عذبة المشاعر
01-16-2020, 11:27 PM
كم يزعجها رنين المنبه كل يوم صباحا ، لكن لا مفر ، فهي الأم والزوجة والعاملة ، ويجب أن تنهض باكرا ، كي توقظ زوجها لعمله ، وأبنائها للمدرسه ، وبعدها تقوم بترتيب المنزل ترتيبا سريعا .
عملت هيا في البنك ، وبعدها لدى محاسب ، أحبت أن تستقل في العمل ، من بعد الخبرة التي إكتسبتها في مجال الحسابات وذلك تخصصها الذي تحبه ، فضلت أن يكون لديها مكتب خاص في المنزل وذلك توفيرا للمال من جهة فوضع زوجها المادي متوسط ، ومن جهة أخرى لتتفضى أكثر لبيتها وعائلتها ، لذلك عدلت في الديكور قليلا ليصبح المكتب مستقلا بمدخل مفصولا عن المنزل .
تزوجت هيا وهي في العشرين من العمر ، درست دورة الحسابات بعد المدرسة مباشرة ، بعدها تزوجت ورزقت بطفلين ، حياتها هادئه ، وربما يتمنى الكثيرين أن يحظوا بتلك العيشة الهانئه التي تعيشها هيا،رغم ذلك هي ليست سعيدة وغير مقتنعه بحياتها وتعتبر نفسها أنها غير محظوظة ، وبأنها تشقى كي تحصل على ما تريد .
لم تتزوج هيا عن قصة حب عنيفة كما تمنت ، زوجها أحبها كثيرا لكن هي كان حبها له عاديا ، تقبلته منذ البداية وشعرت نحوه باستلطاف وبأنها من الممكن أن تكمل حياتها برفقته .
تمنت أن تكون عازبة مثل مايا صديقة الطفولة والمدرسة ، وفي بعض الأحيان تتمنى الثراء الفاحش كشقيقتها ، وتارة تتحسر بأنها لم تعش قصة حب مثل صديقتها أنغام وزوجها سعيد .
أربعة عشر عاما والروتين نفسه ، أولاد ، ترتيب بيت ، طبخ، مسؤولية زوج، عمل في المكتب .
إحتست القهوه برفقة زوجها ، بعدها ذهب الى عمله أما هي إستغلت الوقت ، لديها ساعة فقط لتوضيب المنزل قليلا ، دخلت لترتب غرفة الاولاد أولا ، لكن سرعان ما لفت نظرها فانوس خشبي صغير بخطوط نصف دائرية جميلة زرقاء وصفراء، لم تره من قبل في الغرفة، مسكت الفانوس فتحته ونفخت كي تزيل الغبار عنه ، فجأة ظهر مارد كبير ، وقال لها شبيك لبيك سيدتي ، تفاجئت وذعرت !!
_ يا إلهي من أنت وكيف ظهرت هنا ؟
قال لها _ أنا هوكوس وانت من طلبتني سيدتي ..
أجابت باستغراب _ لم أطلبك ولا أعرفك أصلا ..
قال _ أنت نفخت في الفانوس ، وأنا سألبي رغباتك ..
_آه حقا؟
هل تستطيع أن تطلقني من زوجي لأحيا عزباء .
قال لها _ أستطيع، لكن لن أقدر إرجاعك ألى زوجك إذ لم يحلو لك الأمر .
_آه حقا؟ لكن لا أريد ذلك ، فربما لم يرق لي الحال ، هل تستطيع إخفائي كي أتنقل بين منازل شقيقاتي وصديقاتي ؟ ...
_فكر وقال _ نعم لكن لمدة ثلاثة أيام لا غير ... بعدها ترجعين لطبيعتك .
_اه حسنا ..
إختفت هيا ، مما سهل عليها التنقل بكل حرية ..
سأذهب أتفقد صديقتي مايا ، فهي للآن عزباء لا هم ولا غم لديها ، حياتها خالية من المشاكل ..
وصلت إلى حيث تريد ، فصديقتها تجلس مع والديها وشقيقها للإفطار قبل أن تذهب للعمل .
