السؤال هل يمكن الجمع بين نيتين في حال رغبة المرأة الصيام في شوال وذلك بين نية صيام الأيام الستة وصيام القضاء. وشكرا
الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك ( الجمع بين عبادتين بنية واحدة). وحكمه أنه إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابتة ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة. وإن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة، والأخرى مقصودة بذاتها صح الجمع ولا يقدح ذلك في العبادة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فتحية المسجد غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود هو شغل المكان بالصلاة، وقد حصل. وأما الجمع بين عبادتين مقصودتين بذاتهما كالظهر وراتبته، أو كصيام فرض أداءً أو قضاء كفارة كان أو نذراً، مع صيام مستحب كست من شوال فلا يصح التشريك، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى.
فصيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معا كصيام الدهر، كما صح في الحديث، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة. فإن صام بنية القضاء عن شهر رمضان وبنية الست من شوال فهل يقع قضاء أم نفلا؟ أم لا يقع عن واحد منها ؟
فقيل يصح قضاء وقيل نفلاً وقيل لا يقع عن واحد منها . وأما إن صام في شوال بنية القضاء فقط ووافق ستاً من شوال فأكثر، فهل يحصل له ثواب صيام الستة من شوال أم لا ؟ الأقرب أنه يرجى له أن يحصل له ثواب دون ثواب من أفرد الست بالصوم تطوعاً، لاحتمال أن يندرج النفل تحت الفرض. ففي الشرقاوي على التحرير للشيخ زكريا الأنصاري: (ولو صام فيه - أي شوال - قضاء عن رمضان أو غيره نذراً أو نفلاً آخر، حصل له ثواب تطوعها، إذ المدار على وجود الصوم في ستة أيام من شوال ... لكن لا يحصل له الثواب الكامل المترتب على المطلوب إلا بنية صومها عن خصوص الست من شوال، ولاسيما من فاته رمضان لأنه لم يصدق أنه صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال) انتهى.
والله أعلم.
جزاكم الله كل الخير وجعلكم ممن يهدون إلى دينه
أرجو من فضيلة السادة القائمين على الإجابات تبيان حقيقة الحب والبغض في الله ( حب المسلمين وبغض من لا يدين بدين الحق) مع بيان الأدلة الشرعية على ذلك لما له من أهمية
وجزاكم الله كل خير
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحب لله هو الحب للمؤمن من أجل دين الله وطاعته وامتثال أوامره لا لمصلحة دنيوية أو قرابة، والبغض عكسه، فهو بغض العاصي بسبب معصيته بقدر معصيته وبغض الكافرين والبراء منهم.
وقد ذكر ابن حجر عند شرح حديث الصحيحين: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار.
قال ابن حجر: وأن يحب المرء قال يحيى بن معاذ: حقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء
وقال المباركفوري في شرح الترمذي: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله أي لا يحبه لغرض وعرض وعوض ولا يشوب محبته حظ دنيوي ولا أمر بشري، بل محبته تكون خالصة لله تعالى، فيكون متصفا بالحب في الله وداخلا في المتحابين لله. اهـ.
وقال المناوي: وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله: أي لا يحبه لغرض إلا لغرض رضا الله حتى تكون محبته لأبويه لكونه سبحانه أمر بالإحسان إليهما ومحبته لولده لكونه ينفعه في الدعاء الصالح له وهكذا.
وقال أيضا عند شرح حديث أبي داود : من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان.
قال: من أحب لله أي لأجله ولوجهه مخلصا لا لميل قلبه وهوى نفسه. وأبغض لله لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه.
وقال أيضا عند شرح حديث المسند: أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله عز وجل وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وأن تقول خيرا أو تصمت.
قال: أفضل الإيمان أن تحب لله وتبغض لله لا لغيره، فيحب أهل المعروف لأجله لا لفعلهم المعروف معه، ويكره أهل الفساد والشر لأجله لا لإيذائهم له.
وراجع في فضل الحب لله والبغض له الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24845، 32852، 36991، 64315، 65075، 52433.
والله أعلم.
الأمراء والعلماء يطاعون في المعروف لأن بهذا تستقيم الأحوال
شدد سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على وجوب طاعة ولاة الأمر في المعروف
لأن بهذه الطاعة تستقيم أمور الأمة ويحصل الأمن والاستقرار ويأمن الناس من الفتنة .
وأوضح فضيلته أن المراد بولاة الأمر هم العلماء والأمراء والحكام ذوو السلطان .
وأكد سماحته أن وجوب طاعتهم تكون في المعروف وليس في معصية الله عز وجل .
