|
03-03-2017
|
|
|
SMS ~
[
+
]
|
|
|
لوني المفضل
Black
|
رقم العضوية : 12 |
تاريخ التسجيل : Jun 2016 |
فترة الأقامة : 2882 يوم |
أخر زيارة : منذ أسبوع واحد (09:24 PM) |
العمر : 26 |
الإقامة : غــــزة |
المشاركات :
208,403 [
+
]
|
التقييم :
48866 |
معدل التقييم :
|
بيانات اضافيه [
+
] |
|
|
|
مستوحاة من قصة حقيقية " أصابتها لعنة الانتحار "
" أصابتها لعنة الانتحار "
مستوحاة من قصة حقيقية
بعتذر جداً للإطالة ..
ذاتَ مطر , فجرٌ هادئ ..
و صوتُ النقاءِ يعلو بأن " الله أكبر "
الله أكبر من كل حزنٍ و همْ , من كل جبارٍ ظلمْ
الله أكبر من كل شيءٍ على الإطلاق .. و ليتها أدرَكتْ !
توسطَ القمرُ السماءَ , بدتْ ملامحهَا تظهرُ فيه
ويحكَ يا قمر , أتسرقُ من البشر شيئاً من الجمال و بكَ قد تغنَّى الجميع ؟
ويحكَ يا قمر , ألم تجدُ غيرها لتُسكِن ملامِحها فيك ؟ و هي التي لا تشبهكَ أبداً !
فَـ كم أنتَ آمنٌ و مستقر , و كم هي مبعثرةٌ مرهقة , فوضاها الداخلية العارمة
قد تنسفُ جبلاً و لا أبالغ ! , قد تموتُ هي في نهاية حكايتي
و أنت الذي تعيشْ ! ويحكَ يا قمر فإنَّ لكَ جِسم أنيق و هي التي تملك جسداً معجوناً بالضرب
هل يختلط الجسد بالضرب , أيصبحان شيء واحد ؟ هل للبكاء شأنٌ في تخفيف الألم ؟
هل له أن يٌبرِأ جرحاً فاغراً في وسط القلب ؟ هل من مجيب لتساؤلاتي التي لا تنتهي ؟
أصبحتْ لا تذرفُ دمعاً حين تُضرب , فالدمعُ بات لا يُجدي معَ الوجعِ نفعاً
" الدمعُ و البكاء "أمرٌ اعتادت عليه , بات لا يؤثر فيها شيء ! تُرى ,
هل يتحول الإنسان مع الألمِ إلى كتلةٍ باردة لا تشعر ؟ هل يعيش الإنسان بجسده بيننا
و عقله و روحه و كيانه في مكان آخر , بعيداً عن الخيال حتى ! حيث اللاواقع , اللامنطق !
صديقتي جسَّدت لي الإجابة .. و هذه حكايتها ..
" حنين " و التي تعُرَّف بِ لغة الفيزيائيين بأنها
" كتلةٌ من الألم تشغل حيزاً بالكاد لا يُذكر على سطح هذا الكوكب الدموي
دموي و هي من أسمته كذلك ! بلغت من الألم 18 عشر سنة و اكتفت بهنَّ
لم تسمح لسن ال19 أن يحظى بشيء من حياتها ,
فأحكمت إغلاق الباب في وجه " دائرة السنين " ثم غادرتْ ! و لها أختٌ تٌدعى
" هديل " الاختُ الهديةْ التي حباها الله إياها لتهوِّن عليها آلام العمر و كدراته
الحضن الدافىء الذي تلوذ بالفرار إليه حين يشتد الوجع , وجعها المتلخص في
قسوة الأهل , طبيعة العيش , العادات و التقاليد الحادة المُقيتة
التي لا تؤمن بكيان الانثى و تحقِّر من شأنها !
