اقتباسات درويشية

ولنا أحلامنا الصغرى, كأن
نصحو من النوم معافين من الخيبة
لم نحلم بأشياء عصية
نحن أحياء وباقون ... وللحلم بقيةْ

نَحْنُ، يَحِقُّ لَنَا أَنْ نُحِبَّ نِهَايَاتِ هَذَا الخَريف،
وَأَنْ نَسْأَلهْ
أَفِي الحَقْلِ مُتَّسَعٌ لِخَريفٍ جَديدٍ؟
وَأَنْ نَسْأَلَ اللَّيْلَ حُلْما
أَيَمْرضُ حُلْمٌ كَمَا يَمْرضُ الحَالِمُون ؟

عاششت ايدك

لاشيء يكسرنا ’ فلا تغرقْ تماما
في ما تبقى من دمٍ فينا.
يا ابنَ سيدةِ البحيرات البعيدةِ ’
يا ابنَ من يحمي القُدامى
من خطيئتهم , ويطبع فوقَ وجهِ الصَّخر برقاً أو حماما
لحمي على الحيطان لحمُكَ ’
يا ابنَ أُمِّي
جَسَدٌ لأضربِ الظلالْ
وعليك أن تمشي بلا طُرُقٍ
وراءً، أو أماماً, أو جنوباً أو شمالْ
وتحرِّكَ الخطواتِ بالميزانِ
حين يشاءُ مَنْ وهبوك قيدَكْ
ليزيِّنوك ويأخذوكَ إلى المعارض
كي يرى الزُوِّار مجدَكْ

صحا من النوم دفعةً واحدة. فتح النافذة على ضوء فاتر و سماء صافية و هواء معافى. تحسَّس جسده، عضواً عضواً، فوجده سليماً. نظر إلى الوسادة ولم يرَ شعراً تساقط في الليل. نظر إلى الملاءة ولم يرَ دماً. فتح جهاز الترانزستور ولم يسمع خبراً عن قتلى جدد في العراق و غزة و أفغانستان. ظنَّ أنه نائم، فَرَكَ جفنيه أمام المرآة و تعرَّف إلى وجهه بسهولة. هتف: أنا حيّ. مشى إلى المطبخ لإعداد القهوة. وضع ملعقةً من العسل في كأس الحليب الخالي من الدَّسَم. رأى على الشرفة كناريّاً زائراً يقف على حوض زهور نسي أن يسقيها. قال للكناريّ: صباح الخير، و نثر حوله فتات خبز. طار الكناريّ وحطَّ على فَنَنِ شجيرة وغنَى. مرة أخرى، ظن أنه نائم. نظر إلى المرآة ثانية و قال: أنا هو. استمع إلى نشرة أخبار جديدة. لا قتلى جدداً في أي مكان. فرح بهذا الصباح الشاذ. قاده الفرح إلى طاولة الكتابة وفي باله سطر واحد: "أنا حي بالرغم من أنني لا أشعر بالألم". كان ممتلئاً بشغف الإنشاد لصفاءٍ بِلَّوْريّ هبط عليه من مكان بعيد: من مكانه هذا! وحين جلس إلى طاولة الكتابة وجد السطر مكتوباً على ورقة بيضاء: "أنا حيٌّ على الرغم من أنني لا أشعر بالألم". لم يظن هذه المرة من أنه نائم. كان متأكداً من ذلك ..

أيُها الأحياء تحت الأرض عودوا


فإن الناس فوق الأرض قَد ماتوا.



― محمود درويش

الوحش يُقتل ثائرا والأرض تنبت ألف ثائر


يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر


فملاحم الدم في ترابك مالها فينا أواخر ..


حتى يعود القمح للفلاح يرقص في البيادر


ويغرد العصفور حين يشاء في عرس الأزهار


والشمس تشرق كل يوم ..في المواعيد البواكر.


محمود درويش

كلُّ الَّذِينَ ماتوا .. نجوا من الحياة بأعجوبة.

ياصبي
يا زهرة البركان، يانبض يدي
إنني أبصر في عينيك ميلاد الغدِ
أخذوا بابًا.. ليعطوك رياح
فتحوا جرحًا ليعطوك صباح
هدموا بيتًا لكي تبني وطن
نحن أدرى بالشياطين التي تجعل من طفل نبيّا
قل مع القائل:لم أسألك عبئًا هينًا
يا إلهي! أعطني ظهرًا قويًا!

يا أيها الزَمَنُ الذي لم ينتظِرْ …
لم يَنْتَظِرْ أَحداً تأخَّر عن ولادتِهِ،
دَعِ الماضي جديداً، فَهْوَ ذكراكَ
الوحيدةُ بيننا، أيَّامَ كنا أَصدقاءك،
لا ضحايا مركباتك. واترُكِ الماضي
كما هُوَ، لا يُقَادُ ولا يَقُودُ
ورأيتُ ما يتذكَّرُ الموتى وما ينسون …
هُمْ لا يكبرون ويقرأون الوَقْتَ في
ساعات أيديهمْ. وَهُمْ لايشعرون
بموتنا أَبداً ولا بحياتهِمْ.