_ رن جوال مايا ولكنها لم ترد .. مما أزعج شقيقها وبدأ بالصراخ عليها وبأسئلته من هذا يا مايا ؟ ولماذا لم تجيبي؟
إحتدت وقالت له لا شأن لك ، إهتم فقط بشؤونك ودعني وشأني .. غضب منها غضبا شديدا ، وأخذ الجوال منها بالقوة ، مما دعى تدخل الأم ، وأمرته بحدة أن يرجع الجوال لمايا وليس له علاقة بها ، ذهبت مايا لغرفتها ولم تكمل إفطارها ، تناولت الدواء الذي ليس لها غنى عنه ، عانت مايا من الإكتئاب لفترة، بسبب تدمير شقيقها لها نفسيا ومشاحنات دائمة بينهما ، ودلال الأم لابنها الوحيد المدلل ، أما والدها شخص صامت دوما وإذا تكلم فيدافع فقط عن إبنه ، تغير حال والدتها للأفضل معها عندما مرضت وذبلت .. انتهت مايا من الكآبة وتحسنت نفسيتها ، لكن جسدها لا زال يعاني قليلا من نوبات حاده من ضيق في النفس مع دوخة وإغماء .. ومع الإلتزام بتناول الأدوية تحسنت وخفت تلك النوبات لديها .
جلست على السرير .. وبدأت بالبكاء ، ألا يكفي ما أوصلني إليه شقيقي من تدخلاته التي لا تنتهي؟ بت أكره الرجال لأجله ، وما الضرر إن لم أتزوج ، فأنا مستقلة من الناحية المادية بسبب عملي ولدي سيارتي الخاصه ، لم ألقى الشخص المناسب الذي أبحث عنه ، لن أتزوج فقط لاجل المجتمع ، ولولا قوة شخصيتي لما طبت من كآبتي . منذ أن عاد واستقر بمنزل العائلة بعد طلاقه وخيانة زوجته له ،أصبح يرى كل النساء خائنات ،كره المنزل الذي كان فيه بسبب زوجته فلذلك باعه واستقر ببيت العائلة ، تحملت مايا الكثير منه بسبب تجربته تلك وبررت له كثيرا ، لكن أصبح يضيق عليها وكأنها في حصار ، لزمت الصمت كثيرا وكانت ترى والداها يفرقان بينهما ، ونتيجة الكبت والصمت وتراكمات ولأن مايا مرهفة الحس ، كل ذلك أدى ألى حالة كآبة لديها ، لكن كان إكتئابا متوسطا ، إستطاعت مايا أن تتجاوز محنتها تلك بقوة شخصيتها التي تتمع بها.
جهزت نفسها للذهاب ألى المكتب ، فهي تعمل لدى مهندس ديكور ، ولم تكن بمفردها في العمل هذا ، فهناك زملاء وزميلات لها ، تحولت الزمالة بينهم إلى صداقة جميلة ، ومايا كل الوقت إجتهاد وإبداع ، وعند الإستراحه ضحك وفرح ..
وما أن ترجع ألى البيت حتى تصبح شخص آخر تماما ، حزن ، وغصة بقلبها ، تفرغ تلك الطاقة السلبية التي يمنحها لها المنزل بالرسم ، تلك الموهبة المكملة لاختصاصها وتعمل أيضا في المنزل على كمبيوترها الخاص ، يعكر صفوها دوما شقيقها الذي يتدخل بها .
ذهلت هيا وقالت في نفسها _ حسبت حياة مايا بمنتهى السعاده ، كانت دوما تقول لي لا أطمح بالزواج لا اريد هموم فانا سعيدة بحياتي ... وكانت تضحك كثيرا ، لدرجة أن هيا حسدتها .
في اليوم التالي زارت شقيقتها ألين المتزوجه ، والتي تسكن في قصر، وزوجها مليونير ، كانت والدتها بزيارتها ..
رأت وجه أختها أزرق من كدمات قوية ، شاهدتها تبكي بشدة وتشكي لوالدتها ، زوجي يشك بي لحد الجنون ، متحكم في حياتي ، كنت أعمل في بوتيك للملابس أصبح يراقبني ومنعني من العمل ، أحيانا يأخذ مني الجوال والسيارة ، دوما يحبطني ، يحسب أنه اشتراني بنقوده ، من يصدق أن زوجي وفي هذا العصر المتحرر يقوم بصفعي ، إقترحت عليه مرارا أن يتعالج لدى طبيب نفسي فرفض ، لا يريدني أن أعمل في شركة والده التي هو مديرها ، فأنا لم أحظى بشهادة جامعية ، ولم يقبل أن ادرس في الجامعة بحجة أنني لم أكن ذكية يوما في المدرسة .