أختها التي تعاني مثلها تماماً و لكن قد تكون مصيبتها أعظم .. حين كانت حنين
تبلغ 16 من الألم , تقدَّم لخطبتها شابٌ قساميٌ خلوق .. كانت تراه وحشاً
كـ وحوش عائلتها , هكذا هي .. لم تحظى بالأمان من أقرب الناس , فكيف
بنظرتها للناس , للأطفال , للعابرين ! ! كانت مسكينةٌ جداً , شخصيتها لا تصلح للعيش أبداً في مثل كوكبنا هذا
كوكب الغدر و الهلاك ,الكوكبٌ الذي أرخص ما فيه " هدر الأرواح " ! كوكب عشق المال و بيع الاوطان
كان حقها مهدور و رأيها مرفوض , و لم تجرب أن تقول كلمة لا في حياتها
رفضت هي أن يتم خطبتها بداعي الطفولة ! ما الذي جرى يا حنين !؟ و أنتِ التي
لا ترفضين أمراً ! أكانت لحظةُ شجاعة بدت منكِ ؟
ألم تحلمين بالهروب من هذا السجن المفروض عليكِ منذ لحظة الولادة الاولى ؟
ام كان الحلمُ عليكِ حرام ! , كما هو متوقعٌ أن يحدث ! بلغتِ 16 عاماً و انتِ غير متزوجة
ياللعار , أيقول الناس عنا ابنتنا عانس ! هذا ما قاله والدها .. ألقوا عليها رصاصاتٍ من كلامٍ جارح
اخترقتِ القلب مباشرة اعيته و أوجعته , و لأنها الكائن الضعيف , المغلوب على أمره كما يقولون
أُجبِرت على هذه الخطبة .. و تمَّ هذا النصيب !
أمرٌ مروعٌ يحدث .. أختها التي تصغرها بعام و التي تحدثتٌ عنها في سابقة كلامي
لم تكن لتبلغ بلوغ الإناث ! بل مالت أعضاء جسدها إلى الذكورية .. ما كان صوتها ليرق كالفتيات ..
ما كان لمعالم الانوثة شيء فيها عدا أنها تملك قلباً رقيقاً تنهشه الكلمة و تقضي عليه أوجاع الحياة ,
و هاهي الصدمة الكبرى تحدث إذاً , أعلن الطبيب أنها ستصبح شاباً بعد عدة عمليات ستجرى لها !
و بعد مرور شهر بالفعل أصبحت هديل شاباً يُدعى " هشام "
لم تستطع حنين أن تحتمل حجم الكارثة .. بدا كل شيء مبهم لديها , هي لا ترى شيء عدا سواد متقطع !
يمر شريط ذكرياتها مع اختها مروراً سريعاً خاطفاً , حتى الذاكرة كرهت ما حدث !
, أختي كيف لكِ بحق الاخوة أن تتخلي عن جنسنا .. لماذا غادرتني في منتصف الطريق !؟
نحن اللتان كبرنا معاً و تألمنا معاً , نحن جسدين بروح واحدة نتحد في كل شيء ! لماذا الحياة قاسية إلى هذا الحد !
أقربُ الناس منها , أصبحت في غربةٍ الآن عنها .. غربة الجسد و الروح .. الان لن يشارك حزنها أحد ..
فرحةُ الاهل كانت كبيرة ! في بيتهم شاب جديد يعتمد عليه , يالي عزوتهم !
و اللعنة اللعنة على أنثى تدعى هديل ..
قال الأب بلهجةٍ ساخرة موجهاً كلامه لحنين :
مش لو طلعتي انتي التانية ذكر كان أشرفلنا
حنين تداري ألمها و تقول :
أسفة يا أبي لأنني لم أكن كذلك ..
و انا التي أكتب ماذا عساني أن أقول " هديل أم هشام " كيف سأكمل حديثي عنها ؟
لقد اعتدت على هديل , ولا زلت أراها هديل .. و سأكتب عنها بلفظ الأنوثة ..
لانني لم أعتد الأمر بعد أو أن عقلي يرفض أن يعي ما حدث !
.. بدأت حنين تتعلق بخطيبها أحمد شيئاً فـ شيء , كان خلوقاً طيباً
فاض قلبه بالحب و الرحمة .. ربما بعثه الله ليرمم ما بها من ركام هالك .. ليبرأ جرحها , ليدواي أوجاعها
ليعوضها عن الفقد الذاتي , ليشبع خواء روحها .. ليكن الأب و الأم و الاخ و الأخت و ليعوض فقد هديل كذلك ..
