هل كان حباً
11-05-2019, 12:49 PM
https://scontent.fgza4-1.fna.fbcdn.net/v/t1.0-9/75233451_532040784042001_9210210728051474432_n.jpg ?_nc_cat=103&_nc_oc=AQkp02CkHzkVpmOriRiZJf8PxypogKyBzXWckRMRfUD ZPk3sKmAZLq8mSNHzkzGbwdg&_nc_ht=scontent.fgza4-1.fna&oh=b4871c9bc884bbb63965ba26bdf8227c&oe=5E1AF58E
" فجوة "
كان عائداً من عمله المشحون كالعادة، الشركة على وشك الانهيار، وتصفية العاملين هناك باتت مسألة وشيكة، الكل يحاول جاهدا أن يثبت أحقيته بالعمل، حتى تحول المكان إلى حلبة أفكار وحيل والناجح من يتخلى عن أخلاقه أكثر!
الرواتب جيدة والوظيفة مناسبة وأقلهم يعمل بها منذ سبع سنين فليس من السهل التخلي عن المستوى المعيشي الذي اعتادوا عليه ..
فتح باب منزله ودخل، كانت جالسة تشاهد فيلما مصريا للفنان تامر حسني بعنوان " نور عيني "
ألقى سلاماً مهملاً وجلس على الأريكة المجاورة، بوجهٍ ملبدٍ بملامح المشقة.لم تكن تلك الملامح جديدة عليها فقد اعتادت على ذلك منذ أشهر، بدأ الأمر تدريجياً ثم تحول لعادة لديه..
رمى بزمرة المفاتيح على الطاولة، نفث الهواء من صدره بتأفف، ثم مد قدميه وقال:
ماذا أعددت لنا على العشاء
فأجابت :مقلوبة
ثم أتبعت سيكون الطعام جاهز خلال لحظات..
ذهبت للمطبخ سريعاً ،أعدت له الطعام وزينته بكل حب وسريعا عادت إليه به، وهو لا يزال جالسا بالوضعية ذاتها ابتسمت له وقالت: تفضل.. بالهناء والشفاء يارب
عادت تتابع الفيلم من على أريكتها المقابلة للتلفاز ، وهي ترتشف بعضاً من الشاي الأخضر الذي تستلذ به كثيرا..
هذا الفيلم كان أول فيلم يحضرانه سوياً منذ أربعة سنين بالسينما في فترة خطوبتهما، وبالتالي يعني لها وله كما يفترض الكثير!
جلست وهي تراقب بهما معاً، وعينها تنتقل بين الفيلم ووجه حبيبها وزوجها، وتلقائيا تعود بها الذكرى للخلف في ملامحه والإختلاف الكبير الذي باتت تشعر به وتراه..
كان جالسا على الأريكة يحني ظهره بإنهاك وينتقي حبات الرز انتقاءً ليأكلها، ببطئ وفقدان للشهية..
قالت له محاولة محادثته أو سماع صوته: أخبرتني أختي أن لديها تذكرتين لحضور فيلم بالسينما، ولن تتمكن هي وزوجها من الذهاب، ما رأيك لو نذهب بدلاً منهما !
ظل صامتا وكأنه لم يسمع شيئاً مما قالت، جمع خمس حبات من الرز الذي كان ينوي تناولهن باللقمة التالية، ثم وضع المعلقة جانبا وقال بملل:
الحمد لله
يمكنك الذهاب وحدك، أنا لا رغبة لدي بذلك
قالت:هل أزعجك حديثي؟
أعتذر منك، أكمل طعامك لن أنطق بحرف واحد، ولن أذهب لتذهب السينما كلها للجحيم ..
نظر نحو شاشة التلفاز غير آبه بها وقال: أزعجتني وانتهى الأمر، لا رغبة لي بأكل شيء
قالت: ولمن أحضر الطبق وأزينه؟
انظر لم تأكل سوى لقمتين!