كم كان مغشيا على قلبي ومعميا على بصري أيام الخطوبة ، إنبهرت به لأنه وحيد والديه ، تهت في ثروة والده وأملاكه وشركاته ، كنت جميلة وأريد حياة الترف والدلال ، لم أرى سلبياته قبل الزواج ، ، أصبحت أكرهه كثيرا يا أمي ، لا أريد مال ولا ثروة ، فقط أريد راحة البال .
سألتها والدتها : لماذا لم تفصحي لي كل ما تعاني منه ؟ وكيف أنا لم أشعر بك ؟ ولم أرى يوما أثرا للضرب على وجهك وجسدك ، أنت ممثله بارعه يا آلين .
قالت آلين _ لا أريد اقلقاكم علي، وانت لديك الهموم ما يكفي ، وعندما يعنفني كنت التزم البيت ولا أقبل بزيارة أحد لي حتى انت ، وأحيانا أخرى أخفف أثر الكدمات بالميك اب والماكياج .
صمتت قليلا ، تنهدت تنهيدة طائر مذبوح وقالت ..
لم أعد أحتمل كل هذا الظلم ، أريد الطلاق ..
قالت أمها لها
_لكن يا بنتي ليس بمقدورك العيش معنا لانك تعودت على نمط حياة معين مختلفا عنا نحن ، فكري بأولادك .. كيف ستصرفين عليهم وليس لديك عمل ؟ وليس لديك شهادة جامعيه ، فكرت آلين بكلام والدتها وجدته صحيح ، ستتحمل فقط لأجل أولادها ، وهي تعلم أنها ضعيفه ولم تتعود على الإستقلالية .
كم تمنت الحرية والإستقرار ، والإعتماد على نفسها ، لكنها لم تعتد على ذلك إطلاقا ، تخاف الضياع في عصر السرعة والصخب ، الذي أصبح غير مألوفا لديها ، أولادها أصبحوا في سن المراهقة ، وهي مرحلة حساسة جدا وصعبة ، وهم بحاجة إليها كثيرا وخاصة ابنتها المراهقة.
إعتقدت هيا أن أختها أسعد انسانه لأنها جميله جدا وتزوجت من رجل ثري ..
في اليوم التالي ذهبت الي زميلتها أنغام أيام دورة الحسابات ، والتي أسمتها جولييت وقتها .. كانت أنغام بقصة حب عنيفه مع سعيد وتكلل حبهما بالزواج .
وصلت إلى منزل أنغام ، ورأت مشاجرتها مع سعيد .
ألا يكفي أنني أحببتك وتزوجتك رغم وضعك المادي التعيس؟ أنت لا توفر لي شيء ، أصبحت أخجل بين صديقاتي بسبب ظروفي ، وللآن ليس لدينا أولاد وأنا صابرة وفوق كل ذلك تخونني وأعلم ذلك بالصدفة..
أجابها سعيد بانفعال ، قلت لك من البداية ظروفي صعبة ماديا وبأنني وأهلي نعاني من فقر مدقع ووافقت على ذلك ، أما من جهة الأولاد سلي نفسك لما للآن ليس لدينا أولاد ، فالعقم منك وليس مني ، توسلتني لعدم تركك كي لا يقال عنك أنك فشلت بإختيارك لي .. انت من أوصلني لوضع الخيانه بسبب تذمرك الدائم وعدم تحملك ، خدعت بك يا أنغام وجدا .
أنا أشتكي لانني بت آخر همك ، لم تعد تسأل عني ، أعمل وأنت تستغلني ، لم أتوقعك بهذه الدناءة ، كيف استطعت أن تمثل علي ؟ كم كنت بلهاء وعمياء لأنني أحببتك بشغف .
حينها بكت أنغام لأنه جرحها في الصميم، لانها تخلت عن كل من حولها حتى أهلها بسبب حبها الكبير له.
صحيح والدها بارك زواجهما ، لكن كان مجبرا بسبب رغبة ابنته ، لا أحد يزورها ، بقيت وحيدة بلا سند في تلك الحياة إلا هو ..
