دفء
12-12-2020, 10:37 AM
ذكر الله سبحانه في كتابه النفس البشريَّة ، وبيِّن مراتبها وأصنافها ، وسبيل الارتقاء بها من مرتبة أسفل سافلين إلى مرتبة الربانيين المقربين في أعلى عليين ، فالنفس واحدة باعتبار ذاتها، وثلاث باعتبار صفاتها . وقد ذكر الله سبحانه أصناف النفس . وسأقتصر على ثلاثة أصناف أو مراتب : الأمَّارة بالسوء ، واللوامة ، والمطمئنة .
1 ـ النفس الأمَّارة بالسوء:
هي النفس المذمومة التي تأمر صاحبها بكل سوء في الحال أو المآل، لما فيها من بواعث الشهوة، والقوة الغضبية، والدواعي الجسمية الأرضية.
علاج النفس الأمارة: محاسبتها ومخالفتها:
قال صلى الله عليه وسلم: (الكيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللهِ الأماني) رواه أحمد.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا...).
وقال ميمون بن مهران رضي الله عنه: (لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه. ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوَّان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك).
لا يتم مقصود الشركة من الربح إلا بالمشارطة، على ما يفعل الشريك، ثم بالإشراف عليه ومراقبته ثانياً، ثم بمحاسبته ثالثاً، ثم بمنعه من الخيانة، إن اطلع عليها رابعاً.
وكذلك النفس يشارطها أولاً على حفظ الجوارح السبعة التي حفظها هو رأس المال . والربح بعد ذلك، فمن ليس له رأس مال فكيف يطمع بالربح؟
وهذه الجوارح السبعة هي: العين والأذن، والفم واللسان، والفرج واليد، والرِّجْل، فحفظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر.
ينتقل من المشارطة على حفظ هذه الجوارح إلى الإشراف عليها ومراقبتها فلا يهملها، فإن أهملها لحظة ربقت في الخيانة، حتى تذهب برأس المال كله.
فإذا أحس بالنقصان انتقل إلى المحاسبة، فحينئذ يتبين له الربح والخسران، فإذا أحس بالخسران، استدرك منها ما يستدرك الشريك من شريكه، من الرجوع عليه بما مضى.
ويعينه على هذه المراقبة والمحاسبة: معرفة أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غداً، وكلما أهملها اليوم اشتدَّ عليه الحساب غداً.
ويعينه عليها أيضاً: معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس والنظر إلى وجه الرب سبحانه، وخسارتها: دخول الناس والحجاب عن الرب سبحانه.
اللجوء إلى الله والاستعانة به في مجاهدة النفس:
فالنفس الأمارة بالسوء لا يخلص صاحبها من شرِّها إلا بالالتجاء إلى الله تعالى والاستعانة به سبحانه، والتعوُّذ به من شرِّها.
فمن استعاذ بالله من شرِّها أعاذه الله، ومن تحصَّن به حفظه الله تعالى.
وقد علَّم رسول الله أمَّته وأرشدهم إلى طريق التخلص من شرور النفس وبيَّن أن النفس تحتاج إلى مجاهدة.
روى البخاري عن ابن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). وزاد البيهقي في روايته: (والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله تعالى).
قال تعالى:[وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى] {النَّازعات:41}. فإذا جاهد الإنسان نفسه، واستعان بالله، نصره الله تعالى عليها، فيصير مسلماً مسالماً، مسلماً لأوامر الله، مسالماً لعباد الله، ويصير مؤمناً بالله تعالى صادقاً، ويصير مهاجراً هاجراً للخطايا والذنوب.
2 ـ النفس اللوَّامة:
قال تعالى [لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ(1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ(2) ]. {القيامة}..
اللوامة: صفة مبالغة من اللوم. وهي التي: تلوم صاحبها على ما فات، وتندم على فعل الشر، لمَ فعلتَه؟ وتندم على التقصير في فعل الخير لَم لمْ تستكثر منه؟ فهي لم تزل لائمة، وإن اجتهدت في الطاعات والعبادات.
ومن اللوم تتولَّد الندامة، والندامة أسفٌ أليم يعتري النفس، ويحرق القلب، فيحمل النادم على ترك المساوئ، والإقلاع عن الذنوب التي أوقعته في الندامة.
وبذلك يدخل في باب التوبة النصوح، قال صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة)، وقال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وهناك يلتحق بالتائبين الذين قال الله فيهم [إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {الفرقان:70}.
فإذا تاب وأناب نال مرتبة الطمأنينة وصار صاحب نفس مطمئنة.
3 ـ النفس المطمئنة:
قال تعالى:[يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي] {الفجر:ـ 27 ـ 30}.
والطمأنينة: هي سكون القلب مع الأمن والأنس وارتياح القلب، فالطمأنينة تستلزم أموراً ثلاثة:
1 ـ الاستقرار والسكون: قال تعالى:[وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً] {النحل:112}. أي: ساكنة.
وقال تعالى:[ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {النساء:103}. فبعد أن ذكر سبحانه حالة السفر والقصر فيه، وحالة الحرب وكيفية الصلاة في هذه الحالة قال: [ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ]. أي: إذا استقررتم وسكنتم من السَّير والخوف فأقيموا الصلاة وأدوها بتمامها.
2 ـ المحبة والاستئناس القلبي لما يطمئن به: قال تعالى:[وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ] {آل عمران:126}. فطمأنهم سبحانه بما يحبون ويفرحون.
3 ـ الرضا التام : قال تعالى:[إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {يونس:8}.
رضوا بالحياة الفانية الدنيَّة، واطمأنوا بها أي: سكنوا إليها وأقاموا بها إقامة.