فقال بإستياء : كليه أنت..
اقتربت من الطبق، أمسكته وقالت بمرح: لن أتركك هذه المرة وشأنك، انظر لقد حرقت يدي لأقلي الدجاج من أجلك ..
ثم جلست على يد الأريكة بدلال وقالت له وهي توجه لقمة الأرز نحوه: هيا عزيزي لمن هذه اللقمة ..
وحين قربت اللقمة من فمه سقط بعض منها على قميصه
فاشتاط غضبا وصرخ بها:
قلت لك ألف مرة لا أريد ..
لااااا أريد هل تفهمين ما أقول!
ابتعدت عنه سريعاً وهي تردد بارتباك : أأعتذر لم أقصد
وضعت الطبق على الصينية وحملتها سريعاً متوجهة للمطبخ
ركنتها على الطاولة
ووضعت يدها على صدرها محاولة أن تأخذ نفساً يزيح غيوم البكاء التي تكاثفت في صدرها..
تأخذ شهيقاً وزفيراً مضطرباً ، وأنفاسها بالكاد تنقطع، كانت الدموع تغص بحنجرتها ..
فتحت زر قميصها، ثنت ظهرها متكئة بيدها على الطاولة، ودمعة تتالي دمعة، سقطت على أرضية المطبخ، لا يفصل بينهما سوى شهيق في كل مرة يطول أكثر من السابق..
جلست على كرسي وضعت يديها على وجهها محاولة خنق دموعها وصوتها عنه ..
لا لأنها لا تريد أن يعلم بأنها تبكي، بل لأنها تخشى أن يعلم ولا يأبه بها فيزيد عمق الوجع ومساحته داخلها !
بكت قليلاً ثم غسلت وجهها، وحاولت أن تنظم أنفاسها كي لا يلاحظ شيئاً عليها، وعادت لأريكتها لتتابع الفيلم ..
وصل الفيلم للمشهد الذي يرى فيه البطل حبيبته التي تزوجت صديقه بعد أن استردت بصرها..
وبدأ يغني
"كل يوم بيفوت عليا ..
لك بحن بكل ثانية
صعب أعيش بالدنيا ديه إلا بيك
إحساسي انك حبيبي
وإني مش شايفك بعيني، قد ايه مشتاق لحضنك ..
مش لاقيك ..
حتى وانت بعيد عليا.. لسى بتحلم بيك عنيا
نفسي ترجع تاني ليا انت فين "
تسللت نظراتها لا إراديا إليه، فوجدته يحاول أن يسترق النظر لها..
هربت بعينيها سريعاً وأمسكت كوبها بكلتا يديها وهي ترتشف منه بإرتبكاك ويداها ترتجف
ثم أتبع
" يا وحشني وانت عني بعيد هموت ، واخدك في حضني
نفسي بس لو مرة أتطمن علييك"
وضع يديه على وجهه ثم أخرج من صدره زفيراً أشبه بإعصار عله يبدد الضباب الذي بداخله..
ثم نظر إليها وقال : تعالي ..
نظرت إليه وهي تحاول ان تتأكد مما سمعت، وبذات الوقت لا تريد أن يراها تنظر له
فأعاد ما قاله ونادها: حبيبتي .. تعالي
هنا، وصل صوته لقلبها
ظلت تنظر للتلفاز لكن ارتجافة الأطفال قبل البكاء أصابتها وانحنت أطراف فمها للأسفل قليلاً
فكرر قوله مشيراً لها بيده: تعاالي
أومأت بكتفيها بالرفض ثم انفجرت باكية بلا إذن ولا مقدمات..
نهض وجلس بجوارها على الأريكة، يحتضنها ويحاول تهدئتها لكن عبث!
ناقوس يدق داخل صدرها ..
حفيف أشجار وأنين إعصار في صوت بكائها ..