كان يقول لها حتى لو لم تنجبي لن أعايرك في ذلك ، لاني أحبك وأنت عندي أهم من الأطفال ، وعدها بأنه سيوفر لها كل شيء ولن يخونها مهما حصل ، ولن يكون سبب تعاستها وذلها يوما .. لكن هيهات ، كلها وعود تبددت في الهواء.
سألت هيا نفسها بذهول _ يا الهي، سعيد وأنغام!؟؟ ... كانوا موضع حسد لدى الجميع بعشقهم لبعض .. حسبت أنهما روميو وجولييت فعلا ، سعيد يخون أنغام؟! وهي التي تعلم وضعه المادي ، باتت لا تتحمله؟ !!...
ولم أعلم أن والدها وافق مجبرا .
انقضت الثلاثة أيام ورجعت هيا لحياتها الطبيعيه .
ظهر لها المارد من جديد ..
قال لها _ انتهت المدة المحددة ، ها ، كيف قضيت الثلاثة أيام تلك؟
قالت له _ إقتنعت بحياتي المستقرة بعد كل الذي رأيته في تلك الفترة القصيرة ، وبأنني مستقلة بعملي، زوجي لا يعترضني ومتفهمني ، ولدي صحة جيدة ، كنت أرى فقط الجانب السلبي في حياتي ، حسبت أنني فقط من تعاني ولدي هموم .
وددت أن أكون عزباء ، لكني رأيت معاناة مايا ، رغبت الثراء لكن أبصرت ضيق شقيقتي ، تقت بالعيش في قصة حب لكني شاهدت زميلتي في المعهد كيف تتوجع ...
ودعها المارد فرحا ، تشكرها على اقتناء اولادها للفانوس السحري ، طلب منها أن ترى دوما الجانب الإيجابي في حياتها ، واختفى.
أعادت الفانوس لمكانه .. بعدها غرقت بعملها في الحسابات ، وفي المساء طلبت العشاء من مطعم ، ومن محل الحلويات قالب كيك ، فاليوم يصادف عيد ميلاد زوجها ، هذه المره ستحتفل به مع الاولاد في البيت .
كان مساء هاديء ، أصبحت ترى كل الأمور بإيجابية أكثر ، إقتنعت بحياتها ورضيت بها ..
التقطت صورة للذكرى لها ولعائلتها الجميله في تلك المناسبة .. وكان ما يميز تلك الذكرى إبتسامة هيا وفرحها ، وإنعكاس ذلك على عائلتها .
عملت هيا في البنك ، وبعدها لدى محاسب ، أحبت أن تستقل في العمل ، من بعد الخبرة التي إكتسبتها في مجال الحسابات وذلك تخصصها الذي تحبه ، فضلت أن يكون لديها مكتب خاص في المنزل وذلك توفيرا للمال من جهة فوضع زوجها المادي متوسط ، ومن جهة أخرى لتتفضى أكثر لبيتها وعائلتها ، لذلك عدلت في الديكور قليلا ليصبح المكتب مستقلا بمدخل مفصولا عن المنزل .
تزوجت هيا وهي في العشرين من العمر ، درست دورة الحسابات بعد المدرسة مباشرة ، بعدها تزوجت ورزقت بطفلين ، حياتها هادئه ، وربما يتمنى الكثيرين أن يحظوا بتلك العيشة الهانئه التي تعيشها هيا،رغم ذلك هي ليست سعيدة وغير مقتنعه بحياتها وتعتبر نفسها أنها غير محظوظة ، وبأنها تشقى كي تحصل على ما تريد .
لم تتزوج هيا عن قصة حب عنيفة كما تمنت ، زوجها أحبها كثيرا لكن هي كان حبها له عاديا ، تقبلته منذ البداية وشعرت نحوه باستلطاف وبأنها من الممكن أن تكمل حياتها برفقته .
تمنت أن تكون عازبة مثل مايا صديقة الطفولة والمدرسة ، وفي بعض الأحيان تتمنى الثراء الفاحش كشقيقتها ، وتارة تتحسر بأنها لم تعش قصة حب مثل صديقتها أنغام وزوجها سعيد .
أربعة عشر عاما والروتين نفسه ، أولاد ، ترتيب بيت ، طبخ، مسؤولية زوج، عمل في المكتب .
