هجَرْتُ بحورَ شِعْرِكَ يا خليلُ

هجَرْتُ بحورَ شِعْرِكَ يا خليلُ
وقَلْبي في قواربِها ذَليلُ
يَراعِي عَقَّني ما انْسابَ شِعْرًا
وقد ولَّى الصِّبا أفَلا يَسيلُ

أُداري خافقِي ولهُ شُجُونٌ
عتيقاتٌ مُحيَّاها عليلُ

على زَمَنِ الشَّبابِ بَكَتْ عُيُوني
ومِنْ وَهَنِ المشِيبِ أنا كليلُ

جريحٌ والأَسَى يجتاحُ عُمري
صغيرُ الهمِّ في عيني جليلُ

حزينٌ والضَّياعُ غَزا حُرُوفي
إذا ضاع اليَراعُ فَمَنْ يَعُولُ

ومَنْ يروِي صَباباتي وحُبِّي
وأشواقي القديمةَ يا خليلُ

أراكَ سَكَتَّ لمْ تأْبَهْ لسُؤْلي
وبعضُ الصَّمْتِ عن عَجْزٍ دَليلُ

عَهِدْتُكَ سِحْرَ تِبْيانٍ وَوَجْدٍ
وأنت لِبَثِّ مُشتاقٍ سبيلُ

فما لَكَ يا يَراعُ عَصَيْتَ قَلْبي
وكُنْتَ صَفِيَّ رُوحي يا مَلُولُ

لِلَحْنِ صَرِيرِكَ المحبوبِ عِنْدي
مكانٌ قَدْ أمُوتُ ولا يَزُولُ

بِقَلْبي حِبْرُكَ السَّيَّالُ يَجْري
إذا ما غِبْتَ يَحضُرني ذُهولُ

شُموخُكَ بين أوْراقي معنَّى
يُسائل أيْنَ أصْحابي الفُحُولُ

تَمطَّى صَهْوتي الأغرارُ وَيْحِي
أيقسم بي فيقسمني الجَهولُ

فكيف نبُثُّكَ الأحْزانَ مِنَّا
وأنت لحُزْن يَعْقُوب السَّليلُ

إذا عتَبَ الفؤادُ عليكَ فاعْلَم
كثيرُ عتابِنا فيكم قليلُ

وأطْمَعُ بعد هِجْرتِكُم بِفَتْحٍ
وقَدْ يُرْجَى من الغَيْم الهُطولُ