وأوضح سماحته أن الحاكم الذي يأمر بالمعصية لا يطاع في هذه المعصية دون
أن يكون للرعية حق الخروج على الإمام بسبب ذلك .
وأوضح سماحته متى يجوز الخروج على الحاكم والتي ضبطها الشرع الكريم بوجود الرعية
من الحكام كفرا بواحا عندهم الخارجين من الله فيه برهان مع القدرة والاستطاعة على التغيير
فإن عدموا القدرة لعجزهم فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا .
لأن خروجهم فيه فساد للأمة ويضر الناس ويوجب الفتنة وهو ما يتعارض
ودوافع الخروج الشرعي وهو الإصلاح ومنفعة الناس والأمة .
وأوضح سماحته أنه في هذه الحالة تكتفي الرعية ببذل النصح والكلام بالحق
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبهذا تبرأ الذمة .
وأوضح سماحته في معرض إجابته عن الأسئلة التي طرحت عليه في ندوة عقدت
بجامع الإمام فيصل بن تركي في الرياض أهمية الطاعة وملازمة الجماعة
وعظم الوعيد من الله ورسوله لمن أراد شق عصا الطاعة وفرق المسلمين بغير حق
- كما أوضح سماحته أن القوانين إذا كانت توافق الشرع فلا بأس بها مثل
قوانين الطرق وغيرها من الأشياء التي فيها نفع للناس وليس فيها مخالفة للشرع-
أما القوانين التي فيها مخالفة صريحة للشرع فلا- ومن استحلها-
أي القوانين المخالفة للشرع مخالفة لما أجمع عليه العلماء فقد كفر .
وعندما سئل سماحته عن كيفية التعامل مع أمثال هؤلاء المستحلين للقوانين
المخالفة للشريعة من الحكام قال سماحته :
نطيعهم في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل
وعندما سئل سماحته عن الجماعات الإسلامية المختلفة الموجودة في الساحة الإسلامية
وعن أيها أولى بالاتباع أكد سماحته أن الجماعة التي يجب اتباعها هي الجماعة ا
لتي تسير على منهج الكتاب والسنة وهو ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم
وأصحابه رضي الله عنهم .
وأوضح سماحته أن كل جماعة من هذه الجماعات الموجودة لديها حق وباطل
وهؤلاء يطاعون في الحق وهو ما قام عليه الدليل من الكتاب والسنة
وما خالف الدليل يرد عليهم ويقال لهم أخطأتم في هذا ، ويرى سماحته أن على أهل العلم
واجبا عظيما ودورا كبيرا في هذا المجال وهو بيان الحق والرد على هذه الجماعات ف
يما أخطأت فيه ممن يعرفون تفاصيل هذه الجماعات .
وأوضح سماحته أيضا أن هذه الجماعات ليست معصومة وليس لأحد منهم أن يدعي العصمة
فالواجب البحث عن الحق وهو ما وافق الدليل من الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة
وما خالف الدليل وجب أن يطرح سواء كان من هذه الجماعات أو من غيرهم
من أصحاب المذاهب المشهورة :
الحنابلة والشافعية والمالكية والظاهرية والحنفية أو غيرهم .
إذ أن الأصل وجوب اتباع الدليل من الكتاب والسنة فما وافقهما فهو الحق
وما خالفهما فهو الباطل وحذر سماحته من الذين يدعون إلى غير كتاب الله عز وجل
وإلى غير سنة محمد صلى الله عليه وسلم فهؤلاء لا يُتَّبعون ولا يقلدون بل يًعادون
في الله ويحذر منهم . وفيما يلي نص الحوار :
سؤال :
ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام
ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
الجواب :
يقول الله عز وجل :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا[1]
وأولو الأمر هم : العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله
إذا أمروا بطاعة الله وليس في معصية الله . فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف .
لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم .
أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله
في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله
هذا هو الصواب في أولي الأمر ، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم
أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها
في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك
إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله
وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه ، والتقي لا يأمر بذلك
لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق .
والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله
فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))
لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا بل يجب السمع والطاعة في المعروف
مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
((على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره
ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة))
ويقول عليه الصلاة والسلام :
((من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله
ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية))
وقال عليه الصلاة والسلام :
((من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان))
والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء
- وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم
وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح
عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم
وأن يقيموا دولة صالحة .
أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا .
لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق-
ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه
وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله
فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .
سؤال :
هل عجزهم يعتبر براءة للذمة أي ذمتهم؟
جواب :
نعم ، يتكلمون بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويكفي ذلك
والمعروف هو ما ليس بمعصية فيدخل فيه المستحب والواجب والمباح كله معروف
مثل الأمر بعدم مخالفة الإشارة في الطريق فعند إشارة الوقوف يجب الوقوف .