إحتست القهوه برفقة زوجها ، بعدها ذهب الى عمله أما هي إستغلت الوقت ، لديها ساعة فقط لتوضيب المنزل قليلا ، دخلت لترتب غرفة الاولاد أولا ، لكن سرعان ما لفت نظرها فانوس خشبي صغير بخطوط نصف دائرية جميلة زرقاء وصفراء، لم تره من قبل في الغرفة، مسكت الفانوس فتحته ونفخت كي تزيل الغبار عنه ، فجأة ظهر مارد كبير ، وقال لها شبيك لبيك سيدتي ، تفاجئت وذعرت !!
_ يا إلهي من أنت وكيف ظهرت هنا ؟
قال لها _ أنا هوكوس وانت من طلبتني سيدتي ..
أجابت باستغراب _ لم أطلبك ولا أعرفك أصلا ..
قال _ أنت نفخت في الفانوس ، وأنا سألبي رغباتك ..
_آه حقا؟
هل تستطيع أن تطلقني من زوجي لأحيا عزباء .
قال لها _ أستطيع، لكن لن أقدر إرجاعك ألى زوجك إذ لم يحلو لك الأمر .
_آه حقا؟ لكن لا أريد ذلك ، فربما لم يرق لي الحال ، هل تستطيع إخفائي كي أتنقل بين منازل شقيقاتي وصديقاتي ؟ ...
_فكر وقال _ نعم لكن لمدة ثلاثة أيام لا غير ... بعدها ترجعين لطبيعتك .
_اه حسنا ..
إختفت هيا ، مما سهل عليها التنقل بكل حرية ..
سأذهب أتفقد صديقتي مايا ، فهي للآن عزباء لا هم ولا غم لديها ، حياتها خالية من المشاكل ..
وصلت إلى حيث تريد ، فصديقتها تجلس مع والديها وشقيقها للإفطار قبل أن تذهب للعمل .
_ رن جوال مايا ولكنها لم ترد .. مما أزعج شقيقها وبدأ بالصراخ عليها وبأسئلته من هذا يا مايا ؟ ولماذا لم تجيبي؟
إحتدت وقالت له لا شأن لك ، إهتم فقط بشؤونك ودعني وشأني .. غضب منها غضبا شديدا ، وأخذ الجوال منها بالقوة ، مما دعى تدخل الأم ، وأمرته بحدة أن يرجع الجوال لمايا وليس له علاقة بها ، ذهبت مايا لغرفتها ولم تكمل إفطارها ، تناولت الدواء الذي ليس لها غنى عنه ، عانت مايا من الإكتئاب لفترة، بسبب تدمير شقيقها لها نفسيا ومشاحنات دائمة بينهما ، ودلال الأم لابنها الوحيد المدلل ، أما والدها شخص صامت دوما وإذا تكلم فيدافع فقط عن إبنه ، تغير حال والدتها للأفضل معها عندما مرضت وذبلت .. انتهت مايا من الكآبة وتحسنت نفسيتها ، لكن جسدها لا زال يعاني قليلا من نوبات حاده من ضيق في النفس مع دوخة وإغماء .. ومع الإلتزام بتناول الأدوية تحسنت وخفت تلك النوبات لديها .
جلست على السرير .. وبدأت بالبكاء ، ألا يكفي ما أوصلني إليه شقيقي من تدخلاته التي لا تنتهي؟ بت أكره الرجال لأجله ، وما الضرر إن لم أتزوج ، فأنا مستقلة من الناحية المادية بسبب عملي ولدي سيارتي الخاصه ، لم ألقى الشخص المناسب الذي أبحث عنه ، لن أتزوج فقط لاجل المجتمع ، ولولا قوة شخصيتي لما طبت من كآبتي . منذ أن عاد واستقر بمنزل العائلة بعد طلاقه وخيانة زوجته له ،أصبح يرى كل النساء خائنات ،كره المنزل الذي كان فيه بسبب زوجته فلذلك باعه واستقر ببيت العائلة ، تحملت مايا الكثير منه بسبب تجربته تلك وبررت له كثيرا ، لكن أصبح يضيق عليها وكأنها في حصار ، لزمت الصمت كثيرا وكانت ترى والداها يفرقان بينهما ، ونتيجة الكبت والصمت وتراكمات ولأن مايا مرهفة الحس ، كل ذلك أدى ألى حالة كآبة لديها ، لكن كان إكتئابا متوسطا ، إستطاعت مايا أن تتجاوز محنتها تلك بقوة شخصيتها التي تتمع بها.
