دون وعود

كنت أنتظر أن أقع في الحب على شباك منزلنا كما المراهقات الطائشات أن تغريني أغنية وتتآمر الصدف ويأتي ابن جيراننا الوسيم مبتسماً على الشرفة المقابلة، يرمي لي الرسائل بملاقط الغسيل وتفاجأ أمي بكثرتها لتسألني وأخبرها أنه طفل جارنا الشقي
أو أن أقع بحب زميلي في الثانوية لمجرد دفاعهِ عني أمام أستاذِ الكيمياء بعد أن كسرتُ قواريراً زجاجية في المختبر نتيجة ارتجاف يدي حين رأيته آتياً آخر الحصة بعد غيابِ أسبوع
أو أن أحب صديقي في الجامعة بعد أن كان أول من صادفتهُ عندما دخلت الكليّة، والذي من وقتها لم يتركني وحيدةً، رافقني كظلي كحارسي الحامي وكملاكي السماوي الذي بعثهُ الله ليكون حبي الواعي
أو أن أحب رفيقي في العمل الذي شعرتُ بوده من أوّل يوم، والذي فعلَ لأجلي الكثير، وأنجز عني الكثير من الأعمال،كان رجلاً منفتحاً يعلم أن المرأةَ لم تخلق للطبخ والإنجاب
كان عليّ أن أقع في حبهم جميعاً دون هروبي منهم في اللحظة الأخيرة كما لو أنني أنتظرُ شخصاً آخر، حلماً آخر كما لو أنني أدركتُ أن الأشياء الأولى لا تستحق وهبها للراحلين، لا أعلم لما جزمتُ برحيلهم رغم أنهم عاهدوني جميعاً على البقاء! 🖤
كان من المفترض أن أحافظَ على قلبي رغم بلوغي سنّ العشرين، لكنني للأسف فشلت! وأعترف بفشلي الآن، فقلبي الذي كابدَ الوحدة لم يستطع الصمود أمامهُ، لم يكتب لي رسالةً موضوعةً بملقط غسيل ولم يكن بطلي الذي دافع عني في الثانوية ولم يكن ملاكي الحامي في الجامعة ولا السند الذي يحمل عني أعبائي في العمل، لم يعاهدني! لم يعدني بعدمِ الرحيل، لم يفعل شيئاً مما ذكرت إلا أنّه فعل شيئاً وحيداً لم يستطع غيرهُ فعلهُ "علم كيف يسرق القلب "وعلم كيف يُشعر أنثى بالأمان دون وعود !