،
كي لا أقع في اتون الحزازات والحساسيات ،
فقلت الجواب يكمن في ذلك الاستعداد من ذلك العّلم الذي هضم نفسه ،
وعرفها قدرها فكانت عينه فيما عند غيره من علم ومعارف ليكون السعي للتجديد ،
والتحديث والاطلاع فيما توصل اليه اقرانهم من المفكرين والادباء ،
بعكس اولئك الذي ظنوا بأنهم بلغوا الثرياء لينظروا للناس من ابراجهم العاجية ،
وقد شلوا وخثروا بذلك تلك الدماء التي حُبست واغلق عليها التجديد ،
ليطوفهم ويتجاوزهم بذلك جني الفائدة من غيرهم !
"وليتهم بلغوا في ذلك معشار ما بلغ اضعفهم همة وفلاحا " !
واستحضرت حينها تلك القصة التي سردها القران عن موسى _ عليه السلام _ مع الخضر _ عليه السلام _ ،
لنتعلم كيف يكون حال طالب العلم ومن أراد أن يتعلم ، بحيث يترك تلك اللألقاب والمسميات ليبقى مجردا منها ،
فهو في حضرة العلم الذي لا يتصل بحسب ولا نسب ، وما على الطالب الانصياع والإتباع ،
من هنا نرى ذلك الإنجليزي قد طبق تلك النظرية بعدما علم قدر العلم ، ومدى امتداد ساحله ،
فهناك من يتجاوزون حصيلته ومخزونه المعرفي .
" من هنا كان السعي ليجلي ويتخلص من ذلك الجهل الذي يحول بينه وبين اكتمال ما يعيش واقعه ،
والعيش الذي يعيش من أجله لبلوغ هدفه وغايته .
وفي ذاك الفصل والحديث عن تلكم الرحلة التي كانت وجهتها الصحراء القاحلة ،
كنت بين الماضين والممتطين لتلك الركاب ،
اتنقل بفكري اعيش المشهد ،
وكم شدني ذاك النداء من قبل الدليل وقائد المسير ،
حيث طلب منهم القسم كل بما يؤمن به ،
أكان بالله رب العالمين ، أكان المسيح ،
أكان بوذا ، أكانت الطبيعة وما تعدد من ذلك وما تنوعت الانتماءات والاعتمادات ،
حينها رأيت في ذلك تجردا وتجريدا
من كل الألقاب العلمية ،
والألقاب الاجتماعية ليتساوى الجميع ،
أخذت من ذلك عبرة بأن تلك المكتسبات ما هي إلا عارضة زائلة والأصل هو الباقي ،
ليكون قوام الإنسان ما يؤمن بها من مبادىء ، وما يتبناها من أخلاق ، لتكون له خير زاد ،
وفي الطريق وفي تلك الصحراء لا يسمع إلا صفير الريح ، ولا يشاهد إلا صحراء في مداها سراب ،
انتقال من ضجيج وصباح اطفال ومزاح وشجار ما هي إلا لحظة عابرة وكانهم دخلوا حياة الموات والبرزخ فلا تسمع له همسا !
يترقبون ما ينتظرهم من أخطار ، وايديهم على صدورهم يتمتمون ويلهجون بالدعاء ، وما أن وصلوا لتلك الواحة إلا وقد
خرجوا من عالم الأرواح ليعبروا عالم الأشهاد ، حينها تنفسوا الصعداء ،
" من هنا علينا تذكر ذلك اليوم الذي نفرد فيه ، وتنتزع منا الالقاب والمسميات ،
ويتخلى عنا أقرب الناس لنا ، ولا يكون لنا شفيع وانيس غير صالح الأعمال " .
من تلك الصحراء القاحلة وذلك الصمت الرهيب الذي يشبه صمت اصحاب القبور ،
إلى الرجوع لعالم الشهود حيث اللقاء الهادر الذي سّكنَ تلك الهواجس ،
وبدد تلك المخاوف من فاجعات المفاجآت في وسط تلك الرمال ،
حينها كان الفضول يحرك كوامن ذلك الانجليزي الذي يمني نفسه بلقاء ذلك الخيميائي لينهل منه العلوم ،
كل اشتغل بما جاء من اجله منه من تّبضع ، ومنهم من لاقى اهله واصحابه ، وصاحبنا اكتفى بالبحث مع ذلك الانجليزي عن طريدته ومبتغاه ،
ولنا أن نعيش مع ذلك الوصف الذي وصف به النسوة من جلباب وتلك العادات والتقاليد والمعاملات ،
وعرج على وجوب احترام ما يؤمنون بها من عادات ، ومع هذا عندما اجتمع بطل القصة بفاطمة ،
جرى على لسانها ذلك التذمر والضيق من تلك العادات التي اتعبت كواهلهم ليجعل من تلك العادات نوع من الكبت ،
والتسلط والاكراه الذي فرض عليهم عنوة !
بعيدا عن الخوض في الاحتمالات ونبش ما تخفيه وتواريه الكلمات ، نجد ذلك اللقاء لقاء بطل القصة مع تلك الفتاة ،
الذي انساه مبتغاه وهدفه ، وذلك الحب الذي تجاهل الدين ، وتسور حدود المحظورات من الفوارق الطبقية ،
والمجتمعية ، ليكون الحب هو العنوان والصخرة التي تحطم كل التباينات والاختلافات ،
بصرف النظر عن كون ذلك من المحرمات وما يدخل في تفاصيل الشرع ،
لكوننا نعرج على الرواية ، ولا يفوتنا ذلك الوقوف عند ذلك الخضوع ،
وذلك الاسترخاء والركون إلى إلقاء عصا الترحال للوصول لذلك المنشود من الكنوز والغنى الموعود ،
فقد خمدت جذوة الحماسة والإصرار بعدما شاهد واجتمع مع الحبيب ،
وكأن تلك المعاني المادية تضائل وخفت بريقها أمام تلك المشاعر الجياشة التي تّملكت العقل والقلب وكل جارحة في ذلك المرء .
ولنا أن نتأمل في ردت فعل تلك الفتاة التي داست على قلبها لتّغلبَ مصلحة ذلك المجد الذي قطع الأميال والفيافي والقفار من اجل ادراك المأمول ،
لتكون له سنداً ، ورافداً ، ومغذياَ ، ونافخاَ في عزائمه الروح ، من ذلك نستخلص بأن ذلك الحب الذي تجرد من جاذبية العاطفة الآنية الحدوث ،
التي لا ترى مستقبل الأمور هو المرشح والمؤهل ليكون جذوره في أرض الحب ليكون سرمدياَ ما بقت في الجسد الروح ،
وما كان من ذلك الشاب إلا تجهيز متاع سفره بعد أن أخذ تلك الجرعات والمحفزات ليشق طريقه بأمل وتفائل ،
فهنالك من ينتظر نجاحه ورجوعه .
مُهاجر