جهزت نفسها للذهاب ألى المكتب ، فهي تعمل لدى مهندس ديكور ، ولم تكن بمفردها في العمل هذا ، فهناك زملاء وزميلات لها ، تحولت الزمالة بينهم إلى صداقة جميلة ، ومايا كل الوقت إجتهاد وإبداع ، وعند الإستراحه ضحك وفرح ..
وما أن ترجع ألى البيت حتى تصبح شخص آخر تماما ، حزن ، وغصة بقلبها ، تفرغ تلك الطاقة السلبية التي يمنحها لها المنزل بالرسم ، تلك الموهبة المكملة لاختصاصها وتعمل أيضا في المنزل على كمبيوترها الخاص ، يعكر صفوها دوما شقيقها الذي يتدخل بها .
ذهلت هيا وقالت في نفسها _ حسبت حياة مايا بمنتهى السعاده ، كانت دوما تقول لي لا أطمح بالزواج لا اريد هموم فانا سعيدة بحياتي ... وكانت تضحك كثيرا ، لدرجة أن هيا حسدتها .
في اليوم التالي زارت شقيقتها ألين المتزوجه ، والتي تسكن في قصر، وزوجها مليونير ، كانت والدتها بزيارتها ..
رأت وجه أختها أزرق من كدمات قوية ، شاهدتها تبكي بشدة وتشكي لوالدتها ، زوجي يشك بي لحد الجنون ، متحكم في حياتي ، كنت أعمل في بوتيك للملابس أصبح يراقبني ومنعني من العمل ، أحيانا يأخذ مني الجوال والسيارة ، دوما يحبطني ، يحسب أنه اشتراني بنقوده ، من يصدق أن زوجي وفي هذا العصر المتحرر يقوم بصفعي ، إقترحت عليه مرارا أن يتعالج لدى طبيب نفسي فرفض ، لا يريدني أن أعمل في شركة والده التي هو مديرها ، فأنا لم أحظى بشهادة جامعية ، ولم يقبل أن ادرس في الجامعة بحجة أنني لم أكن ذكية يوما في المدرسة .
كم كان مغشيا على قلبي ومعميا على بصري أيام الخطوبة ، إنبهرت به لأنه وحيد والديه ، تهت في ثروة والده وأملاكه وشركاته ، كنت جميلة وأريد حياة الترف والدلال ، لم أرى سلبياته قبل الزواج ، ، أصبحت أكرهه كثيرا يا أمي ، لا أريد مال ولا ثروة ، فقط أريد راحة البال .
سألتها والدتها : لماذا لم تفصحي لي كل ما تعاني منه ؟ وكيف أنا لم أشعر بك ؟ ولم أرى يوما أثرا للضرب على وجهك وجسدك ، أنت ممثله بارعه يا آلين .
قالت آلين _ لا أريد اقلقاكم علي، وانت لديك الهموم ما يكفي ، وعندما يعنفني كنت التزم البيت ولا أقبل بزيارة أحد لي حتى انت ، وأحيانا أخرى أخفف أثر الكدمات بالميك اب والماكياج .
صمتت قليلا ، تنهدت تنهيدة طائر مذبوح وقالت ..
لم أعد أحتمل كل هذا الظلم ، أريد الطلاق ..
قالت أمها لها
_لكن يا بنتي ليس بمقدورك العيش معنا لانك تعودت على نمط حياة معين مختلفا عنا نحن ، فكري بأولادك .. كيف ستصرفين عليهم وليس لديك عمل ؟ وليس لديك شهادة جامعيه ، فكرت آلين بكلام والدتها وجدته صحيح ، ستتحمل فقط لأجل أولادها ، وهي تعلم أنها ضعيفه ولم تتعود على الإستقلالية .
كم تمنت الحرية والإستقرار ، والإعتماد على نفسها ، لكنها لم تعتد على ذلك إطلاقا ، تخاف الضياع في عصر السرعة والصخب ، الذي أصبح غير مألوفا لديها ، أولادها أصبحوا في سن المراهقة ، وهي مرحلة حساسة جدا وصعبة ، وهم بحاجة إليها كثيرا وخاصة ابنتها المراهقة.
إعتقدت هيا أن أختها أسعد انسانه لأنها جميله جدا وتزوجت من رجل ثري ..