لأن هذا ينفع المسلمين وهو في الإصلاح وهكذا ما أشبهه .
سؤال :
ما حكم سن القوانين الوضعية؟
وهل يجوز العمل بها؟
وهل يكفر الحاكم بسنة هذه القوانين؟
جواب :
إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به مثل أن يسن قانونا للطرق
ينفع المسلمين وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع
ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها .
أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني
أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل وإذا استحله الوالي كفر
لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات
المجمع عليها فهو يكفر بذلك .
سؤال :
كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
جواب :
نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل .
سؤال :
تعلم يا سماحة الشيخ ما حل في الساحة من فتن فأصبح هناك جماعات مثل جماعة التبليغ
وجماعة الإخوان والسلفية وغيرهم من الجماعات وكل جماعة تقول :
إنها هي التي على صواب في اتباع السنة من هم الذين على صواب
من هذه الجماعات ومن نتبع منهم؟
ونرجو منك أن تسميهم بأسمائهم؟
جواب :
الجماعة التي يجب اتباعها والسير على منهاجها هم أهل الصراط المستقيم
هم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهم أتباع الكتاب والسنة الذين يدعون
إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا ، أما الجماعات الأخرى
فلا تتبع منها أحدا إلا فيما وافقت فيه الحق .
سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين أو جماعة التبليغ أو أنصار السنة
أو من يقولون إنهم السلفيون أو الجماعة الإسلامية أو من تسمي نفسها بجماعة أهل الحديث
وأي فرقة تسمي نفسها بأي شيء فإنهم يطاعون ويتبعون في الحق والحق ما قام عليه الدليل
وما خالف الدليل يرد عليهم ويقال لهم :
قد أخطأتم في هذا ، فالواجب موافقتهم فيما يوافق الآية الكريمة أو الحديث الشريف
أو إجماع سلف الأمة .
أما ما خالفوا فيه الحق فإنه يرد عليهم فيه فيقول لهم أهل العلم :
قولكم كذا وفعلكم كذا خلاف الحق- هذا يقوله لهم أهل العلم فهم الذين يبصرون
الجماعات الإسلامية .
فأهل العلم العالمون بالكتاب والسنة الذين تفقهوا في الدين من طريق الكتاب والسنة
هم الذين يعرفون تفاصيل هذه الجماعات وهذه الجماعات عندها حق وباطل
فهي ليست معصومة وكل واحد غير معصوم ولكن الحق ما قام عليه الدليل من
كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع سلف الأمة سواء
من هذه الجماعات أو من الحنابلة أو الشافعية أو المالكية أو الظاهرية أو الحنفية أو غيرهم
- فما قام عليه الدليل فهو الحق وما خالف الدليل من كتاب الله أو سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم أو الإجماع القطعي يكون خطأ- وأما الذين يدعون إلى غير
كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء لا يتبعون ولا يقلدون
إنما يطاع ويتبع من دعا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
وأصاب الحق فإذا أخطأ فإنه يقال له : أحسنت إذا أحسن وأخطأت إذا أخطأ
ويتبع في الصواب ، ويدعي له بالتوفيق ، وإذا أخطأ يقال له أخطأت في كذا
وخالفت الدليل الفلاني والواجب عليك التوبة إلى الله والرجوع إلى الحق
- هذا يقوله أهل العلم وأهل البصيرة- أما العامي فليس من أهل العلم
وإنما العلماء هم العلماء بالكتاب والسنة المعروفون الذين يتبعون الكتاب والسنة
فعلى العامي أن يسأل هؤلاء الذين عرفوا الكتاب والسنة عما أشكل عليه
مثل أن يسألهم ما تقولون في دعوة فلان الذي يقول كذا ويقول كذا
حتى يتبصر ويعرف الحق كما قال الله سبحانه :
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ[2]
وهم أهل العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أما أهل البدعة
فليسوا من أهل الذكر ، والدعاة إلى البدعة ليسوا من أهل الذكر أيضا .