وهو يتمزق ألما
يداه التي تضمانها عاجزة عن فعل شيء ، وصوته الرديء ما عاد يكفي لتهدئتها وهو يردد :
إهدأي .. إهدأء
أنا آسف يا قلبي
بربك سامحيني ..
جلس أمامها على الأرض وأمسك يديها
فطغت نبرة اللوم في صدره فوق صوته الرديء وقال بحسرة وقلة حيلة:
أراحك الله من زوج يده لا توقف إرتجافة قلبك ، وصوته لا يعيد لدربك نوره ..
أراحك الله مني يا أمل ..
مسحت دموعها بقميصها وقالت له :
أراحني الله من صمتك ، وخوفك وحزنك ..
من برودك ، وقهرك
أراحني الله فيك
يا غيث والله احتار فيك قلبي
لم أعد أدري إن كنت تحبني ، أم أنني أصبحت ثقيلة عليك
أين غيث الذي كان يروي ظمأ قلبي بغيابه إذا حضر وابتسم في وجهي !
أين الذي كان لا يسمح لي أن أعبس في وجهه ويظل يداعبني حتى أبتسم !
أين الذي كان يخبرني عن كل أسراره ولا يخفي عني شيء!
لقد غاب غيثك عن أرضي فجفت
والله ما عدت قادرة على احتمال جفاك أكثر ..
فقال:
والله أحبك ..
بقدر تعبي ، بقدر وجعي ، بقدر قلة حيلتي
أنا مجرد من كل شيء يا أمل..
صوتي بالكاد يخرج وضيق بخيم في صدري لقد تهت عني ، وعنك ..
حقك علي ، أنا أعلم أنني مذنب بحقك ومهما اعتذرت منك لن تغفري لي
لكني والله أصمت ، كل لا أشاركك وجعي ، لا أريد أن أكون سببا بحزنك ، دمعة عينك ثقيلة ، وابتسامتك في وجهي تعيد لي الحياة ..
يا أمل أنا مقرون بك و بتقلباتك أحيا حين تبتسمين وأموت حين لا أراك أمامي ..
قبل يدها وقال :
سامحيني ، أستحلفك بالله
ضمته لصدرها وهي تمنع دموعها من السقوط :
شاركني بوجع يخصك ، ولا تحرمني البكاء لأجلك
فوالله الوجع الذي أتجرعه من صمتك وجفاك أكبر ..
شعرت به يود أن يقول شيئا لكن نبرة بكاء منعته ، حنجرته كان ترتجف ، ووجهه لا يزال محتفظا بجموده ،ضمته بقوة أكثر و قالت له :
ابك .. ابك يا قلبي
لا تخنق دموعك ولا تحبسها هنا
كن ضعيفا معي ولا تخف ، لك في صدري وطن لا يردك إلا عزيزا..
نظرت إليه وابتسمت له بحب
ثم ابتعد قليلا وأفسحت له المجال ليجلس بجوارها ،
وقالت له :
تعال..
تعال هنا ..
وهي تضرب بيدها على الأريكة وتومئ برأسها ليقترب
فقال لها : هل تسمحين لي !
قالت له باندفاع :
اصممت ، بالطبع!
ماذا تقول أنت !
فابتسم وقال : لا لا أريد أن أجلس بجوارك ..
بل أريد أن أضع ثقل رأسي على ساقيك !
فابتسمت وأومأت برأسها موافقة .. فابتسم
مد جسده على الأريكة ووضع رأسه على ساقيها الصغيرتين وهو ينظر ناحها وعلى محياه ابتسامة امتنان
وهي تمسح على شعره برفق
فقال لها : كم أحبك يا أملي ..
رضي الله عنك وأرضاك ..
فأمسكت يده وضمتها ثم قالت :
هكذا أريدك ، تحبني وتحبني وتحبني أنا فقط
ليذهب كل شيء للجحيم
ألا يكفيك أن أكون أنا كلي معك
ثم ضحكت
فضحك أيضا وشد يدها نحوه ثم قبلها وقال :
والله إن الله أهداني الجنة بأسرها حين زرع في أيسري عشقك
أدامك الله لي ولا حرمني منك لحظة واحدة
أحبك ..