تعلقت به حد الوله , تغيرت حياتها أصبحت وردية بعد ان كانت خريفاً معتماً متشحاً بالسواد ,
لم يكن ليشفق لحالها , إنما أحبها بشغف ,, حتى تفاصيلها المؤلمة يحبها .. المحب لا يخذل حبيبه أبداً
كان يحب العلم و لطالما شجعها على الدراسة , متفائلاً يقول :
حبيبتي حنين انتي خلصي توجيهي و غير أدخلك جامعة و أصير أدرسك كمان
تهرع بعد كلماته تلك , الى كتابها تدرس بـ اجتهاد , و كأنها ولدت للتو
لكن غالباً ما تخذلنا الحياة , تسلب منا أشد أشياءنا جمالاً .. لم يدم هذا الأمل طويلاً
كفاكِ يا حنين , فأنتِ التي لا معالم لوجود الفرح في حياتك ! كيف لكِ أن تتمردي إلى هذا الحد !
أنتِ مولودة الموت و الشقاء , الجحيم هو كل ما ينتظرك ليس إلاَّ ..
في عام 2014 وضعت حرب العصف المأكول أوزارها على قطاع غزة المنكوب ..
ربما كانت غزة شقيقتها في الوجع , راح ضحية الحرب الكثير الكثير من أبناء الوطن
و لأن خطيبها قسامي مجاهد , نالت منه صواريخ الغدر الصهيونية , غارت على جسده
كأفعى جائعة , التهتمه و قذفت بالرأس بعيدا -الله ما أقسى الحياة ! -
علمت هي بالخبر , رباه كيف ! هي لم تصدق خرجت مسرعة إلى الشارع حتى أنها لم تضع شيء يستر رأسها
أصبحت كـ مجنونةٍ تسير في الطرقات , بينما الضربات هنا و هناك , تصرخ من أعماقها
أين أحمد ؟ هل رأه أحد ؟ أخبروني ! بالله عليكم ؟ أين هو أين هو ! , غامت الدنيا في وجهها
.. ثم فقدت وعيها , و فقدت شهية الكلام .. تظل صامتة طيلة الوقت .. لا يُرى منها سوى وجه بائس حزين
و يدين ترتجفان .. و دمعاً خفياً لطالما احتجزته في جنبات عينيها لكنه أصرَّ على الهطول
يكاد يبكي لحالها الحجر ! لربما لو رآها صاروخ الغدر الذي فتك بـ أحمد لاعتذر !
انتهت الحرب و كل شيء عاد إلى مكانه , كان أحمد سيد منامها و أحلامها , كان سيد حديثها
تراه كل يوم في حلة بيضاء , يخبرها أنه يحبها و أنه يود أن تكون رفيقته في الجنة ..
كانت تعيش على أمل الموت حتى تلقاه , كان يحب أن تكمل دراستها و كذلك فعلت !
هاهي الثانوية العامة تفتح أبوابها , التحقت هي بالمدرسة بعد رفض أهلها الشديد بأن تدرس ..
كانت تحب المواد الأدبية و تفضلها على الرغم من أنها درست الصف الحادي عشر الفرع العلمي
إلا أنها كانت مجبورة !و لأن الحياة لا تأتي كما نحب , كان قبول أهلها مشروطاً
حيث قال والدها ..
ازا بدك تكملي توجيهي ادخلي بدك تضلي علمي فش تحويل
حنين : و لكن وو
الأب : بتردي بوجهي بدك تدرسي علمي يعني علمي ولا ايش يحكوا عنا الناس
قبلتْ قدرها المفروض , فأمرٌ أهونُ من أمر , كان مجردُ قبول أهلها بأن تدرس هو إنجازٌ عظيم
و كأنها سرقت لقمةً من فم أسدٍ هائج , كانت تدرس باجتهاد , هي تريد أن تحقق ما تمناه خطيبها تريد أن ترضيه فحسب
هو حاضرها الغائب , و غائبها الحاضر , هو ما تمنت الموت لأجل ان تحيا بلقياه , هو كل شيء في حياتها
قررت بأن لا تتزوج بعده و أن تبقى مخلصة له طيلة العمر , تتدخل الحياة مرة أخرى لتنغص عليها
عيشها , حيث تقدم أخ أحمد للزواج منها فكان متهكماً يقول :
خطيبة أخويا أنا أولى فيها من الغريب ..