في اليوم التالي ذهبت الي زميلتها أنغام أيام دورة الحسابات ، والتي أسمتها جولييت وقتها .. كانت أنغام بقصة حب عنيفه مع سعيد وتكلل حبهما بالزواج .
وصلت إلى منزل أنغام ، ورأت مشاجرتها مع سعيد .
ألا يكفي أنني أحببتك وتزوجتك رغم وضعك المادي التعيس؟ أنت لا توفر لي شيء ، أصبحت أخجل بين صديقاتي بسبب ظروفي ، وللآن ليس لدينا أولاد وأنا صابرة وفوق كل ذلك تخونني وأعلم ذلك بالصدفة..
أجابها سعيد بانفعال ، قلت لك من البداية ظروفي صعبة ماديا وبأنني وأهلي نعاني من فقر مدقع ووافقت على ذلك ، أما من جهة الأولاد سلي نفسك لما للآن ليس لدينا أولاد ، فالعقم منك وليس مني ، توسلتني لعدم تركك كي لا يقال عنك أنك فشلت بإختيارك لي .. انت من أوصلني لوضع الخيانه بسبب تذمرك الدائم وعدم تحملك ، خدعت بك يا أنغام وجدا .
أنا أشتكي لانني بت آخر همك ، لم تعد تسأل عني ، أعمل وأنت تستغلني ، لم أتوقعك بهذه الدناءة ، كيف استطعت أن تمثل علي ؟ كم كنت بلهاء وعمياء لأنني أحببتك بشغف .
حينها بكت أنغام لأنه جرحها في الصميم، لانها تخلت عن كل من حولها حتى أهلها بسبب حبها الكبير له.
صحيح والدها بارك زواجهما ، لكن كان مجبرا بسبب رغبة ابنته ، لا أحد يزورها ، بقيت وحيدة بلا سند في تلك الحياة إلا هو ..
كان يقول لها حتى لو لم تنجبي لن أعايرك في ذلك ، لاني أحبك وأنت عندي أهم من الأطفال ، وعدها بأنه سيوفر لها كل شيء ولن يخونها مهما حصل ، ولن يكون سبب تعاستها وذلها يوما .. لكن هيهات ، كلها وعود تبددت في الهواء.
سألت هيا نفسها بذهول _ يا الهي، سعيد وأنغام!؟؟ ... كانوا موضع حسد لدى الجميع بعشقهم لبعض .. حسبت أنهما روميو وجولييت فعلا ، سعيد يخون أنغام؟! وهي التي تعلم وضعه المادي ، باتت لا تتحمله؟ !!...
ولم أعلم أن والدها وافق مجبرا .
انقضت الثلاثة أيام ورجعت هيا لحياتها الطبيعيه .
ظهر لها المارد من جديد ..
قال لها _ انتهت المدة المحددة ، ها ، كيف قضيت الثلاثة أيام تلك؟
قالت له _ إقتنعت بحياتي المستقرة بعد كل الذي رأيته في تلك الفترة القصيرة ، وبأنني مستقلة بعملي، زوجي لا يعترضني ومتفهمني ، ولدي صحة جيدة ، كنت أرى فقط الجانب السلبي في حياتي ، حسبت أنني فقط من تعاني ولدي هموم .
وددت أن أكون عزباء ، لكني رأيت معاناة مايا ، رغبت الثراء لكن أبصرت ضيق شقيقتي ، تقت بالعيش في قصة حب لكني شاهدت زميلتي في المعهد كيف تتوجع ...
ودعها المارد فرحا ، تشكرها على اقتناء اولادها للفانوس السحري ، طلب منها أن ترى دوما الجانب الإيجابي في حياتها ، واختفى.
أعادت الفانوس لمكانه .. بعدها غرقت بعملها في الحسابات ، وفي المساء طلبت العشاء من مطعم ، ومن محل الحلويات قالب كيك ، فاليوم يصادف عيد ميلاد زوجها ، هذه المره ستحتفل به مع الاولاد في البيت .
كان مساء هاديء ، أصبحت ترى كل الأمور بإيجابية أكثر ، إقتنعت بحياتها ورضيت بها ..
التقطت صورة للذكرى لها ولعائلتها الجميله في تلك المناسبة .. وكان ما يميز تلك الذكرى إبتسامة هيا وفرحها ، وإنعكاس ذلك على عائلتها .