سباقٌ مع العدم !

سِباقٌ مع العدم!

سكنُ التوتُّرُ روحي حتَّى بَلغَ أشدها، يغتالني الأرقُ بضراوةٍ بحتة، ويقيمُ السُّهد في جسدي لياليه الطوال، أصبحتُ حسَّاسةً بشكلٍ قبيحٍ للغاية، للحدِّ الذي يجعلني أبكي إذا ما صففتُ شعري بالطَّريقة التي لا أحبها، للحدِّ الذي أودُّ لو أن روحي تنتهي على ألا يموتُ البطل في روايةٍ ما قد أدمنتها، للحدِّ الذي تجتاحني فيه الكآبة إذا ما أتى الليل بجحيم ذكرياته، للحد الذي يجعلني اشعرُ بالاشمئزازِ عند سماعِ اسمٍ أمقته، للحدِّ الذي يجعلني أسخرُ من مأساتي دونما أفكر في إيجادِ طريقةٍ تحلها، فراغٌ عظيمٌ لا حدود له يحيطُني، كما لو أنَّ أحدهم قد ألقى بي في قاعِ البحر، لا روح ستبقى، ولا جسد سيقاوم، الموجٌ وحشٌ لا يمكنُ مطاردته، كما لو أنني أُلقيتُ في فوهة بركانٍ يثورُ بالغضب، فما كان مني سوى أن استسلمتُ لوقعِ حمى النيران، أراني أذوبُ على مهلٍ دون البحث عن محاولةِ واحدة للنَّجاة، أتسابقُ مع العدم، أتناولُ التفكير بدلاً من الأكسجين، أتخطَّى حدود زمنٍ لم يأتي بعد، فانطفاء الروح ليس بالأمر الهيِّنِ قطعاً، وليس بالسهل معالجته، باردةٌ في أشد الأحداث ضراوةً، باهتةٌ في عمقِ مأساتي، ساخرةٌ من نفسي ومما يدور حولي، لا شيء أنتظره سوى الموت، لينقذني من هذا الجحيم، ليلفظني بعيداً عن حدودِ الكوكب وما يحيطُ به.