#العنقاء
#رجاء_فوزي
#حكايا_نوفمبر
راقت لي
" فجوة "
كان عائداً من عمله المشحون كالعادة، الشركة على وشك الانهيار، وتصفية العاملين هناك باتت مسألة وشيكة، الكل يحاول جاهدا أن يثبت أحقيته بالعمل، حتى تحول المكان إلى حلبة أفكار وحيل والناجح من يتخلى عن أخلاقه أكثر!
الرواتب جيدة والوظيفة مناسبة وأقلهم يعمل بها منذ سبع سنين فليس من السهل التخلي عن المستوى المعيشي الذي اعتادوا عليه ..
فتح باب منزله ودخل، كانت جالسة تشاهد فيلما مصريا للفنان تامر حسني بعنوان " نور عيني "
ألقى سلاماً مهملاً وجلس على الأريكة المجاورة، بوجهٍ ملبدٍ بملامح المشقة.لم تكن تلك الملامح جديدة عليها فقد اعتادت على ذلك منذ أشهر، بدأ الأمر تدريجياً ثم تحول لعادة لديه..
رمى بزمرة المفاتيح على الطاولة، نفث الهواء من صدره بتأفف، ثم مد قدميه وقال:
ماذا أعددت لنا على العشاء
فأجابت :مقلوبة
ثم أتبعت سيكون الطعام جاهز خلال لحظات..
ذهبت للمطبخ سريعاً ،أعدت له الطعام وزينته بكل حب وسريعا عادت إليه به، وهو لا يزال جالسا بالوضعية ذاتها ابتسمت له وقالت: تفضل.. بالهناء والشفاء يارب
عادت تتابع الفيلم من على أريكتها المقابلة للتلفاز ، وهي ترتشف بعضاً من الشاي الأخضر الذي تستلذ به كثيرا..
هذا الفيلم كان أول فيلم يحضرانه سوياً منذ أربعة سنين بالسينما في فترة خطوبتهما، وبالتالي يعني لها وله كما يفترض الكثير!
جلست وهي تراقب بهما معاً، وعينها تنتقل بين الفيلم ووجه حبيبها وزوجها، وتلقائيا تعود بها الذكرى للخلف في ملامحه والإختلاف الكبير الذي باتت تشعر به وتراه..
كان جالسا على الأريكة يحني ظهره بإنهاك وينتقي حبات الرز انتقاءً ليأكلها، ببطئ وفقدان للشهية..
قالت له محاولة محادثته أو سماع صوته: أخبرتني أختي أن لديها تذكرتين لحضور فيلم بالسينما، ولن تتمكن هي وزوجها من الذهاب، ما رأيك لو نذهب بدلاً منهما !
ظل صامتا وكأنه لم يسمع شيئاً مما قالت، جمع خمس حبات من الرز الذي كان ينوي تناولهن باللقمة التالية، ثم وضع المعلقة جانبا وقال بملل:
الحمد لله
يمكنك الذهاب وحدك، أنا لا رغبة لدي بذلك
قالت:هل أزعجك حديثي؟
أعتذر منك، أكمل طعامك لن أنطق بحرف واحد، ولن أذهب لتذهب السينما كلها للجحيم ..
نظر نحو شاشة التلفاز غير آبه بها وقال: أزعجتني وانتهى الأمر، لا رغبة لي بأكل شيء
قالت: ولمن أحضر الطبق وأزينه؟
انظر لم تأكل سوى لقمتين!
فقال بإستياء : كليه أنت..
اقتربت من الطبق، أمسكته وقالت بمرح: لن أتركك هذه المرة وشأنك، انظر لقد حرقت يدي لأقلي الدجاج من أجلك ..
