m0m3n
01-21-2022, 12:26 PM
https://i0.wp.com/metras.co/wp-content/uploads/2021/03/%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D9%81%D9%84%D9%81%D9%84-3-1.jpeg?fit=1368%2C824&ssl=1
تقول إحدى النكات الدارجة في قطاع غزّة: "إذا أردت أن تصطاد غزّاوياً، فانصب لهُ فخاً من الفلفل"، فهذا نوعٌ من الفِخاخ المُحبّبة لدى الغزّاوي.
ربّما يدفعك ذلك إلى التساؤل حول سرّ تعلّق أهل غزّة بالفلفل والطعام الحارّ، ويدفعني هذا أيضاً إلى سؤالك: هل أُتيحت لك زيارة القطاع ورأيت السوق عندنا؟ أو دعك من هذا السؤال الذي يقف الحصارُ حائلاً بينك وبينه، وأجبني على سؤالٍ آخر: أتعرفُ غزّاويّاً مُغترباً؟ إن كان نعم، فخذ منّي وراقب تفاعله -إن كان ذاك على أرض الواقع أو على منصّات التواصل الاجتماعيّ (لا فرق)- حين يصله صندوق المؤونة من أهله، وفيه أهمّ شيء: الصوص الخاصّ بأهل غزّة.
سفير المطبخ الغزّاوي
ثمّة الكثيرُ من العادات الغزّاوية الشعبيّة في أكل الفلفل الحار، فهو يؤكل إمّا مخروطاً أو مكبوساً أو على حالته الطبيعيّة. وبالرغم من تعدّد أنواع الفلفل، إلا أنّ الفلفل الأحمر المخروط هو من أكثر الأصناف التي يعزّها الغزّي بشكلٍ خاصّ.
يُعرف الفلفل في القطاع على أنه "صوص كُل الأكلات والوجبات"، يحضر فيها بطعمه الحارّ والحادّ، وبمقادير بسيطة: فلفل أحمر مخروط، وملح. إنّه نسخةٌ غزّاويةٌ عن صلصة "سيراتشا" العالمية و"الهريسة الحارة" المشهورة في دول المغرب العربي.
يدخل الفلفل في الكثير من الأطباق "الحرّيفة" المفضلة في غزة، سواء كان أحمر أم أخضر أم معمولاً كشطّة. من هذه الأطباق: المفتول، والسلطة الغزّاوية المكوّنة من البصل والبندورة وكثير من الفلفل وزيت الزيتون. كذلك السمّاقية،1 وهي أكلة غزّية شهيرة تُعد في الأفراح والمناسبات، تسبحُ بالشطّة والفلفل، لدرجة تصل فيها أن يقول الغزّاوي: "إن لم تكن بحاجةً إلى مطافي بجانبك وأنت تأكلها، فلا تُسمى سماقية غزاوية".
لا يستغني الغزّيون عن هذا الصنف، إلا في استثناءات محددة في الأكل. قد تَعرف تلك الاستثناءات حين تجد قرون الفلفل الأخضر موضوعة في صحنٍ على مائدة الطعام. هذه إشارة تعني أن الطبخة لا تحتوي في مقاديرها على الفلفل، وأن الفلفل الأحمر أو "الفلفل الطرشي" لا يُحبّذ مع الوجبة الحالية. لذا ليوضع الفلفل الأخضر حتى لا تكون المائدة يتيمة، كما يُقال في غزة.
الجديد إلى حدٍ ما، أنّه مع زيادة هجرة الشباب من قطاع غزة، بات الفلفل الأحمر المخروط سفير المطبخ الغزّاوي حول العالم، وهديةً تُرسَلُ إلى المغتربين الغزيّين.
الوضع في غزة مثل الفلفل
"انخلقنا ولقينا حالنا بنحب الفلفل والأكل الحرّاق"، هكذا يؤرّخ الشاب يحيى عسكر لحضور الأكل الحار في مطبخ بيتهم. أمّا فيما يخصّ المطبخ الغزّي، فيُرجع أباهر السقا حضور الأكل الحار في المطبخ الغزّي إلى كون المدينة منطقة تجاريّة وطريقاً للقوافل العالميّة، ممّا قد جعلها تتأثّر بتجارة البهارات الهندية الحارّة.2
يُتابع عسكر حديثه محاولاً تقريب الصورة لمن لا يعرف الأكل الغزّي: "بتقدر تاكل الطبيخ بدون ملح؟ لا، والغزازوة ما بيقدروا ياكلوا الأكل بدون فلفل". يُحدّثني سفيان مصطفى، وهو باحث مهتم في شؤون المطبخ الفلسطيني، أنّ الحريف ليس طعماً بل هو إحساس بالألم، وأن هناك نظريّات تُرجع أكل الطعام الحار للشعوب الفقيرة، لأن معه تفقد الحوائج طعمها نتيجة الألم، فيُغنيها عن اشتهاء اللحم مثلاً.
حتى وقت قريب كانت هناك نكتة شعبيّة معروفة انتشرت بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وبدء المرحلة الأولى المعروفة باتفاق غزّة – أريحا عام 1994. تقول النكتة إنّ شعار السّلطة الفلسطينيّة سيتكون من قرنيّ فلفل وموزة، في إشارة إلى موز أريحا وفلفل غزّة. وبالرغم من أنّ هذه نكتة، إلا أنّ في اشتهار غزّة بالفلفل رمزيّة تحيل إلى وضع غزة السياسيّ والمعيشيّ "الحرّاق دائماً"!
