وتر
02-22-2018, 04:48 PM
في محكمةِ النَّقْدِ ، رُفِعَت قضية ! عن حرفٍ أشعلَ في نفسِ قارئه هموماً وحزناً، غضباً بل وذكرياتٍ كادت أن تكون منسيَّة،
دنا القارئُ بالقربِ من القاضي بحزمٍ؛ ليشيرَ أنَّه مازالَ مُصمماً على طرحِ القضيَّة، يساًرا هناك تقدَّمَ محامٍ باسمِ حروفِ العربية،
همَّ بالدفاعِ عنْ متهمه " الكاتب " بهدوءٍ و سجيَّة، ثمَّ أومأ رأسه بحزنٍ قائلاً : "وهل للحرف أن يدفعَ ثمنَ معانٍ عفويَّة ؟!"
تدخَّل القارئُ مقاطعاً غاضباً مُوجِّهَاً كلامه لسيادة القاضي بهمجيَّة ! قائلاً : "سيدي قاضي محكمة النقدِ العربية، قرأتُ الحرفَ
تلوَ الحرف وبكيتُ بُكاءاً مرضياً، وصِغْتُ شكوايَ بحزنٍ، بل نسجتُها بدموعِ شجنٍ ليليَّة، وباتَ النَّومُ عن عيني يغيبُ غياباً أبدياً
يردُّ القاضي قائلاً : "لا تُقفِّي كلماتك بسجعٍ وأخبرني ما أردتَ برسمية ! " يجيبه القارئ في وجلٍ : " لن أسجعَ ثانيةً وسأخبرك ما لديَّ بجديَّة !"
"إنَّ الحرفَ من شأنه أن يُشعلَ موجةَ حنينٍ هادئة، و يثيرُ في النَّفسِ ذكرياتٍ أوشكت على الموت، ثم ما لبثت أن باتتْ رماداً،
فيأتي الحرف مبتهجاً يُشكَّلُ في عمقِ الأبجديةِ جملاً، و عباراتٍ تفطرُ القلبَ، و تؤرِِّقُ المدامع ، ينثر معانيه،
بيانه و بديعه هنا و هناك، و كأنَّهُ أيقنَ تماماً على أيِّ جرحٍ فاغرٍ يدوس !
إنَّ الحرفَ من شأنه أنْ يقلقَ رخاء المضاجع، و سَكَنَ القلوب الزائف، و يلعنُ كلَّ لحظةٍ ننعمُ فيها بالراحة،
حتىَّ الهواء وصفه و لم يسلم منه، فهو بات في وطنٍ تغشاه الاحتلال، ملعونٌ ملعونٌ حدَّ السبع السماوات !
إنَّ الحرفَ الممزوجَ بنكهةِ الحزنِ، يتقطر منه دمعاتٍ تحمل في جوفها وجعاً قد أهلك شيئاً صغير،
يقطنُ شمال الصَّدر من الجسد، ذاك ألمٌ من فقدٍ، من موتٍ، من لوعةٍ، من فراق! بات الحرفُ يخدِّر عيوننا حدَّ الثمالةِ فهل من رحمة !
قد يكونُ الحرف طاغٍ، و لربما كان فاجراً أيضاً، بنظر أناسٍ رضعوا العبودية، فَأُهينُوا و ذُلُّوا ، ثمَّ اعتلوا صرح المكاتب!
و قالوا بوقاحةٍ: " نحن حكومةُ هذه البلاد " طغى الحرفُ طغى! فأيُّ جرأةٍ تلك التي تُشكِّلُ من أبجديتها حروفاً، تلعنُ
سيادة الرئيس، و تنشرها هنا و هناك، و في صدى الإذاعات تُتلى على المسامعِ الحرَّةِ كلَّ صباح !
قد يرتدي الحرفُ ثوباً مغزولاً من دخان! فتراهُ لاذعاً حارقاً، يضعُ الحاءَ، يوصلها بميمٍ تتكأ عليها الألف، و يتسكع خلفهم الراء
مُشكِّلاً في جوفِ طَيَاتِّه كلمة " حمار "وغيرها من كلماتٍ أشدُّ هجاءً كقول الحطيئةِ مثلاً ، فينعتُ بها آخر لا يقوى لغة الضاد!
فيظل يهجو بكلماتِ وحشيَّةٍ مُفترسةٍ، تنهشُ في لحمِ المهجوّ دون إنقاذ ! "
حينها نهضَ القاضي بقوةٍ، ثم نظر إلى كِلا القارئ والكاتب ومحاميه، دون اتخاذ مشورةٍ من أحدهم، ثم أومأ بإصدار حكمه قائلاً:
" أعلنتْ محكمةُ النقدِ العربية، ببراءةِ الكاتبِ مما نُسِبَ إليه من تلكما القضية، مع التأكيد على صدق ما اشتكاه القارئ بحميَّة
.. فالحرفُ نقيٌ حين يسطرٌ شعورنا، وهو بريءٌ بريء، مهما تمَّت صياغتهِ بذكرِ أيدٍ عبثيَّة "
دنا القارئُ بالقربِ من القاضي بحزمٍ؛ ليشيرَ أنَّه مازالَ مُصمماً على طرحِ القضيَّة، يساًرا هناك تقدَّمَ محامٍ باسمِ حروفِ العربية،
همَّ بالدفاعِ عنْ متهمه " الكاتب " بهدوءٍ و سجيَّة، ثمَّ أومأ رأسه بحزنٍ قائلاً : "وهل للحرف أن يدفعَ ثمنَ معانٍ عفويَّة ؟!"
