البريئة !
11-04-2019, 07:24 PM
رأيتُ طفلةً تسقطُ من الدَورِ العشرين لأحد المباني، فَهَرع والدها لحملها ووضعِها في سيارته ليُقلّها إلى أقرب مشفىً، لكنه وعندما بدأ يُدير المِقود سمِع نبيحًا يندفعُ من أسفل العجلات...
فتح الباب وهبط مُتمدداً على بطنه، لتجوسَ في خوفٍ عيناهُ المكان، كانت هنالكَ كلبةٌ عالقة... خطوة للأمام كفيلةٌ بهرسها... شعرَ بقلبه يعتملُ في صدره، وجعلَ يقشِّرُ جلد أصابعه بأسنانه التالفة حتى سال دمه، ليس يدري ما بإمكانه فعله... ليسَ يدري أيقتُلُ ليُنقذ ؟!
أمُكلِفةٌ هي الحياة لهذا الحدّ ؟!
ومن الأعلى يسحبه صوت شهقاتِ طفلته من أُذنيه...
يقوم على قدميه الهزيلتين، يطوفُ حول المركبة، وكأنَّ الموتَ عبادة، يُفكِّرُ طويلاً فيأخذه الوقت، يأخذه بعيدًا، إلى ما بعد الدورِ العشرين... ويوقظه صوت روحِ الطفلةِ وهي تُزهَق، صوتٌ كانسلاخِ حبلين يربطانِ السماءَ بالأرض...
يركبُ السيارة أخيراً ويدوسُ بكلّ قوته، حتى ينفجر عدادُ السُرعة، ويُحسُّ -آنذاك - بعينيّ الكلبة وهما تخرجانِ من رأسها... غيرَ أنَّهُ يُكمِل دونَ أن يأبَهَ لشيء من حوله... لَكم هو قاسٍ أن تُخيَّرَ بينَ ألمين !
وفي منتصف الطريق يقف، يُلقي نظرة بجانبه على الجُثّة الهامدة، ويُطل من النافذة فيرى أشلاءَ اللحم قد لطّخت واجهة الباب...
ولِفرطِ الدهشةِ يعودُ أدراجَهُ، ويصعدُ إلى شقّته، يصعدُ متثاقلًا وكأنه يمشي على لسانه، يتّجهُ إلى الدور العشرين وهوَ يحمل ابنته بين يديه، ويُغلقُ النافذة في خوفٍ بارد، يُغلقُ النافذةَ ليفتحَ جُرحاً يتّسعُ كُلّما تمت خياطته !
#عبد_السوداني
فتح الباب وهبط مُتمدداً على بطنه، لتجوسَ في خوفٍ عيناهُ المكان، كانت هنالكَ كلبةٌ عالقة... خطوة للأمام كفيلةٌ بهرسها... شعرَ بقلبه يعتملُ في صدره، وجعلَ يقشِّرُ جلد أصابعه بأسنانه التالفة حتى سال دمه، ليس يدري ما بإمكانه فعله... ليسَ يدري أيقتُلُ ليُنقذ ؟!
أمُكلِفةٌ هي الحياة لهذا الحدّ ؟!
ومن الأعلى يسحبه صوت شهقاتِ طفلته من أُذنيه...
يقوم على قدميه الهزيلتين، يطوفُ حول المركبة، وكأنَّ الموتَ عبادة، يُفكِّرُ طويلاً فيأخذه الوقت، يأخذه بعيدًا، إلى ما بعد الدورِ العشرين... ويوقظه صوت روحِ الطفلةِ وهي تُزهَق، صوتٌ كانسلاخِ حبلين يربطانِ السماءَ بالأرض...
يركبُ السيارة أخيراً ويدوسُ بكلّ قوته، حتى ينفجر عدادُ السُرعة، ويُحسُّ -آنذاك - بعينيّ الكلبة وهما تخرجانِ من رأسها... غيرَ أنَّهُ يُكمِل دونَ أن يأبَهَ لشيء من حوله... لَكم هو قاسٍ أن تُخيَّرَ بينَ ألمين !
وفي منتصف الطريق يقف، يُلقي نظرة بجانبه على الجُثّة الهامدة، ويُطل من النافذة فيرى أشلاءَ اللحم قد لطّخت واجهة الباب...
ولِفرطِ الدهشةِ يعودُ أدراجَهُ، ويصعدُ إلى شقّته، يصعدُ متثاقلًا وكأنه يمشي على لسانه، يتّجهُ إلى الدور العشرين وهوَ يحمل ابنته بين يديه، ويُغلقُ النافذة في خوفٍ بارد، يُغلقُ النافذةَ ليفتحَ جُرحاً يتّسعُ كُلّما تمت خياطته !
#عبد_السوداني