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
السؤال
هل يمكن الجمع بين نيتين في حال رغبة المرأة الصيام في شوال وذلك بين نية صيام الأيام الستة وصيام القضاء. وشكرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك ( الجمع بين عبادتين بنية واحدة). وحكمه أنه إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح، وحصل المطلوب من العبادتين، كما لو اغتسل الجنب يوم الجمعة للجمعة ولرفع الجنابة، فإن جنابتة ترتفع ويحصل له ثواب غسل الجمعة. وإن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة، والأخرى مقصودة بذاتها صح الجمع ولا يقدح ذلك في العبادة كتحية المسجد مع فرض أو سنة أخرى، فتحية المسجد غير مقصودة بذاتها، وإنما المقصود هو شغل المكان بالصلاة، وقد حصل. وأما الجمع بين عبادتين مقصودتين بذاتهما كالظهر وراتبته، أو كصيام فرض أداءً أو قضاء كفارة كان أو نذراً، مع صيام مستحب كست من شوال فلا يصح التشريك، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى.
فصيام شهر رمضان، ومثله قضاؤه مقصود لذاته، وصيام ست من شوال مقصود لذاته لأنهما معا كصيام الدهر، كما صح في الحديث، فلا يصح التداخل والجمع بينهما بنية واحدة. فإن صام بنية القضاء عن شهر رمضان وبنية الست من شوال فهل يقع قضاء أم نفلا؟ أم لا يقع عن واحد منها ؟
فقيل يصح قضاء وقيل نفلاً وقيل لا يقع عن واحد منها . وأما إن صام في شوال بنية القضاء فقط ووافق ستاً من شوال فأكثر، فهل يحصل له ثواب صيام الستة من شوال أم لا ؟ الأقرب أنه يرجى له أن يحصل له ثواب دون ثواب من أفرد الست بالصوم تطوعاً، لاحتمال أن يندرج النفل تحت الفرض. ففي الشرقاوي على التحرير للشيخ زكريا الأنصاري: (ولو صام فيه - أي شوال - قضاء عن رمضان أو غيره نذراً أو نفلاً آخر، حصل له ثواب تطوعها، إذ المدار على وجود الصوم في ستة أيام من شوال ... لكن لا يحصل له الثواب الكامل المترتب على المطلوب إلا بنية صومها عن خصوص الست من شوال، ولاسيما من فاته رمضان لأنه لم يصدق أنه صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال) انتهى.
والله أعلم.
إن سنة الرسول الكريم وشرع دين أحمد في خطر وخاصة في بلدنا مدينة زليتن
فقد خرج رجل هذه الليلة ويقول (قد كذب من قال بشرعية الإزار)
وقال إن الرسول لم يأمر بذلك وقد كان يتكلم بكل سخرية عن هذا الموضوع
وقد استمع كلامه الكثير من الناس منهم الجاهل ومنهم العاقل ومنهم من صدقه ومنهم
من لم يصدق، فأرجو منكم أن ترشدوني في كيفية الرد على أمثال هذا الرجل،
كما أرجو دعاءكم في أن تحكم سنة المصطفى وتسود.
الإجابــة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالظاهر أن السائل الكريم يقصد بشرعية الإزار ما ورد من الأحاديث التي تنهى عن الإسبال
وفيه روى الإمام مسلم من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
قلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا؟
فأعاد ثلاثا.
قلت: من هم خابوا وخسروا؟
قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر .
وروى البخاري: ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار .
ولأبي داود: إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين
وما كان أسفل الكعبين فهو في النار .
والرجل الذي تحدثت عنه إذا كان يقصد بما يقول السخرية مما ورد في حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم فهو كافر خارج عن الملة والعياذ بالله
ولك في الرد عليه أن تراجع فتوانا رقم: 6069 .
وإن كان يقول ما يقوله جهلاً منه بالأحاديث الصحيحة في الموضوع
ولا يقصد الاستهزاء بالدين فبين له ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الموضوع وتلطف به، وانصحه بلين ورفق، لعله يرعوي مما هو فيه.
ما هي فتواكم في من يهين الإسلام والرسول الكريم ، ويسفه العقيدة الإسلامية؟
وإذا أردتم أن تروا ذلك فاذهبوا إلى هذه الساحة الحوارية (....... ) .
الإجابــة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن من يستهزئ بالدين، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يسفه عقيدة المسلمين
وهو يعلم مايقول غير مكره عليه ، فإنه يعد كافرا مرتدا عن الإسلام، خارجا من الملة ولو كان هازلاً في كلامه.
قال تعالى:
(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب
قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم
إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين)
[التوبة: 65، 66].
ولقد اطلعنا على الموقع المذكور فوجدناه موقعا مليئا بالإفتراءات والتكذيب
وإثارة الشبهات تارة، والتلفيق تارة أخرى. وكذلك هو منبر ومرتع خصب للمنحرفين.
وجل الشبهات التي يثيرونها وينفثون سمومها، قد أثارها أعداء الدين من قبل.
