الإسبال هو إطالة الثياب أسفل من الكعبين وهما العظمان الناتئان البارزان في أسفل الساق.
ما حكم إسبال الثياب؟
ج/ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعدُ؛
أما إسبال الثياب في حق الرجال فإنه على صورتين:
الأولى: الإسبال خيلاءً، وهي محرمة اتفاقًا.
الثانية: الإسبال بغير خيلاء، وفيها خلاف مشهور، والذي عليه السادة الشافعية أنه مكروه كراهة تنزيه، وقد نص على ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه في «البويطي»، وكذا النووي في «المجموع» و«الروضة»، وشيخ الإسلام زكريا في «الأسنى»، والهيتمي في «التحفة»، والخطيب في «المغني»، والرملي في «النهاية».
• قد وردت نصوص مطلقة في النهي عن الإسبال ونصوصٌ مقيَّدةٌ بالخيلاء، مع اتحاد السبب واختلاف الحكم، والمطلق محمول على المقيد في هذه الحالة عند جماعة كثر من الأصوليين من السادة الشافعية وغيرهم، وليس ثمَّ إجماع على هذه الحالة كما دلل الزركشي وغيره، بل قال الإسنوي: «كلام أصحابنا في الفروع يدل على الحمل».
• قول النبي ﷺ لأبي بكر رضي الله عنه: «إنك لست تصنع ذلك خيلاء»، فقوله صلى الله عليه وسلم: «إنك» نصٌّ ظاهرٌ في العلية، ومن المقرر عند الأصوليين أن علية الوصف المناسب تمنع من علية الوصف العارض، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلل الحكم بوصف عارض، فدل الحديث على أن العلة من انتفاء الحرمة انتفاء الخيلاء.
• ما أخرجه ابن أبي عاصم وغيره عن أبي إسحاق السبيعي أنه قال: «رأيتُ ابنَ عبَّاس - رضي الله تعالى عنه - أيام منى طويل الشعر، وعليه إزار فيه بعض الإسبال، وعليه رداء أصفر»، وإسناده حسن، وليس فيه مغمز إلا أن شريك بن عبد الله النخعي قد تغير لما تولى القضاء ببغداد، إلا أن الراوي عنه هنا واسطي، وأهل واسط سماعهم من شريك قديم كما قال ابن حبان وغيره، فلا يعل الأثر بذلك، وقد حسنه الهيثمي في «المجمع».
• ما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي وائل أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يسبل إزاره، فقيل له، فقال: «إني رجل حمش الساقين»، وقد جوده الحافظ في «الفتح»، وله طريق أخرى عن أبي وائل عند ابن عساكر وغيره، وفيها قصة.
قال ابن منــــــظور في «لسان العرب»: « يُقالُ: أسبلَ فلانٌ ثيابَه إذا طوَّلَها وأرسلَهَا إلى الأرض».
ومن ثم فالإسبال إذا انتفت الخيلاء كان مكروهًا كراهة تنزيه، وليس محرمًا، بيد أن الأولى والأكمل والأفضل التزام سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم باجتباب إسبال الإزار، والخروج من الخلاف؛ إذ الخروج من الخلاف مستحب بشرائطه المخصوصة كما نص الأصحاب وغيرهم.