كان بخلاف أحمد حيث هو حاد الطباع غليظ الهيئة و الشكل , لم يكن بأخلاق أحمد أو أنه بلا أخلاق
مفهومه عن الزواج بانه خدمة و طاعة فقط
و الزوجة انما هي خادمة في النهار مكانها المطبخ و استباحة جسد في الليل
نظرة غبية و حقيرة ! , رفضت حنين بقوة ! عجباً ! ألم تكسرك الحياة بعد ؟ من أين ظهرت هذه القوة ؟
هل كان أحمد مؤثراً فيكِ إلى هذا الحد ؟ هل تغلب على 16 و 17 عاماً من الذل و الهوان ؟
لماذا لم تظهر هذه القوة عندما أرغمها والدها على دخول الفرع العلمي !؟
أم أنه عند المساس بأحمد يثور بركان الغضب المختبأ في داخلها ؟ رغم الرفض الشديد الذي أبدته
و البكاء المرير إلى أنَّ الحياة مازالت أقوى منها , كانت تشعر بأنها تواجه العالم بأسره , كانت تعتقد أن كل من يحيا
خُلِق ليكون ضدها ليضطهدها ليصنع بؤسها ! تراها حالة نفسية كانت !؟ ام أنها تتوهم
هل كل الناس اشرار ؟ هل البعض شوَّهـ الكل ؟ هل لهذه الفوضى الداخلية العارمة أن تنتهي ؟!
استسلمت لقسوة واقعها و هزلت قواها و كاد البياض أن يقضي على بريق عينيها !؟
ضربها والدها ضرباً مبرحاً لتقول أمام القاضي : " و أنا قبلت الزواج ! "
كان جسدها مختلط الألوان الأزرق و البنفسجي و الأحمر , هي كذلك لم ترحم نفسها
فكانت تضرب رأسها بالحائط و تقول :
لقد خنتك يا أحمد لقد خنتك رغما عني سامحني أرجوك
كان يأتي خالد لزيارتها و تتجرع المرَّ أثناء زيارته , تعد الدقائق و الثواني الكهول !
يكاد الوقت أن يتجمد , لشدء البطء ! لماذا يا وقت ؟! حتى انتَ تقسو عليها ؟
لماذا لم تمرَّ سريعاً و تنهى ما تبقى لها من عمر ؟ أكانت مخلوقة من الوقت أم الطين ؟
الطين بداخلها كاد أن يذوب , تراها هل ستختفي ؟ و الوقت مازال صامداً لا يتحرك تراها هل ستبقى ؟
كان خالد يعلم أنها لا تريده و تكرهه بشدة فكان مستهزءاً يقول :
لو تطلعي ع السما لغير ما تكوني الا الي و طلاق مش مطلق
و من هذه اللحظات بدأت هي تنتهي ! عجباً هي انتهت منذ اللحظة التي خلقت فيها أنثى ! منذ لحظة الميلاد الأولى
منذ أن قال الطبيب , مبارك اجتكم بنت !
كيف ينتهي الشيء المنتهي !؟ كانت هي تجسد الإجابة ..
مضت أيام الثانوية و كأنها قرن , سنين مثقلة بالوجع و الخيبة ! الويل يشكلها بيديه
كانت الاوامر هي كل ما تسمعه " اطبخي , اغسلي , اجلي , سيبي هالكتاب من ايدك , قومي البسي اجى خطيبك "
و عندما تصدح بكلمة آه تأتي كلمة " اخرسي " من كل صوب حدب ! و كأن التأوّه من الوجع بات حرام !
لما كل هذه القسوة ! ماذا فعلت هي ليكون الاهل بهذا القدر من السوء ؟
ألم تدق الرحمة قلوبهم و لو للحظة ؟ لماذا لم يقتلوها و هي صغيرة إذاً ؟
صدقاً لربما كان أبو جهل أرحم منهم بها ! مضت هذه الكهول الطويلة ..
و اليوم ستعلن نتيجة الثانوية العامة , أقصد يوم الفجيعة الكبرى !
كان الأهل ينتظرون أن تكون ابنتهم من الأوائل و الويل لها إن كان مجموعها أقل من ال90
أي 90 تلك التي ستحظى بها في ديارهم ! أي هم هذا ! بل أي بلاء !؟
في هذه اللحظة شُلَّت يدي عن الكتابة قلبي لا يكف عن الرجفان !
