منتديات قلب فلسطين - عرض مشاركة واحدة - وهم وحقيقة " قصة قصيرة "
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-29-2019
عدي بلال غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1217
 تاريخ التسجيل : Jun 2019
 فترة الأقامة : 2337 يوم
 أخر زيارة : 07-28-2025 (04:48 PM)
 العمر : 53
 المشاركات : 4,995 [ + ]
 التقييم : 1983
 معدل التقييم : عدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant futureعدي بلال has a brilliant future
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي وهم وحقيقة " قصة قصيرة "




أهدي هذا النص إلى أ. سارة المصرية .. مع التحية


وهم وحقيقة
قصة قصيرة ..

في الطريق المؤدي إلى القرية، وخلف أشجار الأماني، كما يسمونها أهل هذه القرية، قعدت ( هندٌ ) وبيدها تلك التمائم، التي أعطتها لها ( الست مبروكة )، بعد أن مارست هذه الاخيرة طقوس سحرها وشعوذتها عليها.

منذ عشرون سنة، وسكان هذه القرية، البسطاء طبعهم، والطيبة قلوبهم، يلجؤون إليها، كلما حلّ بهم خطبٌ، أو أتعبهم رجاءٌ، أو حتى أمنية صعب عليهم تحقيقها.

فتراها تُملي عليهم ما يرضي عنهم الأسياد من الجن والعفاريت، ( حيزوق ) و ( ميزوق )، وأسماءٌ لا يعرفها إلاّ إياها.

اختلفت الروايات عن ( الست مبروكة ) ..
البعض يحدثك عن شفاء ولده، بعد أن زارها وذبحت على رأسه دجاجة سوداء ..!
وآخرٌ يحدثك عن رجوع ولده الغائب منذ سنين، بعد أن أمرته بألاّ يقرب الماء شهراً بأكمله..!
وآخرٌ يلوم نفسه، بعد أن تعسر سفره إلى بلاد الخليج، لرفضه دفع المال إلى الأسياد، وغضبهم منه ..!

كانت ( هند ) معلمة، في مدرسة القرية الابتدائية، وقد هامت حباً بالأستاذ ( إبراهيم ) منذ قدومه إلى قريتهم قبل عامين، لكنه لم يحرك ساكناً نحوها، ومنعها حياؤها أن تكون المبادرة في إظهار مشاعرها نحوه.

حين وقفت أمام بيت ( الست مبروكة ) هذا الصباح، تمتمت
" ما حيلتي ..؟!، حاولت أن ألفت انتباهه لي بشتى الطرق، لكنه لا يراني إلاّ زميلته في العمل، سامحني يارب "

ظلامٌ، وبخورٌ، وبعض عظامٍ، والعرافة تجلس على كرسي عند طرف الغرفةِ، بشعرها الأشعث، وهيئتها التي بعثت في نفسها الخوف من القادم.

همت بمغادرة الغرفة، وشعرت ببعض الندم، لكن حبها، وكلمات هذه العرافة استوقفتها
" تعالي يا هند .. ولا تقولي شيئاً، أعرف لمَ أتيتِ إلى هنا، وطلبك مجاب .. "

قالت جملتها وألقت ببعض ما بيدها في طبق فضي أمامها، فانبعث البخور بكثافة حتى غطى وجهها ..

" مدي يدكِ، وخذي هذا الحجاب، وافعلي ما يأمركِ به " حيزوق " ، خلف أشجار الاماني عند غروب الشمس تماماً .. انصرفي انصرفي "

حملت ( الحجاب ) وأطلقت ساقيها للريح، وهي تتمتم " أرأيت ما أوصلني إليه حبك يا " إبراهيم " .. آه من حبك، ولكن لا يهم .. غداً سوف تقع بغرامي، ولا ترى أحداً سواي "

وبينما هي غارقة في تفكيرها في انتظار لحظة الغروب، رابها صوت أقدام تمشي في اتجاهها، وسمعت أحدهم ينادي ويسأل " من هناك ...؟ "

شعرت بالخوف والخجل في الوقت ذاته، وازداد خفقان قلبها، واضطرابها، حين أدركت بأنه صوت الأستاذ " إبراهيم " ..!

حرثت رأسها فكراً تبحث عن سبب مقنع لتواجدها هنا، فقاطعها صوته بعد أن رآها ..
" هند ..! ماذا تفعلين هنا ..؟! "

مدت يدها فانتشلها من خلف الأشجار، إلى الطريق العام، ثم قالت له
" سأخبرك .. ولكن عدني بأن تحفظ السر، ولا تبح به أبداً " ، ففعل .

رتبت هندامها في ارتباكٍ، والافكار تتسارع في رأسها، حتى اهتدت إلى حجة تخبره بها، فقالت:

" إنها جارتنا " أم محمود " ، تلك السيدة العجوز، تخشى أن يتزوج عليها رجلها بأخرى، وأنت تعلم بأنها لا تقوى على الحركة .. و .. و ...
أوصتني أن أذهب إلى ( الست المبروكة ) وأن أصنع لها حجاب، سامحها الله .. و .. و ..
وأنا طبعاً لا أصدق هذه المشعودة أبداً أبداً .. و ... و .. أشفقت عليها ..
وقد اتيت إلى هنا كما رأيتني لأضع لها الحجاب.. يا لها من سيدة مسكينة " أم محمود "
أليس كذلك ..؟ "

كان يستمع إليها في استغرابٍ وتعجب، وهز رأسه وقال في تنهد

" هيا بنا إلى القرية، فالليل قد أرخى سدوله "

قال جملته الاخيرة وقد لمعت عيناه مع مرور شهاب في السماء

" أتعلمين .. يقال بأن الشهب تتساقط على الأرض لتترصد بالعفاريت.. تصدقين ..!؟ "

خُيل لـ هند بأنها تطير في السماء فرحاً، حين أمسك يدها للمرة الاولى، وأشرقت ابتسامتها، ولمعت عيناها حباً .. وقالت : ربما .. لكنني لا أصدق عفاريت الست مبروكة .

ابتسم لها .. ومضيا يحثان الخطا إلى القريةِ، وبينما هما كذلك ..

مد يده في باطن جيبه، يتلمس حجاب الست مبروكة ..! وتمتمت شفتاه

" أما أنا فأصدق عفاريتها .. يا حبيبتي " ..!

تمت



 توقيع : عدي بلال

ولعل ما تخشاه ليس بكائنٍ ... ولعل ما ترجوه سوف يكونُ

رد مع اقتباس