ثم جلست على يد الأريكة بدلال وقالت له وهي توجه لقمة الأرز نحوه: هيا عزيزي لمن هذه اللقمة ..
وحين قربت اللقمة من فمه سقط بعض منها على قميصه
فاشتاط غضبا وصرخ بها:
قلت لك ألف مرة لا أريد ..
لااااا أريد هل تفهمين ما أقول!
ابتعدت عنه سريعاً وهي تردد بارتباك : أأعتذر لم أقصد
وضعت الطبق على الصينية وحملتها سريعاً متوجهة للمطبخ
ركنتها على الطاولة
ووضعت يدها على صدرها محاولة أن تأخذ نفساً يزيح غيوم البكاء التي تكاثفت في صدرها..
تأخذ شهيقاً وزفيراً مضطرباً ، وأنفاسها بالكاد تنقطع، كانت الدموع تغص بحنجرتها ..
فتحت زر قميصها، ثنت ظهرها متكئة بيدها على الطاولة، ودمعة تتالي دمعة، سقطت على أرضية المطبخ، لا يفصل بينهما سوى شهيق في كل مرة يطول أكثر من السابق..
جلست على كرسي وضعت يديها على وجهها محاولة خنق دموعها وصوتها عنه ..
لا لأنها لا تريد أن يعلم بأنها تبكي، بل لأنها تخشى أن يعلم ولا يأبه بها فيزيد عمق الوجع ومساحته داخلها !
بكت قليلاً ثم غسلت وجهها، وحاولت أن تنظم أنفاسها كي لا يلاحظ شيئاً عليها، وعادت لأريكتها لتتابع الفيلم ..
وصل الفيلم للمشهد الذي يرى فيه البطل حبيبته التي تزوجت صديقه بعد أن استردت بصرها..
وبدأ يغني
"كل يوم بيفوت عليا ..
لك بحن بكل ثانية
صعب أعيش بالدنيا ديه إلا بيك
إحساسي انك حبيبي
وإني مش شايفك بعيني، قد ايه مشتاق لحضنك ..
مش لاقيك ..
حتى وانت بعيد عليا.. لسى بتحلم بيك عنيا
نفسي ترجع تاني ليا انت فين "
تسللت نظراتها لا إراديا إليه، فوجدته يحاول أن يسترق النظر لها..
هربت بعينيها سريعاً وأمسكت كوبها بكلتا يديها وهي ترتشف منه بإرتبكاك ويداها ترتجف
ثم أتبع
" يا وحشني وانت عني بعيد هموت ، واخدك في حضني
نفسي بس لو مرة أتطمن علييك"
وضع يديه على وجهه ثم أخرج من صدره زفيراً أشبه بإعصار عله يبدد الضباب الذي بداخله..
ثم نظر إليها وقال : تعالي ..
نظرت إليه وهي تحاول ان تتأكد مما سمعت، وبذات الوقت لا تريد أن يراها تنظر له
فأعاد ما قاله ونادها: حبيبتي .. تعالي
هنا، وصل صوته لقلبها
ظلت تنظر للتلفاز لكن ارتجافة الأطفال قبل البكاء أصابتها وانحنت أطراف فمها للأسفل قليلاً
فكرر قوله مشيراً لها بيده: تعاالي
أومأت بكتفيها بالرفض ثم انفجرت باكية بلا إذن ولا مقدمات..
نهض وجلس بجوارها على الأريكة، يحتضنها ويحاول تهدئتها لكن عبث!
ناقوس يدق داخل صدرها ..
حفيف أشجار وأنين إعصار في صوت بكائها ..
وهو يتمزق ألما
يداه التي تضمانها عاجزة عن فعل شيء ، وصوته الرديء ما عاد يكفي لتهدئتها وهو يردد :
إهدأي .. إهدأء
أنا آسف يا قلبي
بربك سامحيني ..
