سرآب
08-19-2018, 03:36 PM
افترقنا، وها هو البياض الأخير.. يتسخ
كثلج المحطات حين تدوسه القطارات .. بهبابها..
مرة، كانت يدي عصفوراً يرتعش داخل يدك
ويرجوك ألا تطلق سراحه..
ولكن يدك كانت مشغولة بإطلاق الرصاص وحياكة الشعارات..
وها أنا ممتلئة بالوطن، والموت معاً..
يركض الصدى في كهوفي كالأرواح الضالة..
أكرس نفسي لرعاية فراقنا..
أحرس العنكبوت الذي يغزل بهدوء
خيوطه فوق صورتك في عيني..
والغبار يتراكم على شفتيك..
ومن سواد عينيك يتدلى الخفاش..
وداخل ثيابك، ينهمر الثلج حتى قاعك..
والنباتات التي شهدت زمننا معاً
تركض هاربة إلى الشارع
وتتسلق الشرفات المجاورة.
كيف تركنا الفراق يتناسل أعواماً..
في براري العنف المكهربة؟
وتركنا الرياء يرتدينا في ليل السهرات الاجتماعية؟
كيف ارتكبنا خيانة المطر؟
كيف تنصلنا من الصفاء في حانات الملذات اللزجة؟
كيف غدرنا بالرياح، وانحزنا إلى الستائر
وادعينا أنها أنجبت العاصفة؟..
ها هي الأطلال تقف على حاضرنا، وتضحك ساخرة
ولا تجدنا نستحق حتى البكاء!!.. ثم تهطل مطراً
كأم تغسل طفليها الملطخين بالوحل..
ها هي المدينة تهبط على المساء
ونساء سمينات يعلفن أطفالهن
ويبكين في زوايا المطبخ المعتمة
خيانات رجال يقامرون بالحب والوطن معاً..
نساء، يحكن خيوط الشيب بالمرارة البيضاء..
.. وها أنا أركض وحيدة تحت المطر، بلا رجل ولا وطن
وآلاف النوافذ ترمقني بعيونها المشتعلة العدوانية..
وكأية نعجة سوداء متمردة
أحيك خيوط حريتي بعيداً عن دروب القطيع..
وأحاول عبثاً اختراع مصير ثالث
لامرأة آتية من العالم الثالث..
“هل تريد أن تعرف سر قوتي؟
لا أحد أحبني حقاً قط”…
ها أنا أسقط،
لكنني مصرّة على ترك آثار أقدامي وآثار أقلامي
فوق عتمة الهاوية.. وبياض الورقة!
من قصيدة عاشقة الكتابة بالأزرق .. فوق البحر ل غادة السمان
كثلج المحطات حين تدوسه القطارات .. بهبابها..
مرة، كانت يدي عصفوراً يرتعش داخل يدك
ويرجوك ألا تطلق سراحه..
ولكن يدك كانت مشغولة بإطلاق الرصاص وحياكة الشعارات..
وها أنا ممتلئة بالوطن، والموت معاً..
يركض الصدى في كهوفي كالأرواح الضالة..
أكرس نفسي لرعاية فراقنا..
أحرس العنكبوت الذي يغزل بهدوء
خيوطه فوق صورتك في عيني..
والغبار يتراكم على شفتيك..
ومن سواد عينيك يتدلى الخفاش..
وداخل ثيابك، ينهمر الثلج حتى قاعك..
والنباتات التي شهدت زمننا معاً
تركض هاربة إلى الشارع
وتتسلق الشرفات المجاورة.
كيف تركنا الفراق يتناسل أعواماً..
في براري العنف المكهربة؟
وتركنا الرياء يرتدينا في ليل السهرات الاجتماعية؟
كيف ارتكبنا خيانة المطر؟
كيف تنصلنا من الصفاء في حانات الملذات اللزجة؟
كيف غدرنا بالرياح، وانحزنا إلى الستائر
وادعينا أنها أنجبت العاصفة؟..
ها هي الأطلال تقف على حاضرنا، وتضحك ساخرة
ولا تجدنا نستحق حتى البكاء!!.. ثم تهطل مطراً
كأم تغسل طفليها الملطخين بالوحل..
ها هي المدينة تهبط على المساء
ونساء سمينات يعلفن أطفالهن
ويبكين في زوايا المطبخ المعتمة
خيانات رجال يقامرون بالحب والوطن معاً..
نساء، يحكن خيوط الشيب بالمرارة البيضاء..
.. وها أنا أركض وحيدة تحت المطر، بلا رجل ولا وطن
وآلاف النوافذ ترمقني بعيونها المشتعلة العدوانية..
وكأية نعجة سوداء متمردة
أحيك خيوط حريتي بعيداً عن دروب القطيع..
وأحاول عبثاً اختراع مصير ثالث
لامرأة آتية من العالم الثالث..
“هل تريد أن تعرف سر قوتي؟
لا أحد أحبني حقاً قط”…
ها أنا أسقط،
لكنني مصرّة على ترك آثار أقدامي وآثار أقلامي
فوق عتمة الهاوية.. وبياض الورقة!
من قصيدة عاشقة الكتابة بالأزرق .. فوق البحر ل غادة السمان