دون الموت.. ودون الحياة.. ونحن معكم للأسف!

ربما سيساهم تصريح نتنياهو (ضرورة الإبقاء على حماس في غزة لأن ذلك مصلحة إسرائيلية) في طمأنة انصار حماس على مستقبلهم.. أما حماس نفسها وكل المحللين السياسيين يعرفون ذلك قبل تصريح نتنياهو.. والأمر بالمناسبة لا يتعلق بنتنياهو وحده.. بل هناك أجماع بين القادة الاسرائيليين على ذلك.. من اليمين لليسار!
.
ما زلت اتذكر المقال السياسي على صحيفة هآرتس.. في بداية عدوان 2008-2009.. وكان عنوانه "حماس ضعيفة في غزة، أفضل من فتح قوية في الضفة وغزة".. وفعلاً أوقف العدوان قبل سقوط حماس مباشرة! وهذا في عهد أولمرت، أي اليسار الإسرائيلي.
.
وطالما أن اليمين واليسار مجمعان في اسرائيل على أن وجود حماس خيار استراتيجي في غزة.. فهذا معناه أمر واحد.. لن يسمح بسقوط حماس أو حدوث المصالحة!
.
لطالما حافظ القادة الاسرائيليين على عدم التصريح بذلك.. مع علمهم جميعاً به، وموافقتهم عليه.. ولكن أضطر نتنياهو بالتصريح به أخيرا لأن المعارضة الاسرائيلية حاولت استغلال ذلك ضده.. وتصويره بأنه الضعيف أمام حماس.. واضطر نتنياهو حينها إلي التصريح باسباب ابقائه على حماس وتحمله "لشغبها"!
.
وباختصار المصلحة الاستراتيجية لإسرائيل تتطلب ذلك.. وشغب حماس يمكن السيطرة عليه.. ومطالب عباس لا يمكن بأي حال القبول بها.. على خلاف مطالب حماس!
.
وأخيراً.. والأهم.. حماس تقبل أن تكون جزء من صفقة القرن.. ليس لأنها عميلة للمحتل.. ولكن لأنها تعتقد (أو تحاول أن تقنع نفسها) أن قبولها تكتيكي، وستستغله لبناء قدراتها، والتعاون مع حلفائها للمعركة الكبرى التي سينطق فيها الحجر والشجر!
.
وإسرائيل تعرف النوايا الحمساوية جيداً.. ولكنها تعرف أيضاً قدرتها.. وتعرف أن حماس ستتحول إلي نسخة هزيلة من النظام السوري.. نظام قمعي يعيش على شرعية معركة إعداد ستستمر للأبد.. وسلاحها بالنهاية سيستخدم ضد معارضيها لا ضد اسرائيل.. وهي نسخة هزيلة.. لأنه لن يتوفر لها أبداً البعد الإقليمي أو الجغرافية اللازمة لكي تشكل أي خطر ولو بسيط على دولة الاحتلال!
.
مبروك حماس.. لن يستطيع أحد اسقاطك.. فإسرائيل كلها تريدك في غزة من يسارها ليمينها!
ولكني أوكد لكم أن الاحتلال سيبقي عليكم.. دون الموت.. ودون الحياة.. ونحن معكم للأسف!
.
د. محمد أبو هاشم