جلس أمامها على الأرض وأمسك يديها
فطغت نبرة اللوم في صدره فوق صوته الرديء وقال بحسرة وقلة حيلة:
أراحك الله من زوج يده لا توقف إرتجافة قلبك ، وصوته لا يعيد لدربك نوره ..
أراحك الله مني يا أمل ..
مسحت دموعها بقميصها وقالت له :
أراحني الله من صمتك ، وخوفك وحزنك ..
من برودك ، وقهرك
أراحني الله فيك
يا غيث والله احتار فيك قلبي
لم أعد أدري إن كنت تحبني ، أم أنني أصبحت ثقيلة عليك
أين غيث الذي كان يروي ظمأ قلبي بغيابه إذا حضر وابتسم في وجهي !
أين الذي كان لا يسمح لي أن أعبس في وجهه ويظل يداعبني حتى أبتسم !
أين الذي كان يخبرني عن كل أسراره ولا يخفي عني شيء!
لقد غاب غيثك عن أرضي فجفت
والله ما عدت قادرة على احتمال جفاك أكثر ..
فقال:
والله أحبك ..
بقدر تعبي ، بقدر وجعي ، بقدر قلة حيلتي
أنا مجرد من كل شيء يا أمل..
صوتي بالكاد يخرج وضيق بخيم في صدري لقد تهت عني ، وعنك ..
حقك علي ، أنا أعلم أنني مذنب بحقك ومهما اعتذرت منك لن تغفري لي
لكني والله أصمت ، كل لا أشاركك وجعي ، لا أريد أن أكون سببا بحزنك ، دمعة عينك ثقيلة ، وابتسامتك في وجهي تعيد لي الحياة ..
يا أمل أنا مقرون بك و بتقلباتك أحيا حين تبتسمين وأموت حين لا أراك أمامي ..
قبل يدها وقال :
سامحيني ، أستحلفك بالله
ضمته لصدرها وهي تمنع دموعها من السقوط :
شاركني بوجع يخصك ، ولا تحرمني البكاء لأجلك
فوالله الوجع الذي أتجرعه من صمتك وجفاك أكبر ..
شعرت به يود أن يقول شيئا لكن نبرة بكاء منعته ، حنجرته كان ترتجف ، ووجهه لا يزال محتفظا بجموده ،ضمته بقوة أكثر و قالت له :
ابك .. ابك يا قلبي
لا تخنق دموعك ولا تحبسها هنا
كن ضعيفا معي ولا تخف ، لك في صدري وطن لا يردك إلا عزيزا..
نظرت إليه وابتسمت له بحب
ثم ابتعد قليلا وأفسحت له المجال ليجلس بجوارها ،
وقالت له :
تعال..
تعال هنا ..
وهي تضرب بيدها على الأريكة وتومئ برأسها ليقترب
فقال لها : هل تسمحين لي !
قالت له باندفاع :
اصممت ، بالطبع!
ماذا تقول أنت !
فابتسم وقال : لا لا أريد أن أجلس بجوارك ..
بل أريد أن أضع ثقل رأسي على ساقيك !
فابتسمت وأومأت برأسها موافقة .. فابتسم
مد جسده على الأريكة ووضع رأسه على ساقيها الصغيرتين وهو ينظر ناحها وعلى محياه ابتسامة امتنان
وهي تمسح على شعره برفق
فقال لها : كم أحبك يا أملي ..
رضي الله عنك وأرضاك ..
فأمسكت يده وضمتها ثم قالت :
هكذا أريدك ، تحبني وتحبني وتحبني أنا فقط
ليذهب كل شيء للجحيم
ألا يكفيك أن أكون أنا كلي معك
ثم ضحكت
فضحك أيضا وشد يدها نحوه ثم قبلها وقال :
والله إن الله أهداني الجنة بأسرها حين زرع في أيسري عشقك
أدامك الله لي ولا حرمني منك لحظة واحدة
أحبك ..
#العنقاء
#رجاء_فوزي
#حكايا_نوفمبر
راقت لي