تدخَّل القارئُ مقاطعاً غاضباً مُوجِّهَاً كلامه لسيادة القاضي بهمجيَّة ! قائلاً : "سيدي قاضي محكمة النقدِ العربية، قرأتُ الحرفَ
تلوَ الحرف وبكيتُ بُكاءاً مرضياً، وصِغْتُ شكوايَ بحزنٍ، بل نسجتُها بدموعِ شجنٍ ليليَّة، وباتَ النَّومُ عن عيني يغيبُ غياباً أبدياً
يردُّ القاضي قائلاً : "لا تُقفِّي كلماتك بسجعٍ وأخبرني ما أردتَ برسمية ! " يجيبه القارئ في وجلٍ : " لن أسجعَ ثانيةً وسأخبرك ما لديَّ بجديَّة !"
"إنَّ الحرفَ من شأنه أن يُشعلَ موجةَ حنينٍ هادئة، و يثيرُ في النَّفسِ ذكرياتٍ أوشكت على الموت، ثم ما لبثت أن باتتْ رماداً،
فيأتي الحرف مبتهجاً يُشكَّلُ في عمقِ الأبجديةِ جملاً، و عباراتٍ تفطرُ القلبَ، و تؤرِِّقُ المدامع ، ينثر معانيه،
بيانه و بديعه هنا و هناك، و كأنَّهُ أيقنَ تماماً على أيِّ جرحٍ فاغرٍ يدوس !
إنَّ الحرفَ من شأنه أنْ يقلقَ رخاء المضاجع، و سَكَنَ القلوب الزائف، و يلعنُ كلَّ لحظةٍ ننعمُ فيها بالراحة،
حتىَّ الهواء وصفه و لم يسلم منه، فهو بات في وطنٍ تغشاه الاحتلال، ملعونٌ ملعونٌ حدَّ السبع السماوات !
إنَّ الحرفَ الممزوجَ بنكهةِ الحزنِ، يتقطر منه دمعاتٍ تحمل في جوفها وجعاً قد أهلك شيئاً صغير،
يقطنُ شمال الصَّدر من الجسد، ذاك ألمٌ من فقدٍ، من موتٍ، من لوعةٍ، من فراق! بات الحرفُ يخدِّر عيوننا حدَّ الثمالةِ فهل من رحمة !
قد يكونُ الحرف طاغٍ، و لربما كان فاجراً أيضاً، بنظر أناسٍ رضعوا العبودية، فَأُهينُوا و ذُلُّوا ، ثمَّ اعتلوا صرح المكاتب!
و قالوا بوقاحةٍ: " نحن حكومةُ هذه البلاد " طغى الحرفُ طغى! فأيُّ جرأةٍ تلك التي تُشكِّلُ من أبجديتها حروفاً، تلعنُ
سيادة الرئيس، و تنشرها هنا و هناك، و في صدى الإذاعات تُتلى على المسامعِ الحرَّةِ كلَّ صباح !
قد يرتدي الحرفُ ثوباً مغزولاً من دخان! فتراهُ لاذعاً حارقاً، يضعُ الحاءَ، يوصلها بميمٍ تتكأ عليها الألف، و يتسكع خلفهم الراء
مُشكِّلاً في جوفِ طَيَاتِّه كلمة " حمار "وغيرها من كلماتٍ أشدُّ هجاءً كقول الحطيئةِ مثلاً ، فينعتُ بها آخر لا يقوى لغة الضاد!
فيظل يهجو بكلماتِ وحشيَّةٍ مُفترسةٍ، تنهشُ في لحمِ المهجوّ دون إنقاذ ! "
حينها نهضَ القاضي بقوةٍ، ثم نظر إلى كِلا القارئ والكاتب ومحاميه، دون اتخاذ مشورةٍ من أحدهم، ثم أومأ بإصدار حكمه قائلاً:
" أعلنتْ محكمةُ النقدِ العربية، ببراءةِ الكاتبِ مما نُسِبَ إليه من تلكما القضية، مع التأكيد على صدق ما اشتكاه القارئ بحميَّة
.. فالحرفُ نقيٌ حين يسطرٌ شعورنا، وهو بريءٌ بريء، مهما تمَّت صياغتهِ بذكرِ أيدٍ عبثيَّة "