فقوله تعالى:[يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ] {الفجر:27}.أي: النفس التي ثبتت على عبادة الله وأقامت على تقواه، بامتثال أوامره، والانتهاء عما نهى، مع المحبة الصادقة والرضا الكامل، فإنهما الركنان في تحقيق الطمأنينة.
1 ـ النفس الأمَّارة بالسوء:
هي النفس المذمومة التي تأمر صاحبها بكل سوء في الحال أو المآل، لما فيها من بواعث الشهوة، والقوة الغضبية، والدواعي الجسمية الأرضية.
علاج النفس الأمارة: محاسبتها ومخالفتها:
قال صلى الله عليه وسلم: (الكيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللهِ الأماني) رواه أحمد.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا...).
وقال ميمون بن مهران رضي الله عنه: (لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه. ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوَّان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك).
لا يتم مقصود الشركة من الربح إلا بالمشارطة، على ما يفعل الشريك، ثم بالإشراف عليه ومراقبته ثانياً، ثم بمحاسبته ثالثاً، ثم بمنعه من الخيانة، إن اطلع عليها رابعاً.
وكذلك النفس يشارطها أولاً على حفظ الجوارح السبعة التي حفظها هو رأس المال . والربح بعد ذلك، فمن ليس له رأس مال فكيف يطمع بالربح؟
وهذه الجوارح السبعة هي: العين والأذن، والفم واللسان، والفرج واليد، والرِّجْل، فحفظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر.
ينتقل من المشارطة على حفظ هذه الجوارح إلى الإشراف عليها ومراقبتها فلا يهملها، فإن أهملها لحظة ربقت في الخيانة، حتى تذهب برأس المال كله.
فإذا أحس بالنقصان انتقل إلى المحاسبة، فحينئذ يتبين له الربح والخسران، فإذا أحس بالخسران، استدرك منها ما يستدرك الشريك من شريكه، من الرجوع عليه بما مضى.
ويعينه على هذه المراقبة والمحاسبة: معرفة أنه كلما اجتهد فيها اليوم استراح منها غداً، وكلما أهملها اليوم اشتدَّ عليه الحساب غداً.
ويعينه عليها أيضاً: معرفته أن ربح هذه التجارة سكنى الفردوس والنظر إلى وجه الرب سبحانه، وخسارتها: دخول الناس والحجاب عن الرب سبحانه.
اللجوء إلى الله والاستعانة به في مجاهدة النفس:
فالنفس الأمارة بالسوء لا يخلص صاحبها من شرِّها إلا بالالتجاء إلى الله تعالى والاستعانة به سبحانه، والتعوُّذ به من شرِّها.
فمن استعاذ بالله من شرِّها أعاذه الله، ومن تحصَّن به حفظه الله تعالى.
وقد علَّم رسول الله أمَّته وأرشدهم إلى طريق التخلص من شرور النفس وبيَّن أن النفس تحتاج إلى مجاهدة.
روى البخاري عن ابن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). وزاد البيهقي في روايته: (والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله تعالى).
قال تعالى:[وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى] {النَّازعات:41}. فإذا جاهد الإنسان نفسه، واستعان بالله، نصره الله تعالى عليها، فيصير مسلماً مسالماً، مسلماً لأوامر الله، مسالماً لعباد الله، ويصير مؤمناً بالله تعالى صادقاً، ويصير مهاجراً هاجراً للخطايا والذنوب.
2 ـ النفس اللوَّامة:
قال تعالى [لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ(1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ(2) ]. {القيامة}..
اللوامة: صفة مبالغة من اللوم. وهي التي: تلوم صاحبها على ما فات، وتندم على فعل الشر، لمَ فعلتَه؟ وتندم على التقصير في فعل الخير لَم لمْ تستكثر منه؟ فهي لم تزل لائمة، وإن اجتهدت في الطاعات والعبادات.
ومن اللوم تتولَّد الندامة، والندامة أسفٌ أليم يعتري النفس، ويحرق القلب، فيحمل النادم على ترك المساوئ، والإقلاع عن الذنوب التي أوقعته في الندامة.
وبذلك يدخل في باب التوبة النصوح، قال صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة)، وقال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وهناك يلتحق بالتائبين الذين قال الله فيهم [إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {الفرقان:70}.
فإذا تاب وأناب نال مرتبة الطمأنينة وصار صاحب نفس مطمئنة.
3 ـ النفس المطمئنة:
قال تعالى:[يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي] {الفجر:ـ 27 ـ 30}.
والطمأنينة: هي سكون القلب مع الأمن والأنس وارتياح القلب، فالطمأنينة تستلزم أموراً ثلاثة:
1 ـ الاستقرار والسكون: قال تعالى:[وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً] {النحل:112}. أي: ساكنة.
وقال تعالى:[ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {النساء:103}. فبعد أن ذكر سبحانه حالة السفر والقصر فيه، وحالة الحرب وكيفية الصلاة في هذه الحالة قال: [ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ]. أي: إذا استقررتم وسكنتم من السَّير والخوف فأقيموا الصلاة وأدوها بتمامها.
2 ـ المحبة والاستئناس القلبي لما يطمئن به: قال تعالى:[وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ] {آل عمران:126}. فطمأنهم سبحانه بما يحبون ويفرحون.
3 ـ الرضا التام : قال تعالى:[إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ] {يونس:8}.
رضوا بالحياة الفانية الدنيَّة، واطمأنوا بها أي: سكنوا إليها وأقاموا بها إقامة.
فقوله تعالى:[يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ] {الفجر:27}.أي: النفس التي ثبتت على عبادة الله وأقامت على تقواه، بامتثال أوامره، والانتهاء عما نهى، مع المحبة الصادقة والرضا الكامل، فإنهما الركنان في تحقيق الطمأنينة.