و عيني لا تكف عن البكاء ؟ لماذا يا حنين لماذا !
إلى متى سأظل أتساءل ؟ إلى متى ستبقين في ذاكرتي كـصاروخ ملغوم
يوشك أن ينفجر تارة و في تارة أخرى أشعر و كأنه غير موجود ؟
إلى متى هذا التخبط و العشوائية المنتظمة في أحوال الوقت و الموت ؟
و الآن جاء الخبر , كانت تتآكل من الخوف تكاد أن تذوب ! ليس لهول النتيجة ,
بل كيف ستكون ردة فعل الاهل القاسية جداً
ترى ! أي مكانٍ ستضرب فيه بعد قليل ؟ هل سيحمل أبيها السلاح و يضربها بطلقة نارية في رأسها
تودي بحياتها ؟ أم أنه كعادته سيمسك بالمكنسة و يكسرها على جنبيها و يتمتع برؤيتها و هي تذوب وجعاً
و أمها تشجعه على ذلك قائلة :
بتستاهل خليها تتربى !
كان التفكير يقتلها , وصل الخبر و جاء به اخيها :
مبروك يابا بنتك جابت 54%
دخل الأهل في موجة غضب لا تهدأ و كأنها فعلت الفاحشة و جاءتهم بطفل الخطيئة الأولى !
انهالوا عليها ضرباً , بعد أن فرغوا منها بدأ كلامهم المحشو بالسم يوجه إليها و هي الموجوعة
التي تئن ! سيوبني امانة سيبوني حرام عليكو
ألا يكفي ما أشبعتموها من ضرب , لقد تحملت ضرب مدينة بأكلمها !
هل غادرت الانسانية قلوبكم و أصبحتم بهمجية اليهود و الاحتلال ؟
تورمت حد الموت ! تخدرت حد التعب ! ضاقت أنفاسها أصبحت ويكأنها تجاهد لتخرج نفساً واحداً متقطعاً
, بدأت تتخبط يميناً و شمالاً , هذت روحها بعمق , تتمتم بكلام غير مفهوم
ذكريات الوجع كلها تمر سريعاً الآن , و هاهو أحمد في نهاية الشريط ينظر إليها و يبتسم
بادلته ابتسامة من وقع الخيال , كانت البسمة في الواقع صعبة و من درب المحال
لم تستطع تحريك خديها لتبستم و فمها المزرق تلفه سيل من الدماء
يرفض في مشهده هذا أن يساعد بقية ملامح الوجه لتبتسم ! حتى و إن كانت تلك الابتسامة لأجل أحمد !
لكن بقية الجسد يفعل الكثير لأجله , فنهضت بقوة و هي مازالت غائبة الوعي مشتتة الفكر و كلامها الغير مفهوم
لازالت تتمتم به ! تراها ماذا كانت تقول ؟ الله وحده يعلم ..!
خطواتها المثقلة بالوجع صعدت لأعلى ثم أعلى ثم أعلى إلى أن وصلت سطح بنايتهم المتواجد فوق 6 طوابق
6 طوابق من العلو كان من شأنه أن ينهي وجعاً استمر 18 سنة !
هاهي الان تقف على شفا حفرةٍ من الموت .. أتلقي بنفسها إلى الموت , أم تبقى لتحيا حياةً كالموت !؟
امتنعت قواها عن التفكير ثم أخذت تخطو خطوة إلى الأمام , الخطوة التي ستليها ستكون في الهواء ,
و بالفعل تقدمت خطوة الموت تلك ! ألقت بنفسها من 6 طوابق , كانت بإحساس العصفور الحر ..
توزع ابتساماتٍ لذرات الأكسجين المتناثرة في الهواء او أن هذه الابتسامات كانت للموت و اهله ! لا أدري !
سقطت مغشياً عليها من الدم , سقطت بين جمعٍ من أهلها و أعمامها و المارة , سارع الجميع لإنقاذها
و لكن ! القدر المحتوم قد أنهى الحكاية , الضجيج ملأ المكان , صرخات أمها كادت لتمزق القلوب
ينابيع من الآلام تفجرت , ولكن أختها أو اخيها " هديل أم هشام " ظلت صامتة لم تصرخ
و لم تنبس بكلمة , الكتمان الداخلي يقتل الشعور و يقتل الكلام فتظل كلاماتها و تأوهها عالقاً على معبر الفم
لا يخرج أبداً , ظل والدها صامتاً باهتاً و كأنه أحس بإحساس الأبوة لأول مرة !