وقد بين جل وعلا أن التدافع بين الحق والباطل سنة كونية من سنن الحق جل ذكره
لا يتوقف إلا حين يرث الله الأرض ومن عليها، و لن يهدأ أهل الباطل
إلا إذا ترك المسلمون دينهم واتبعوا أهواءهم، قال تعالى:
(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)
[البقرة: 120].
والصراع بين الحق والباطل والخير والشر صراع قديم.
ولقد تعرضت الرسل وأتباعها، وما جاءوا به من شرائع إلى ظلم من قومهم وأعدائهم
بموجات من التشويه والتشويش. وكان النصيب الأكبر والجانب الأعظم من هذه الحملات
الظالمة موجهاً إلى هذا الدين، بوصفه الدين الخاتم، ولكونه آخر اتصال بين الإنسان
وجديد الوحي، وأصبحت السهام موجهة إلى الإسلام وحده، وليس أدل على ذلك من اجتماع
قوى الشرك لصد أهله عن الإلتزام بمبادئه، أو زعزعة أصوله لدى معتنقيه
بل لقد تركوا ما بينهم من صراعات وعداوات جانباً، وتفرغ الكل لحرب الإسلام
فاختفى الشقاق بين اليهودية والنصرانية بخصوص الموقف من المسيح ـ عليه السلام ـ
واتهام اليهود بقتله، حسب ما يزعم النصارى، فقد تمت تسوية هذا الخلاف وتصفيته
حسب ما أعلنه المجمع المسكوني عام 63 وعام 65 من تبرئة اليهود من دم المسيح
وأصبح الإسلام وحده الهدف الذي يتعاون الجميع على الكيد له
والإساءة إليه حتى ممن ينتسبون إليه.
ويتجلى بعض أشكال هذا الكيد فيما يعرف بساحات الحوار التي نرى أن الغالبية منها
لا تقوم على مبادئ سليمة، أو آداب سامية، إنما هي افتراءات وتكذيبات ومعلومات مغلوطة
وإن لبس بعض هؤلاء ثوب العالم ليلقي الشبه، وليبث السم.
وأكثر من يكتب في مثل هذه المواقع المشبوهة إما مكذب للدين صراحة
كأفراخ العلمانيين والمتغربين، أو مفرط في دينه يدعي الوسطية ليشعر نفسه
أنه رجل ملتزم بالدين، وأن ما عليه هو الحق، وما علم هذا المسكين أن الوسطية هي: الالتزام بما في كتاب الله، وما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
بل لقد أصبحت هذه المنتديات مرتعا للمنصرين، ومسرحا لدعوة الناس إلى الباطل
ولا غرابة في ذلك، فقد قال الله جل وعلا:
(ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً
حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا
واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير)
[البقرة: 103].
وقال تعالى:
(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)
[البقرة: 217].
والإثم الأعظم والجرم الأكبر ينصب على صاحب هذا الموقع
وأمثاله ممن جعل ساحاته مرتعاً لكل حاقد، وملاذاً لكل منسلخ من الدين، ويجب أن تهجر
هذه المواقع، فقد يكون في هجرها دواء لأصحاب هذه الأقلام المسمومة، حتى تخبو الجذوة
المتوقدة في أفئدتهم والتي يذكيها الرد عليهم، إلا من وجد في نفسه القدرة الكافية
على دحض باطلهم، ورد افتراءاتهم، وتفنيد ادعاءاتهم، وقطع حججهم
وقد يكون واجبا لمن وجد في نفسه تلك المقدرة أن يدخل لمثل هذه المنتديات
قال تعالى:
(فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين
ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)
[التوبة: 122].
وليس ما يقال من باطل في هذه المنتديات من باب الحرية:
حرية الفكر والتعبير، بل إنها حرية الكفر والتغفيل، فليس من الحرية أن ينسب إلى الدين
ما ليس منه، وليس من الحرية الاستهزاء بالعقيدة أو التفوه بالكفر، وليس من الحرية
التقول على الله بغير علم أو بث سموم الكفر والإلحاد.
وليس من الحرية ادعاء العلم، ولَيُّ أعناق النصوص لتبرير الباطل وتشويه الحق.
هذا والله نسأل أن يهدي كل ضال، وأن يرشد كل مسترشد.
السؤال: ما حكم صوم يوم عرفة بقصد القضاء؟
الجواب: صوم يوم عرفة سنة مؤكدة، وفيه فضل عظيم، قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ).فإن صامه الإنسان تطوعاً فهو خير، وإن صامه قضاءً أي: بأن كان عليه أيام من رمضان فصام يوم عرفة من هذه الأيام التي عليه فلا حرج في ذلك، وأرجو أن يحصل له ثواب القضاء، وثواب يوم عرفة.