تقول إحدى النكات الدارجة في قطاع غزّة: "إذا أردت أن تصطاد غزّاوياً، فانصب لهُ فخاً من الفلفل"، فهذا نوعٌ من الفِخاخ المُحبّبة لدى الغزّاوي.
ربّما يدفعك ذلك إلى التساؤل حول سرّ تعلّق أهل غزّة بالفلفل والطعام الحارّ، ويدفعني هذا أيضاً إلى سؤالك: هل أُتيحت لك زيارة القطاع ورأيت السوق عندنا؟ أو دعك من هذا السؤال الذي يقف الحصارُ حائلاً بينك وبينه، وأجبني على سؤالٍ آخر: أتعرفُ غزّاويّاً مُغترباً؟ إن كان نعم، فخذ منّي وراقب تفاعله -إن كان ذاك على أرض الواقع أو على منصّات التواصل الاجتماعيّ (لا فرق)- حين يصله صندوق المؤونة من أهله، وفيه أهمّ شيء: الصوص الخاصّ بأهل غزّة.
سفير المطبخ الغزّاوي
ثمّة الكثيرُ من العادات الغزّاوية الشعبيّة في أكل الفلفل الحار، فهو يؤكل إمّا مخروطاً أو مكبوساً أو على حالته الطبيعيّة. وبالرغم من تعدّد أنواع الفلفل، إلا أنّ الفلفل الأحمر المخروط هو من أكثر الأصناف التي يعزّها الغزّي بشكلٍ خاصّ.
يُعرف الفلفل في القطاع على أنه "صوص كُل الأكلات والوجبات"، يحضر فيها بطعمه الحارّ والحادّ، وبمقادير بسيطة: فلفل أحمر مخروط، وملح. إنّه نسخةٌ غزّاويةٌ عن صلصة "سيراتشا" العالمية و"الهريسة الحارة" المشهورة في دول المغرب العربي.
يدخل الفلفل في الكثير من الأطباق "الحرّيفة" المفضلة في غزة، سواء كان أحمر أم أخضر أم معمولاً كشطّة. من هذه الأطباق: المفتول، والسلطة الغزّاوية المكوّنة من البصل والبندورة وكثير من الفلفل وزيت الزيتون. كذلك السمّاقية،1 وهي أكلة غزّية شهيرة تُعد في الأفراح والمناسبات، تسبحُ بالشطّة والفلفل، لدرجة تصل فيها أن يقول الغزّاوي: "إن لم تكن بحاجةً إلى مطافي بجانبك وأنت تأكلها، فلا تُسمى سماقية غزاوية".
لا يستغني الغزّيون عن هذا الصنف، إلا في استثناءات محددة في الأكل. قد تَعرف تلك الاستثناءات حين تجد قرون الفلفل الأخضر موضوعة في صحنٍ على مائدة الطعام. هذه إشارة تعني أن الطبخة لا تحتوي في مقاديرها على الفلفل، وأن الفلفل الأحمر أو "الفلفل الطرشي" لا يُحبّذ مع الوجبة الحالية. لذا ليوضع الفلفل الأخضر حتى لا تكون المائدة يتيمة، كما يُقال في غزة.
الجديد إلى حدٍ ما، أنّه مع زيادة هجرة الشباب من قطاع غزة، بات الفلفل الأحمر المخروط سفير المطبخ الغزّاوي حول العالم، وهديةً تُرسَلُ إلى المغتربين الغزيّين.
الوضع في غزة مثل الفلفل
"انخلقنا ولقينا حالنا بنحب الفلفل والأكل الحرّاق"، هكذا يؤرّخ الشاب يحيى عسكر لحضور الأكل الحار في مطبخ بيتهم. أمّا فيما يخصّ المطبخ الغزّي، فيُرجع أباهر السقا حضور الأكل الحار في المطبخ الغزّي إلى كون المدينة منطقة تجاريّة وطريقاً للقوافل العالميّة، ممّا قد جعلها تتأثّر بتجارة البهارات الهندية الحارّة.2
يُتابع عسكر حديثه محاولاً تقريب الصورة لمن لا يعرف الأكل الغزّي: "بتقدر تاكل الطبيخ بدون ملح؟ لا، والغزازوة ما بيقدروا ياكلوا الأكل بدون فلفل". يُحدّثني سفيان مصطفى، وهو باحث مهتم في شؤون المطبخ الفلسطيني، أنّ الحريف ليس طعماً بل هو إحساس بالألم، وأن هناك نظريّات تُرجع أكل الطعام الحار للشعوب الفقيرة، لأن معه تفقد الحوائج طعمها نتيجة الألم، فيُغنيها عن اشتهاء اللحم مثلاً.
حتى وقت قريب كانت هناك نكتة شعبيّة معروفة انتشرت بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وبدء المرحلة الأولى المعروفة باتفاق غزّة – أريحا عام 1994. تقول النكتة إنّ شعار السّلطة الفلسطينيّة سيتكون من قرنيّ فلفل وموزة، في إشارة إلى موز أريحا وفلفل غزّة. وبالرغم من أنّ هذه نكتة، إلا أنّ في اشتهار غزّة بالفلفل رمزيّة تحيل إلى وضع غزة السياسيّ والمعيشيّ "الحرّاق دائماً"!