هل ما تقعلونه سيعيدها إلى الحياة ! لم يبقى لديكم سوى الندم و البكاء ..
لقد غابت هاجرت فارقت ماتت , إنها ماتت , نعم ماتت , و الله إنها ماتت , الخبر الأكثر صدمة على الإطلاق
ماتت أم انتحرت ؟ هل هناك فرق في المسمى ! اوليست ميتة من الأساس ؟ ماذا أضفى الانتحار ؟
هل استعجلت القدر ؟ أم كان القدر يستعجلها ؟ أكان الانتحار علاجاً من الألم ؟ لكان انتحر الناس جميعاً
أخذت لعنة الانتحار تغوص في الشوارع و يتناقلها الناس بينهم الكل يتحدث و يفتي بما لا يصح
" يييي كافرة , مثواها النار , أبصر شو عاملة , ما تصلوا عليها , غبية و تافهة إلخ "
هاتوا جسد حنين لنغسله و نكفنه و نصلي عليه و نلقي عليه التراب ,
حضرت مغسِّلة الموتى إليهم و لما علمت بأنها منتحرة رفضت و قالت بقوة :
أعوذ بالله انا ما بغسل كفار و كذلك المغسلة الثانية فعلت و الثالثة كالسابقين ..
إلا أن أشفقت عليها خالتها فغسلتها و كفنتها و ألقوا بها إلى أكتاف الرجال إلى المسجد
فصلوا عليها صلاة الجنازة ثم حملوا جسدها البالغ 18 عاماً , و وضعوه في التراب على مهل
كشفوا عن وجهها البائس بلطف , ثم مررَّوا بلاطاتِ الوداع الازلي عليها برفق
ثم هالوا عليها التراب من كل حدب .. في وسط جمع من الناس
كانت " هديل / هشام " تداري دمعها إلا ان انفجرت
و بللت القبر بماء عيناها الذي فاض و لم نجد له نهاية , أنينها الداخلي أصبح مسموعاً بقوة ,
ثم بدأ هذا الانين يتوضح شيئاً فشيء , قالت و هي تغمغم قبل أن تفقد وعيها ..
إن أختي لم تمت بفعل الانتحار و إنما ماتت منذ زمن ..
و هذه حكايتي انتهتْ أو لربما عجزت كلماتي عن المقاومة ,
هذا من اوجع ما خطت يداي ..
شكراً لتحملكم القراءة
إنَّه عقلي أنا، فلا تبحث فيه عن أفكارك ! 🖤
|
03-03-2017
|
#2
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3
|
تاريخ التسجيل : Jun 2016
|
العمر : 32
|
أخر زيارة : 03-20-2024 (10:04 PM)
|
المشاركات :
216,380 [
+
] |
التقييم : 35989
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Black
|
|
حكيت رأئي من شوي فيها وبرجع اقلك
بكيت جدا وانا بقرأها وتأثرت جدا
صياغتك وسردك ومفرداتك اكثر من روعة
مبدعة وجججدا بسمة
واسكنها الله فسيح جناته ي رب
|
|
|
03-04-2017
|
#4
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1
|
تاريخ التسجيل : Mar 2006
|
أخر زيارة : منذ 2 ساعات (10:28 AM)
|
المشاركات :
78,359 [
+
] |
التقييم : 9765
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
مزاجي:
|
MMS ~
|
SMS ~
|
اوسمتي
|
|
لوني المفضل : Black
|
|
قصه جميلة رغم مابها
طويلة لكن رائعة
وقلمك مميز
كل التقدير لالك
|
|
|
03-04-2017
|
#5
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 14
|
تاريخ التسجيل : Jun 2016
|
أخر زيارة : 05-13-2022 (09:02 PM)
|
المشاركات :
5,344 [
+
] |
التقييم : 1814
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
مزاجي:
|
MMS ~
|
|
لوني المفضل : Brown
|
|
يسلموو يا مبدعة علي الكتابة
تحيتي
|
|
|
|
|